ألمانيا ترفض بشكل قاطع الاعتذار عن رسوم مسيئة للنبي

غزة-دنيا الوطن

رفض وزير الداخلية الألماني "فولفجانج شويبليه" بشكل قاطع أن تعتذر حكومة بلاده عن إعادة بعض الصحف الألمانية نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي، بدعوى أن الاعتذار سيكون الخطوة الأولى نحو تقييد حرية الصحافة، يأتي ذلك فيما دعا مسئولون حزبيون إلى احترام مشاعر المسلمين وإقامة حوار بناء معهم.

وقال شويبليه في تصريحات لصحيفة "دي فيلت" الألمانية الجمعة 3-2-2006 وهي إحدى الصحف التي أعادت نشر الرسوم: "نرفض بصورة قاطعة أن تتقدم الحكومة الألمانية بالاعتذار عن إعادة نشر هذه الرسوم بألمانيا... لماذا يجب على الحكومة أن تتقدم بالاعتذار عن شيء مؤسس على مبدأ حرية الصحافة؟ فلو تدخلت الدولة بصورة ما في هذه الأزمة فإنها ستكون الخطوة الأولى نحو تقييد حرية الصحافة".

وأكد وزير الداخلية الألماني (عن الحزب الديمقراطي المسيحي) على أن الأمر متروك للصحف لتتعامل بنفسها مع الأمر.

وفي سياق متصل أدلى مسئولون حزبيون ألمان بتصريحات مماثلة؛ وقال "يورجين تاوس" خبير الشئون الإعلامية بالحزب الديمقراطي الاشتراكي لصحيفة "نت تسايتونج" اليوم الجمعة: إنه "من الممكن أن تكون إعادة نشر الرسوم جارحة لمشاعر المسلمين، ولكنني مع حرية الرأي وحرية المعلومات".

من جهته انتقد "فولكر بيك" المدير العام للهيئة البرلمانية لحزب الخضر في تصريحات للصحيفة نفسها موقف المسلمين الغاضب قائلا: "يجب على المسلمين مثلهم مثل الكنائس المسيحية واليهود تحمل النقد والسخرية.. فتعددية الرأي يجب أن تكون أيضا موجودة في الحوار حول الأمور الدينية".

وبدأت أزمة الرسوم حينما نشرت صحيفة "جيلاندز بوستن" الدانمركية في سبتمبر الماضي 12 رسما كاريكاتيريا مسيئا للرسول، ثم أعادت نشرها في يناير الماضي صحيفة نرويجية وتبعتها في ذلك مؤخرا عدة صحف غربية أخرى؛ مما أثار غضب العالم الإسلامي وحملة مقاطعة واسعة لمنتجات الدول التي أهانت صحفها الرسول عليه الصلاة والسلام.

حوار قوى مع المسلمين

ومن جهة أخرى اتخذ "كريستوف فالتس" متحدث الإعلام السياسي بالكتلة البرلمانية للحزب الليبرالي الحر موقفا مخالفا؛ ودعا إلى محاولة تهدئة حالة الغضب التي سادت في مختلف أنحاء العالم عقب نشر الرسوم المسيئة للنبي.

وقال في تصريحات الخميس 2-2-2006 نشرها الموقع الإلكتروني للقناة الإخبارية الألمانية "إن الخلاف القائم يظهر أهمية وضرورة إقامة حوار قوي وبناء مع الإسلام".

د.نديم إلياس رئيس "المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا" انتقد كذلك نتقد أنتما تتداوله عدة صحف غربية من رسوم تسيء للإسلام والمسلمين.

وقال في تصريحات لصحيفة دي فيلت الألمانية: "إن مثل هذه الرسوم تستفز مشاعر المسلمين؛ لأنها صورت النبي بصورة غير لائقة". وأردف: "كل التظاهرات بهذا الصدد مشروعة طالما أنها خالية من العنف.. كما أننا كمسلمين نثور ونغضب أيضا إذا ما تعرض المسيح للإهانة".

وكانت "رابطة المسلمين الألمان" قد أصدرت بيانا الخميس أكدت فيه على أن "حرية الصحافة وحق التعبير عن الرأي هي من الأمور التي لا يمكن التخلي عنها، ولكن يجب ألا يساء استخدامها من أجل إهانة ديانة معينة".

ودعا البيان من يؤمن بقيم المجتمع الألماني ويدافع عنها ويحترم التسامح أن يدين نشر هذه الرسوم.

تباين موقف الصحف

وإلى والصحف الألمانية حيث تباينت ردود فعلها إزاء تطور أزمة الصحيفة الدانمركية؛ فبينما قامت صحف أخرى بإعادة نشر الرسوم المثيرة للجدل بدعوى حرية الصحافة والرأي؛ مشيرة إلى أن القانون الأساسي الألماني ينص على عدم وجود رقابة على حرية التعبير؛ أعرب عدد منها عن تفهم سبب غضبة المسلمين.

وقال "روجر كوبل" رئيس تحرير صحيفة دي فيلت في تصريحات أوردها التليفزيون الألماني الخميس مدافعا عن نشر الرسوم في الصفحة الأولى لجريدته إنه "قرر بصورة قاطعة وبوعي كامل نشر الرسوم على الصفحة الرئيسية لصحيفته كنوع من التوثيق".

وأضاف "حرية الرأي هي نواة أساسية للثقافة الغربية... من المشروع وبصورة مطلقة نشر رسوم عن الدين وكذلك عن موضوعات إسلامية".

وتابع "من المؤكد أنه يجب احترام المشاعر الدينية للناس. ولكن في هذه الحالة لم يتم تجاوز الحدود. فأبناء الثقافات الأخرى يجب عليهم أيضا أن يتعلموا أننا نسخر من أكبر المقدسات".

وخلافا لموقف صحيفة "دي فيلت" قالت صحيفة "بيلد تسايتونج" الشعبية التي تحظى بنسبة قراءة عالية الخميس: "إن أي نوع من تصوير شخص الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ممنوع بشدة في الإسلام... من له معرفة بالإسلام -ولو بصورة سطحية- يدرك أن تصوير الرسول يمثل استفزاز وغضب عارم للمسلمين فما بالك بأن يصور النبي كرجل عنف أو إرهابي".

ومن جانبه قال "بيتر شتورم" رئيس قسم الأخبار بصحيفة "فرانكفورتر الجماينه" إن الخلاف القائم حاليا قد غير نظرته دون شك تجاه ما ينشر من رسوم.

وأضاف: "من ناحية المبدأ فإنه من الصحيح أن تقوم الصحيفة الدانمركية بنشر هذه الرسوم، ولكن بعد التصعيد الذي حدث من المحتمل أن أنظر في المستقبل بتمحيص في الحالات التي تثير الشك وأتعامل معها بحذر أكثر من ذي قبل".

وأردف: "إنني أقر بوضوح أن المشاعر الدينية للعديد من الناس قد جرحت في أعقاب نشر هذه الرسوم.. وأعتقد أنه هناك نوع متنام من الرقابة الذاتية إذا ما تعلق الأمر بموضوعات إسلامية خاصة أن ردود الأفعال تكون شديدة وتصل إلى حد المقاطعة".

التعليقات