سلاح الجو الاسرائيلي ينهي مناورة مع نظيره اليوناني هدفها التحليق فوق مناطق جبلية غير معروفة

سلاح الجو الاسرائيلي ينهي مناورة مع نظيره اليوناني هدفها التحليق فوق مناطق جبلية غير معروفة
غزة - دنيا الوطن
على خلفية العلاقات المتوترة وشبه المنقطعة مع تركيا بسبب الاعتداء الغاشم على السفينة التركية (مرمرة) في الحادي والثلاثين من شهر (ايار) مايو الماضي واستشهاد واصابة العشرات من المتضامنين مع الاهالي الفلسطينيين في قطاع غزة، واساءة معاملة السفير التركي بتل ابيب، يبدو ان اسرائيل لا تضيع وقتا ابدا، حيث بحثت وبشكل سريع عن حليف استراتيجي جديد ووجدت ضالتها مؤخرا في اليونان.
وفي هذا السياق قالت الجمعة صحيفة 'هآرتس' انّ المروحيات القتالية التابعة لسلاح الجو الاسرائيلية، انهت يوم الخميس، مناورات مشتركة استمرت مدة اسبوع مع سلاح الجو اليوناني.
يذكر ان هذه المناورات هي الثانية من نوعها خلال العام الحالي، وهو ما يشير الى التطور المتواصل في التعاون الامني بين اسرائيل واليونان، بشكل مواز لتأزم العلاقات بين اسرائيل وتركيا.
ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع المستوى في سلاح الجو الاسرائيلي قوله ان هدف المناورة المشتركة، التي اجريت فوق جزيرة كريت والبلوبونيز، هو تدريب الطيارين على التحليق فوق مناطق جبلية غير معروفة بعيدا عن حدود البلاد. وبحسب المراسل العسكري للصحيفة، انشيل بيببير، فانّ 8 مروحيات اسرائيلية شاركت في المناورة، بينها مروحيات من نماذج (بلاك هوك) و(اباتشي لونغبو). واجرت المروحيات مناورات هجوم وانقاذ بعيدة المدى، الى جانب مروحيات قتالية اخرى ومروحيات امداد تابعة لسلاح الجو اليوناني، والتي لعبت دور مروحيات العدو في المناورة. كما اجريت تدريبات على الهبوط والاقلاع في مناطق جبلية وفي ظروف جوية متغيرة.
واشار ضباط اسرائيليون شاركوا في المناورة، في حديثهم للصحيفة العبرية، الى ما اسموها بالجاهزية العالية لدى الجانب اليوناني في التعاون مع نظرائهم الاسرائيليين في كافة مراحل المناورات. ولفتت الصحيفة الى انّ مناورة مماثلة قد اجريت في ايار(مايو) الماضي في المنطقة ذاتها، الا ان المناورة لم تستمر، وجرى وقفها مع ارتكاب مجزرة اسطول الحرية.
واشارت الصحيفة الاسرائيلية الى ان اليونان تمثل التعاون المتزايد بين الجيش الاسرائيلي وبين الجيوش التابعة لحلف شمال الاطلسي في السنوات الاخيرة، بشكل مواز لتراجع النشاطات العسكرية المشتركة مع الجيش التركي.
كما تجدر الاشارة في الوقت نفسه الى ان تركيا قد اجرت مناورة، الشهر الماضي، كانت تجرى سنويا بمشاركة اسرائيل الدائمة، الا انه بدلا من مشاركة الطائرات الاسرائيلية والامريكية فقد شاركت طائرات صينية من طراز (سوخوي) وصلت تركيا عن طريق ايران.
وبحسب المصادر السياسية والامنية في تل ابيب فانّ الدولة العبرية وجدت ضالتها في اليونان لتحل محل تركيا كحليف استراتيجي وبديل متميز في منطقة الشرق الاوسط وشرق اوروبا، وذلك في اعقاب القطيعة مع تركيا سواء من حيث الاحلاف العسكرية او التعاون اللوجستي مع المخابرات التركية او التعاقدات التجارية والاقتصادية والسياحية، حيث رأت تل ابيب ان اليونان لا تقل اهمية عن تركيا كحليف استراتيجي وصديق متميز ومتفاهم، فاليونان عضو في حلف الناتو وترتبط بعلاقات قوية ومتميزة مع الدول العربية والاسلامية، كما سبق وتودد الاسرائيليون واليهود الى رئيس الوزراء اليوناني جورج بباندريو، فيما يتمتع الاخير بعلاقات قوية مع شركات وشخصيات يهودية واسرائيلية كثيرة ايضا، حيث تدّعي المصادر الاسرائيلية ان بباندريو عرض على اسرائيل ان تحل اليونان محل تركيا كحليف عسكري وصديق استراتيجي ولوجستي لاسرائيل في المنطقة، وتقديم مميزات اقتصادية وتجارية وعسكرية ومخابراتية لتل ابيب، على غرار الاحلاف العسكرية والتجارية التي كانت ولا تزال بين تركيا واسرائيل.
وزادت المصادر ذاتها قائلة انّ رئيس الوزراء اليوناني عرض على اسرائيل ان يحل الجيش اليوناني محل الجيش التركي في علاقته القوية بالجيش الاسرائيلي، ففضلا عن كون اليونان عضوا في حلف الناتو، فهي القوة العسكرية في الجنوب من القارة الاوروبية، وجيشها مدرّب على اعلى المستويات العسكرية، كما ان الخلافات الحدودية بين تركيا واليونان محل اهتمام اسرائيلي ايضا، حيث اكدت المصادر الاسرائيلية على ان العلاقات اليونانية الاسرائيلية تمتعت بالقوة والنضج منذ اب (اغسطس) عام 2008، حينما اجرى الجيش الاسرائيلي مناورات جوية فوق الاجواء اليونانية، بما يزيد عن 100 طائرة اسرائيلية من نوعي اف 15 واف 16، والتي تماثل نظيرتها في الجيش اليوناني ايضا، حتى ان منظومة الدفاع اليونانية المضادة للصواريخ اس 300 استخدمها سلاح الجو الاسرائيلي في تلك المناورات، وهي المنظومة التي تشبه نظيرتها الايرانية في حال حصول طهران عليها من روسيا بموجب اتفاق وقّع بين الطرفين الايراني والروسي في عام 2005، من اجل صد اي هجمات اسرائيلية محتملة على الاراضي الايرانية.
وكانت تل ابيب اعلنت مؤخرا عن انّه سيتم قريبا تشكيل لجنة مشتركة بين اليونان واسرائيل للتعاون الاستراتيجي بهدف تعزيز العلاقات العسكرية والامنية والتجارية بما في ذلك تبادل الخبرات العسكرية واجراء مناورات مشتركة.
ويأتي هذا الاعلان في اعقاب زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى اليونان هي الاولى التي يقوم بها رئيس وزراء اسرائيلي لهذا البلد. وبحسب المصادر في تل ابيب، ستدرس اللجنة سبل اعطاء دفع للتعاون الثنائي في مجالات تنسيق الاستراتيجية ومكافحة الارهاب والتسلح ومهمات التدريب المشتركة والشق المدني. وقال مسؤولون اسرائيليون ان فريقا من الخبراء في العلاقات الامنية والتجارية سيجتمعون قريبا لوضع التفاصيل الاخرى.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد اكد لدى عودته من الزيارة التاريخية لليونان على انّ الدولتين تبدآن فصلا جديدا مشيرا الى انه سيعاد النظر في التعاون الثنائي بين البلدين لتحسينه خصوصا في المجال الامني، موضحا ان وزير الدفاع اليوناني سيزور اسرائيل قريبا.
وزاد ان تعزيز التعاون سيتعلق بـالدفاع والامن وقطاعات السياحة وادارة المياه وموارد الطاقة المتجددة. وقال مسؤول اسرائيلي ان محادثات نتنياهو مع نظيره اليوناني جورج باباندريو استكشفت امكان اقامة تعاون عسكري اكبر بين الصناعات العسكرية والجيشين في البلدين. وعلى رغم ان اسرائيل تبدو حريصة على توسيع علاقاتها مع اليونان نتيجة تدهور علاقاتها مع تركيا في الفترة الاخيرة، اكدت المصادر الاسرائيلية ان هذا التقارب لن يتم على حساب علاقات تل ابيب مع انقرة التي توترت بعد الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة في 2008، ونتنياهو اول رئيس وزراء اسرائيلي يزور اليونان التي لم تقم علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية الا في عام 1990 متأخرة عن الدول الاوروبية الاخرى.
ووقعت اسرائيل واليونان اتفاقا للتعاون العسكري عام 1994. وفي 22 تموز (يوليو) الماضي قام رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو بزيارة غير مسبوقة لاسرائيل.

التعليقات