مصر: إلغاء آخر رموز الاشتراكية.. المدعي العام الاشتراكي

غزة-دنيا الوطن
قررت الحكومة المصرية بشكل رسمي إلغاء آخر مظاهر الاشتراكية، وهو نظام المدعي العام الاشتراكي المستقى من نظام البروكاتورا (المدعي العام في النظام الشيوعي) السوفياتي، وذلك بتقدمها للبرلمان أخيراً بطلب لإلغاء قانون «المدعي العام الاشتراكي» الذي استحدثه الرئيس الراحل أنور السادات عام 1971، وتمكن من خلاله من ضرب خصومه السياسيين في ذلك الوقت، كما استمر تطبيقه في عهد الرئيس المصري الحالي، حسني مبارك، على عديد من الشخصيات من عصمت السادات، شقيق الرئيس الراحل (في أوائل الثمانينيات)، إلى رجال أعمال ونواب بالبرلمان منذ بداية الألفية الجديدة، أشهرهم ممدوح إسماعيل، مالك العبّارة التي تسببت في غرق نحو ألف مصري في البحر الأحمر العام قبل الماضي.

ومنذ وافقت أغلبية الشعب المصري في استفتاء عام، سنة 2007، على اقتراح الرئيس مبارك بتعديل 34 مادة في الدستور، من بينها حذف الباب السادس منه والخاص بـ«المدعى العام الاشتراكي»، كانت الحكومة المصرية تبحث عن صيغة قانونية تحل بها مشكلة آلاف القضايا التي يفحصها جهاز المدعي العام الاشتراكي، حتى توصلت أخيراً إلى مشروع قانون يحيل سلطة التحقيقات في قضايا الأحزاب السياسية، والمخولة لـ«المدعي الاشتراكي»، بناء على طلب لجنة شؤون الأحزاب، إلى النائب العام. وقال مشروع انتهت منه الحكومة وسيناقشه البرلمان مع نهاية هذا الأسبوع، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه تقرر إلغاء «القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وقانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1981». كما تقرر أن.. «تؤول لإدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل، الشكاوى والتحقيقات المقيدة بجداول جهاز المدعي العام الاشتراكي والتي لم يتم الانتهاء منها (بعد) لتتولى التصرف فيها». كما تقرر بحسب مشروع القانون أن «يستمر العمل بأحكام الباب الثالث من قانون حماية القيم من العيب إلى حين انتهاء محكمة القيم والمحكمة العليا للقيم من الفصل في الدعاوى» المنظورة أمامها، إذ سيمثل الادعاء أمامها «إدارة الكسب غير المشروع»، «لا المدعي العام الاشتراكي»، وبذلك ستعتبر كل من محكمة القيم والقيم العليا ملغاة بمجرد الانتهاء من ما أمامها من قضايا.

ومع إن المستشار رجاء العربي النائب العام المصري الأسبق، والعضو الحالي في مجلس الشورى، استبعد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس ما تردد بين نواب بالبرلمان عن مخالفة التعديلات الجديدة للدستور المصري بسبب إحالة اختصاصات المدعي العام الاشتراكي لجهة إدارية هي «إدارة الكسب غير المشروع (التابعة لوزارة العدل)»، إلا إن المستشار «العربي» قال إن «الحَكم في هذا الموضوع هو مجلس الشورى حين يعرض عليه مشروع القانون في جلسة عامة من المرجح أن تكون يوم الأربعاء المقبل». وأضاف: «نظام المدعي العام الاشتراكي كان وضعاً استثنائياً، لكن كان له أساس في الدستور.. المفروض أن يكون في مصر مدع عام واحد، وهذا ما سيقرره التعديل القانوني الجديد»، مشيراً إلى أن «إدارة الكسب غير المشروع هي أيضاً (جهة) قضائية». وقال النائب اليساري، وعضو اللجنة العامة في مجلس الشعب المصري، كمال أحمد، لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التعديل المقدم من الحكومة بإلغاء المدعي العام الاشتراكي، وهو جهاز سياسي، غير حقيقي في جوهره، لأن نقل اختصاصه لإدارة الكسب غير المشروع.. «هو بقاء للمدعي العام وازدواجية في القضاء.. جهاز الكسب غير المشروع هو جهاز إداري تابع لوزير العدل.. هذا الأمر غير دستوري ومخالف لما طالب به رئيس الدولة.. المطلوب هو إلغاء مهام (المدعي العام الاشتراكي) وليس مجرد إلغاء اسمه، المطلوب أن تعود كل الأمور إلى القاضي الطبيعي».

من جانب آخر قال وزير العدل المصري، ممدوح مرعي، في مذكرة إيضاحية للمشروع الحكومي بإلغاء العمل بنظام المدعي الاشتراكي، إن الهدف يأتي استلهاما لتطورات المجتمع خلال العقود الأخيرة في الرؤى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، و.. «رغبة في تكريس سلطات القضاء وتوطيداً لمبدأ القاضي الطبيعي».

على صعيد متصل طالب النائب طلعت السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات في اقتراح أرسله لرئيس مجلس الشعب، الدكتور أحمد فتحي سرور، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بإنشاء جهاز تحت اسم «جهاز المدعي العام السياسي»، كبديل للمدعي العام الاشتراكي المقرر إلغاؤه رسمياً خلال أيام، قائلاً إنه سيكون من بين اختصاصاته ملاحقة أي من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وأعضاء مجلس الوزراء مِمَن يشتبه في مخالفتهم لمواد الدستور التي تجرِّمُ التربح من المنصب أو تعامل شركات المسئول النيابي أو الحكومي مالياً مع الدولة، وأن الجهاز السياسي المقترح سيكون من اختصاصه أيضاً الإشراف على كل من «المجلس الأعلى للصحافة»، و«لجنة شؤون الأحزاب (السياسية)».

التعليقات