مدير التشريفات السابق :صدام ضرب مدير بلدية تكريت في القصر الجمهوري

مدير التشريفات السابق :صدام ضرب مدير بلدية تكريت في القصر الجمهوري
غزة-دنيا الوطن

توالت الردود والتعليقات على سير محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وأعوانه في قضية الدجيل، فيما شاء مصدر كان قريباً من الدائرة الخاصة لصدام ان يعطي شهادته عبر «الحياة» بعدما استفزته عبارة قالها صدام خلال المحاكمة انه لم يضرب عراقياً بيده.

مدير التشريفات في المكتب الخاص لصدام حسين في القصر الجمهوري (من 1980 الى 1993) هيثم الوهيب روى في حديث الى «الحياة» قصة كان شاهداً عليها جرى خلالها تعذيب مدير بلدية تكريت حينها في القصر الجمهوري شارك فيه صدام نفسه.

وقال الوهيب: «في مساء أحد أيام 1984 وأثناء تأديتي الواجب في مكتبي في القصر الجمهوري سمعت أنيناً متواصلاً من مكان قريب من مكتبي عند مدخل القصر، فذهبت لأستطلع الأمر حتى وصلت الى مصدر الأنين وكان دورة المياه (الحمامات) فوجدت حارسين من الحماية الخاصة لصدام يقفان عند الباب، وشاهدت شخصاً مرمياً على الأرض بحال يرثى لها، فالدماء والأوساخ كانت تغطي وجهه وملابسه فضلاً عن أرض الحمامات، ويئن بشكل متواصل من الألم. فحاولت الدخول الى الحمامات فمنعني الحارسان. فأجبتهما بأنني أريد استخدام دورة المياه فوافقا وطلبا مني الخروج بسرعة».

وأضاف: «وبينما كنت أغسل يدي سألت هذا الشخص المرمي على الأرض عن هويته فقال أنا سلطان (...) مدير بلدية تكريت. وعلمت لاحقاً ان سلطان من أهالي الموصل لكنه ترعرع في الحويجة، أحد أقضية تكريت».

وتابع الوهيب: «سألت سلطان عن تهمته فأجاب انه متهم بالسرقة، وناشدني المساعدة. وهنا دخل أحد الحراس وطلب مني المغادرة فخرجت. لكنني بقيت أسمع طوال الليل أنين سلطان حتى جفاني النوم. وفي صباح اليوم التالي تلقيت اتصالاً هاتفياً من حسين كامل، وكان يشغل منصب المدير العام لجهاز الأمن الخاص، فسألني: هل ما زال ذلك ... (وتفوه بكلمة بذيئة) هناك؟ فأجبته: من تقصد سيدي؟ فقال: هذا المرمي في الحمامات. فـأجبت: نعم. فقال: سيأتي اليك طبيب من مستشفى ابن سينا (الرئاسي) فتستقبله كي يعاين هذا الشخص بعد أن تغسله وتعطيه ملابس نظيفة. وهكذا كان، فطلبت من عاملين في التنظيفات ان يغسلا سلطان، وأعطيته بعض ملابسي، ثم جاء الطبيب وضمد جروحه».

ويتابع الوهيب: «بعد نحو ساعة جاء حسين كامل، فأرسل اثنين من عناصر الحماية الخاصة ليحضرا مدير بلدية تكريت الذي لم يستطع الوقوف أو المشي فشاهدتهما يسحبانه سحباً الى مكتب الحماية الخاصة، قرب المكتب الخاص لصدام. وهناك استأنف الحراس ضرب سلطان الذي كنت أسمع صرخاته واستغاثته. ثم شاهدت صدام يترك مكتبه ويتوجه الى مكتب الحماية الخاصة ثم يخرج بعد نحو خمس دقائق ليستأنف بعدها الحراس ضرب مدير بلدية تكريت».

ويوضح الوهيب: «لاحقاً أخبرني بعض أفراد الحماية الخاصة الذين كانوا مع صدام انه (صدام) وجه الى سلطان سؤالين: لماذا سرقت الفلوس وأين أخفيتها؟ ثم ضربه على وجهه، وشارك في ضربه كل من عبد حمود وحسين كامل». ويضيف انه سأل الحراس عن تهمة سلطان فقالوا انه سرق 10 ملايين دولار عمولات من شركات فرنسية وألمانية ويرفض ابلاغنا بمكانها».

ويتابع الوهيب: «بعد ذلك سحب الحراس سلطان مرة ثانية الى دورة المياه من دون حراسة. فذهبت اليه ورأيته في حال يرثى لها مرة ثانية، فقال لي: لقد آذوني كثيراً. كلهم ضربوني (وبضمنهم صدام). وهم يتهمونني بأنني قبضت 10 ملايين دولار عمولات من شركات ألمانية وفرنسية. وسألته كيف تم ذلك فأجاب: هم يتهمون زوجتي جميلة (سويسرية جزائرية) بتدبير ذلك».

ويتســـاءل وهيـــب «كيف تحصل مثل هذه الحـــادثة في القصر الجمهوري، قصر الشعب، الذي يعتبر مركز الحكم واتخاذ القرارات التي يفترض انها تخدم المواطنين؟ فكيف يتم تعـــذيب انسان فـــي القصر الجمهوري؟ وكيف يشارك الرئيس بهذه الممارسات؟»

ويوضح وهيب ان هذه كانت المرة الأولى التي يشاهد فيها تعذيباً في القصر، لكنه، بحكم عمله في القصر الجمهوري وقربه من صدام، كان يطلع على ممارسات قمعية وتعذيب وقتل خارج القصر.

ويروي الوهيب قصة أخرى عن برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق لصدام، الذي كان لديه مكتب في الطابق الأول في القصر الجمهوري، ويقول: «في عام 1985 كان برزان يعتبر نفسه الرئيس الفعلي للعراق، ويسمي نفسه الرئيس اذ كان يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات (الأمن العام والاستخبارات العسكرية) ويشرف على جميع المرافق الأمنية في العراق حتى انه كان يتجسس على هواتف صدام نفسه والمرافقين مثل حسين كامل وعبد حمود وأرشد ياسين التكريتي، والأخير كان المرافق الخاص لصدام ثم المرافق الأقدم وهو زوج ليلى أخت صدام غير الشقيقة».

ويتابع الوهيب: «في صباح احد الأيام جاء برزان الى القصر لمقابلة صدام فتوقف مرافقه الخاص، ويدعى مثنى التكريتي، في مكتبي، فيما بقي افراد الحماية ينتظرون في الخارج. وكان أفراد حماية برزان يتميزون بسوء الخلق والشراسة، حتى ان كل موظفي القصر، بمن فيهم أنا شخصياً، يخشونهم، اذ كانوا لا يتورعون عن اهانة أحد أو الاعتداء عليه من دون أي سبب».

ويضيف: «وأثناء انتظار برزان سألني مثنى: هل تعلم ما حدث ليلة أمس؟ فأجبته: لا. فقال: كان الأستاذ (برزان) ونحن سهرانين في احد الأماكن وعندما رجعنا الى المقر (المخابرات في الحارثية في بغداد) استقبلنا عند الاستعلامات الضابط المناوب، فسأله برزان، وكان سكراناً، عن الأوضاع الأمنية فأجابه الضابط: لدينا ثلاثة أشخاص، أب وولداه، سنعرضهم غداً على الحاكمية (المسؤولة عن التحقيق مع المتهمين). فسأله برزان عن تهمتهم فأجاب: متهمون بالانضمام الى حزب الدعوة الاسلامية. فقال برزان: ولماذا تعرضهم على الحاكمية غداً؟ لا داعي لذلك. واخرج مسدسه وأطلق الرصاص على الأب وولديه فقتلوا على الفور». وتابع الوهيب: «وشرح لي مثنى كيف انشغل طوال الليل مع فريق من العاملين في تنظيف المكان من الدماء التي لطخت الجدران وأرض الاستعلامات».

ويضيف الوهيب «لا يبدو الأمر غريباً الآن حينما تسمع برزان في المحكمة في 5 الشهر الجاري يرد على الشاهد احمد محمد حسن الذي رفع صورة أخيه (14 عاماً) ويسأل هل يبدو مجرماً ليستحق عقوبة الاعدام، فيصيح برزان: الى جهنم. كما تبدو سخيفة جداً محاولة صدام التظاهر بعدم علمه بالتعذيب الذي كان يمارسه عناصر المخابرات والأمن خلال حكمه. فاذا كنت أنا شخصياً، مدير التشريفات، أخشى من عناصر حماية برزان وحسين كامل وعدي صدام حسين فكيف بالمواطنين العاديين؟».

التعليقات