أبرز عمليات الاغتيال للموساد الاسرائيلي بقلم:د . سمير محمود قديح

أبرز عمليات الاغتيال للموساد الاسرائيلي

د . سمير محمود قديح

باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

يبدأ تاريخ الموساد عام 1897 في بال بسويسرا، سعيا لتحويل الاقلية اليهودية التي كانت قائمة في فلسطين إلى أغلبية، وذلك عن طريق تهجير يهود أوروبا بطرق شرعية أو غير شرعية ليصبح هناك "شعب يهودي في فلسطين وتحويل هذا الشعب اليهودي الى مالك للأرض التي لم يكن يملك منها اكثر من اثنين في المائة عام 1917 أي حتى صدور وعد بلفور".

ففي عام 1901 أنشأ المؤتمر الصهيوني الخامس صندوقا خاصا يحمل اسم (صندوق اسرائيل الأزلي) لشراء الاراضي من ملاكها العرب وتحويلها الى أراض مملوكة للشعب اليهودي (ملكية أزلية) غير قابلة للانتزاع تحت أي ظرف في المستقبل، وبالفعل تمكن الصندوق من الاستحواذ على الاراضي الفلسطينية بوسائل الترهيب والمذابح حتى استطاع في عام 1947ـ عام صدور التقسيم ـ ان يضع يده على ما يعادل 6% من مجموع مساحة الارض الفلسطينية، وقد اصدرت اسرائيل قانونا في 15 اكتوبر (تشرين الأول) 1948 يبيح لوزير زراعتها ان يضع يده على الاراضي الزراعية العربية (المهجورة) أي التي تحول اصحابها الى لاجئين وتوزيعها على من يختاره من المزارعين اليهود، وفي 12 ديسمبر(كانون الأول) من عام 1948 صدر قانون اخر يبيح وضع اليد على الاملاك العربية (المهجورة) في المدن، وبذلك انتقل 40 الفا آخرين للاقامة في بيوت الفلسطينيين في يافا. وفي نهاية عام 1949 كانت جميع بيوت الفلسطينيين الشاغرة قد اصبح سكانها نزلاء جددا من اليهود بالاضافة الى الاستيلاء على البيوت والمخازن والمستودعات ووسائل النقل والمصانع والورش والفنادق والمطاعم والمقاهي ودور السينما.

وفي الكتاب انه في الوقت الذي تدفق فيه على فلسطين 350 الف مهاجر يهودي اضافي عام 1949 ارتفع عدد النازحين من الفلسطينيين الى 900 الف منهم 485 ألفا نزحوا الى الاردن و128 ألفا نزحوا الى لبنان و83 ألفا الى سورية فضلا عن 200 الف نزحوا من مدنهم وقراهم الاصلية الى قطاع غزة، وفي المقابل تضاعفت هجرة اليهود الى فلسطين بعد ان اصدرت اسرائيل قانون العودة في يوليو (تموز) 1950.

ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تبنت اهدافا وأغراضا تفوق قدرة دولة صغيرة مثل اسرائيل، وكانت هذه العناصر بمثابة عيون وآذان لها سواء في الخارج أو الداخل، الى جانب ذلك فقد أصبحت أجهزة الاستخبارات ذراع السلطة السري الذي يستطيع ان ينفذ أية مهمة تهدف الى مصلحة الشعب اليهودي وأمنه وسياسة الحكومة، وأصبح جهاز البوليس السري، أداة لاثارة الانقلابات ولاعمال العنف وللتدخل السري في شؤون الدول لاسيما العربية.

ففي عام 1920 انشأت الوكالة اليهودية فروعا لها في القدس ولندن ونيويورك وجنيف وباريس وبرلين والقاهرة، وتولى المكتب السياسي فيها الكولونيل (كيس( الذي قام ببناء منظومة الجاسوسية اليهودية العالمية. واستغل حماس اليهود لانشاء الوطن القومي فجند منهم اعدادا كبيرة في فلسطين وغيرها وراحت فروع شبكاته تتستر وراء هيئات ومسميات مختلفة، اشهرها نوادي (الكابي) وهي نواد رياضية بعيدة عن الشبهة، وكان الاسم الرسمي لهذه المنظومة هو (الهاجانا) وضمت ثلاثة اقسام:

- قسم وحدات (الهاجانا) العسكرية للقتال،الذي تحول فيما بعد الى (جيش الدفاع).

- قسم وحدات (البالماخ) لاعمال التخريب والكوماندوز.

- قسم وحدات شاي أي خدمات المخابرات.

وتولى بن جوريون منصب رئيس الوكالة اليهودية وزع أعمال المخابرات والتجسس على عدة اقسام :

- القسم العربي برئاسة مؤشر شاريه وكان يختص بجمع المعلومات عن العرب.

- القسم السياسي برئاسة روبين شيلواح.

- القسم العسكري برئاسة ايسير بعيري.

ان جهاز الموساد أنشئ عام 1937 عقب الانتهاء من المؤتمر المشترك لقيادة حركة العمال الاشتراكيين وقيادة الهاجانا واطلق عليه حينئذ (موساد ليلياه بيث)، أية منظمة الهجرة الثانية، وتم تدشين اول مركز فعلي لقيادة الموساد في جنيف ثم انتقل الى اسطنبول، وبعد قيام الدولة العبرية قرر بن جوريون رئيس الوزراء اعادة تنظيم اجهزة الامن، وكان أن حصل الموساد على استقلاله الذاتي ليقف على قمة اجهزة المخابرات والخطف والاغتيالات والفضائح.

يتناول الجزء الاول بعض عمليات الخطف التي قام بها الموساد في حق العرب واخرين، ومنها اختطاف اشخاص وسفن وطائرات، اضافة الى سرقات بأساليب النصب والتحايل ومن اشهر قضايا الاختطاف التي يذكرها الكتاب قضية خطف المناضل المغربي المهدي بن بركة وقتله في باريس والتي ظهر تورط اكثر من 25 شخصا فيها بينهم بعض ضباط المخابرات الفرنسية ومسؤولون مغربيون، وادين فيها المغربيان العقيد احمد الدليمي والجنرال محمد أوفقير الذي ذهب سرا الى اسرائيل لابداء رغبته للموساد في تصفية زعيم المعارضة (بن بركة( الذي يقيم بسويسرا لإزاحة الملك من الحرج الدولي الذي يواجهه بسبب تصريحات بن بركة، وهو ما رحبت به الموساد على الفور.

ويشير الفالوجي ايضا الى عملية اختطاف عبد الله اوجلان زعيم الحزب الكردستاني من كينيا والتي تمت بالتعاون مع الاتراك. وفي حين انكرت اسرائيل علاقتها بحادث الاختطاف، اعترف وزير العدل اليوناني (ايفان نجيلوس يانوبولوس) بخرق جهاز الموساد للمخابرات اليونانية.

ومن عمليات الاختطاف الاخرى خطف الطائرة الميج 21 العراقية والميج 23 السورية والميج 29 البولندية وزورق الصواريخ من فرنسا وسرقة تصميمات الطائرة ميراج 3 في فرنسا وسرقة الصاروخ اكسوسيت من تشيلي.

ويتناول الجزء الثاني بعض عمليات الاغتيالات التي قام بها جهاز الموساد ضد الاشخاص، مشيرا الى انه اذا كانت المذابح عند زعماء اسرائيل اهم وسائل تفريغ فلسطين من سكانها قبل 1948، فإن الاغتيال السياسي للشخصيات الفلسطينية وسيلة لا تقل أهمية.

وتجدر الاشارة الى ان المخابرات الاسرائيلية استخدمت كل اساليب الاغتيال للتخلص من الرموز والثوار العرب، وكان لكل هدف مطلوب تصفيته اسلوب معين، بداية من المسدسات مرورا بالقنابل التي تتفجر آليا عند تشغيل السيارة والقنابل الموقوتة وانتهاء بالتفجير عن بعد بالريموت كونترول والطائرات بدون طيار )كما حدث في عملية اغتيال أمين عام حزب الله السيد عباس الموسوي عام 1992) وقنابل الطرود والرسائل البريدية والخطف ثم القتل (كما في حالة داني سعيل) والقتل في ظروف غامضة (كما حدث لعالم الذرة المصري يحيى المشد وللطيار العراقي محمد زغلوب).

وقام الموساد بعمليات اغتيال استخدم فيها مسدس البرتا في العديد من عملياته اشهرها حادث اغتيال الدكتور اسماعيل راجي الفاروقي الفلسطيني المقيم باميركا في 27 مايو( أيار) 1986 عندما طرق بابه بعض الاشخاص وقتلوه وزوجته. واستخدم السلاح نفسه في اغتيال وائل زعيتر ممثل منظمة التحرير في إيطاليا في 17 فبراير(شباط) 1972 بروما وايضا سعيد الحمامي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لندن في 4 فبراير 1978، وكذلك عز الدين القلق ممثل منظمة التحرير الفلسطينية بمكتبه في باريس في اغسطس (آب) 1978.

وبطريقة القنبلة الموقوتة، اغتال الموساد المخرج الجزائري محمد بوضياء رجل منظمة ايلول الاسود في باريس، وايضا الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، وماجد أبو شرار الذي لبى دعوة لالقاء كلمة في المؤتمر العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في روما، في اكتوبر 1981 وعند عودته الى الفندق كان رجال الموساد قد انتهوا من زرع القنبلة اسفل سريره، وبمجرد ان القي جسده المرهق على السرير حدث وميض هائل اعقبه انفجار سريع.

اما اشهر من اغتالهم الموساد بطريقة التفجير عن بعد، فهم علي حسن سلامة وعبد العزيز الرنتيسي والشيخ احمد ياسين. ومن عمليات الاغتيال نذكرعمليات اغتيال العلماء العرب مثل: د. مصطفى مشرفة، د. سميرة موسى، د. حمود الجمال، د. سمير نجيب، د. نبيل القليني، د. نبيل فليفل، د.سعيد بدير، د.يحيى المشد، وسائد عواد مخترع صواريخ القسام.

التعليقات