تفاصيل وخفايا اعتقال ابو خالد العملة بدمشق:اختلاسات وتلقي اموالا من بهية الحريري واسامة بن لادن

تفاصيل وخفايا اعتقال ابو خالد العملة بدمشق:اختلاسات وتلقي اموالا من بهية الحريري واسامة بن لادن
عمان ـدنيا الوطن- شاكر الجوهري

كشفت حركة "فتح/الإنتفاضة" عن جانب من اختلاسات مالية قالت إن أبو خالد العملة، نائب أمين سر لجنتها المركزية السابق ارتكبها قبل اتخاذ قرار فصله من عضوية الحركة وعلى مدى سنوات مضت. وجاء في كشف حصلت "الحقيقة الدولية" على نسخة منه أن العملة اشترى بما يقارب المليوني دولار اميركي عقارات في سوريا قام بتسجيلها بأسماء اقارب له، وكذلك بأسماء مواطنين سوريين، لكنه هو المتصرف الوحيد بهذه العقارات.

ومن بين اقاربه الذين سجلت بعض العقارات بأسمائهم إبنه خالد الذي كانت السلطات السورية اعتقلته معه، وأقرباء له مقيمون في الأردن تمتنع "الحقيقة الدولية" عن نشر اسمائهم.

رواية أبو موسى

مسؤول فلسطيني نقل لـ "الحقيقة الدولية" أول رواية متكاملة ادلى بها أبو موسى أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح/الإنتفاضة" حول قضية العملة الأخيرة، والمتصلة بقضية شاكر العبسي العضو السابق في الحركة الذي اعتنق الفكر السلفي الجهادي (التكفيري)، ولقي دعما لوجستيا من العملة، الذي حصل على دعم مالي من آل الحريري مقابل ذلك.

يقول أبو موسى أنه حين تلقى معلومات من رفاق له في لبنان تفيد أن العملة احتضن العبسي بعد اطلاق سراحه من السجون السورية، حيث اعتقل لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة بعد مشاركته في عملية اغتيال دبلوماسي اميركي في العاصمة الأردنية (فولي)، وأنه اقام له قاعدة عسكرية في منطقة الحلوة الحدودية اللبنانية القريبة من الأراضي السورية، سأل العملة عما فعله، فأجابه إنه ارتأى أن يحتضن العبسي حتى لا يهرب من الحركة ويعمل ضدها. وبدوره بدأ العبسي في استقدام عناصر سلفية جهادية من دول عربية والباكستان لينضموا إليه.

ويضيف أبو موسى إن المعلومات التي وردت إليه قالت إن قاعدة "الحلوة" تمتعت بإمكانيات مالية ملموسة، إذ كان العبسي يقدم لعناصره وجبات دسمة يوميا خاصة من المنماسف الخليلية الشهيرة، وفوقها خراف كثيرة. واضافت التقارير التي تلقاها أن عناصر هذه القاعدة كانوا يطيلون السجود في صلاتهم لفترة تصل في بعض الأحيان إلى ساعتين. وأن عناصر هذه القاعدة أخذت تجاهر بتكفيرها لجميع الأنظمة العربية.

وتلقى أبو موسى اتصالات من لبنان تقول إن عناصر هذه القاعدة يكفرون الأعضاء الآخرين في الحركة، ما دعاه لسؤال العملة مجددا، فأجابه إن شاكر العبسي رجل ناجح جدا، ولذلك فإن بقية العناصر يغارون منه ويكرهونه، وأنهم كاذبون فيما يقولونه عنه. وقرر العملة في ضوء هذه التقارير منع أي أحد من اعضاء الحركة من دخول قاعدة العبسي.

احتضان جند الشام

كل ذلك كان قبل انسحاب القوات السورية من لبنان، وبعد هذا الإنسحاب قام عناصر العبسي بقتل جندي لبناني، وقتل أحدهم في اشتباك وقع في المنطقة الحدودية مع سوريا. وقد أصدر العبسي بوستر لعنصره القتيل باعتباره شهيدا للثورة الفلسطينية، وبدوره قال العملة إن هذا "الشهيد" من مخيم تل الزعتر في لبنان، وأنه كذلك إبن شهيد من قبل. لكن أبو موسى تلقى اتصالا من لبنان جاء فيه إن القتيل ليس فلسطينيا، وإنما هو سوري الجنسية، وأن الإسم الذي ورد في البوستر كان إسما وهميا، وأن إسمه الحقيقي لم ينشر. ويضيف أبو موسى إنه طلب من دائرة التعبئة والتنظيم، كما من الإدارة في حركته البحث عن إسم هذا "الشهيد" فلم يجدوا له أي أثر..!

ثم تبين، وفقا لرواية أبو موسى، أن "الشهيد" إنما هو أحد الأصوليين السوريين المطلوبين للسلطات السورية، وأنه قريب من تنظيم "جند الشام" السلفي القريب من تنظيم القاعدة. وعندها إحتد الخلاف بين أبو موسى والعملة.

وأبدى أبو موسى خشيته أمام العملة من أن يأتي لهم العبسي بـ "بلوة"، وطلب من العملة أن يذهب وإياه إلى قاعدة "الحلوة" ليرى الوضع في هذه القاعدة على الطبيعة، لكن العملة سارع إلى نقل قاعدة العبسي من "الحلوة" إلى مخيمي نهر والبداوي، وكان عدد عناصر القاعدة قد ارتفع حينها إلى 75 عنصرا، حيث قرر العملة أن يتمركزوا في القاعدة البحرية التابعة للحركة في مخيم نهر البارد. كما سلمت لهم مكاتب مؤسسة معامل صامد لأسر الشهداء في مخيم البداوي.

استقدام الغرباء

بعد ذلك لوحظ أن غرباء من جنسيات متعددة بدأوا بالتوافد للسكن في محيط قاعدة العبسي في مخيم البداوي..وخاصة من الجنسيات السعودية والعراقية والمصرية واليمنية والسورية والباكستانية والليبية. وقد لفت ذلك نظر اللجنة الأمنية في المخيم، المشكلة من الفصائل الفلسطينية، والتي خشيت من تكرار ظاهرة تنظيم "أنصار الإسلام" في مخيم عين الحلوة الجنوبي بقيادة أبو محجم. وقررت اللجنة التحدث مع الشبان الغرباء وسؤالهم عما جاء بهم للمخيم. وقد كلف عدد من اعضاء اللجنة بهذه المهمة، لكنهم فور أن تحدثوا مع العناصر الغريبة، باغتتهم بإطلاق النار عليهم، ما أدى لمقتل أحدهم، وهو عضو في جبهة النضال الشعبي. وأعقب ذلك اشتباك وقع في مخيم البداوي. وجراء ذلك أصبح إثنان من عناصر العبسي مطلوبان، وبهدف القبض عليهما، قامت عناصر من جميع الفصائل الفلسطينية بتطويق المكان، وتم جراء ذلك التوصل إلى تسوية.

في الأثناء اتصلت الجهات الأمنية السورية مع أبو موسى مستفسرة عن 4 عناصر سوريين يقال إنهم متواجدون في قواعد "فتح/الإنتفاضة" في لبنان. كما طلب السوريون شاكر العبسي للتحقيق معه في هذه القضية. بدوره طلب أبو موسى العملة، وأبلغه بالإتصال الأمني السوري، وطلب تسليم العبسي للتحقيق. وقال أبو موسى للعملة ها هي المشاكل بدأت تهل علينا بسبب العبسي الذي بدأ يشكل وضعا غير مريح، لكن العملة كرر دفاعه السابق عن العبسي، وأن من يدس عليه هم الذين يغارون منه لنجاحه. واتصل العملة مع العبسي طالبا منه الحضور لسوريا، فأجابه العبسي أنه سيحضر خلال يومين.

توقيت الإنشقاق

وقام العبسي بتوجيه رسالة للجنة المركزية للحركة قال فيها إنه يفدي سوريا بدمه. ووصف نفسه بانه رجل قومي وحدوي طوال عمره (خمسون سنة)، وأنه يدافع عن سوريا والعراق، ولا يمكن أن يفعل شيئا ضد سوريا. وكان هذا معاكسا تماما لما يعبئ به عناصره، إذ أنه كان يكفر جميع الأنظمة دون استثناء، ويكفر الشيعة على وجه الخصوص ويدعوا لمحاربتهم باعتبارهم "روافض".

وبدلا من أن يحضر العبسي إلى سوريا، قام باحتلال مكاتب "فتح/الإنتفاضة" في مخيم البداوي، وأعلن انشقاقه عن الحركة، وتشكيل "فتح الإسلام"، وأعلن أنه لن يعود إلى سوريا، و"نظام الكفر" فيها..!

وأكثر ما أغضب سوريا، وفقا لرواية أبو موسى هو قيام العبسي بتهريب أربعة عناصر عراقيين يتبعون منظمة القاعدة، من العراق إلى لبنان، عبر الأراضي السورية. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش إتهم الرئيس السوري بشار الأسد بتسريب عناصر القاعدة من العراق إلى لبنان بهدف محاربة حكومة فؤاد السنيورة، والتخريب عليها. ورد الرئيس الأسد مؤكدا أن سوريا تحارب تنظيم القاعدة، وأنها تحوز معلومات تفيد بوجود بعضهم في لبنان. ويرى أبو موسى أن تهريب العناصر العراقيين الأربعة جاء ليقدم دليلا يبحث عنه الرئيس الأميركي، ليستخدمه ذريعة لتصعيد تآمره ضد سوريا.

مندوب نصر الله

ويضيف أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح/الإنتفاضة" أن مندوبا أمنيا من حزب الله في لبنان جاء إلى دمشق، وأنه اتصل به هاتفيا بمجرد دخوله الأراضي السورية ليخبره أنه مبعوث إليه من قبل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله. وعندما التقاه أبو موسى، قال مبعوث نصر الله نريد التحدث عن موضوع شاكر العبسي وأبو خالد العملة. وسرد المبعوث قصة العبسي من الألف إلى الياء، وما يفعله والعناصر التي استقطبها في لبنان، والتي جاء بها من الخارج ضد حزب الله. وقال إن تقارير موثوقة في حوزة الحزب تؤكد استلام العملة اموال طائلة من العبسي حصل عليها الأخير من بهية الحريري شقيقة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وكذلك من اسامة بن لادن وتنظيم القاعدة..!

ويكشف أبو موسى لزواره معلومات تفيد أن العملة كان اصطدم بالأمن السوري قبل تكشف قضية العبسي، إذ أنه كان اصطدم مع الفريق آصف شوكت مدير الإستخبارت العسكرية السورية يوم فازت حركة "حماس" بالإنتخابات التشريعية الفلسطينية. يقول أبو موسى إن العملة اشتبك يومها مع قادة "حماس" خلال اجتماع لقادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، وقال إن "حماس" لم تفز، وإنما "فتح" هي التي اسقطت "فتح" بسبب تنافس مرشحيها، واراد يومها أن يصدر بيانا ضد "حماس"، لكن أبو موسى يقول إنه هدده بأنه إن فعل ذلك فإنه سيصدر بيانا ضده.

خلاف مع آصف شوكت

بالتزامن مع ذلك تلقى أبو موسى، وفقا لروايته، اتصالا من الفريق آصف شوكت الذ كان منفعلا جراء اتصال أجراه مع العملة. قال شوكت لأبي موسى "هذا واحد وقح وسافل". وروى لأبي موسى أن الفصائل الفلسطينية اشتكت من موقف العملة ضد فوز "حماس"، الذي رأت فيه سوريا صفعة للمشروع الأميركي، وأنه إتصل بالعملة ليستمع إلى وجهة نظره ويحاوره فيها، فما كان من العملة إلا أن بادره صارخا بصوت عال "بدكوش ايانا بنطلع" من سوريا. واضاف شوكت "والله هذا الرزيل كنت بدي أقله ضب شنطتك وأبعده. لا أريد أن أراه".

يضيف أبو موسى أنه إتصل بالعملة وسأله "كيف تصرخ في وجه شوكت..؟ وإلى أين تريدنا أن نرحل..؟". وأضاف أبو موسى مخاطبا العملة "إرحل لوحدك إذا بدك".

ويقول أبو موسى إن شوكت إتخذ موقفا من العملة منذ ذلك اليوم، وأنه طلب منه عدم إحضار العملة معه إلى أي لقاء يجمعه مع قادة الفصائل الفلسطينية.

لكن شوكت الذي احتوى غضبه من العملة جراء تلك المكالمة الهاتفية، إتصل بأبي موسى حين تكشفت قضية العبسي وعلاقة العملة بها، وقال له وفقا لأبي موسى "عند أمنا لا أحد كبير..أنتم مشكلين ثغرة في جدارنا الأمني وترعوا عناصر معادية لسوريا من داخل القطر ومن خارجه".

أجاب أبو موسى "نحن حلف واحد.. أبو خالد العملة ربما هو من يفعل هذا، ونحن غير مسؤولين عما يفعله أبو خالد وشاكر العبسي". ولدى اصدار بيان تشكيل "فتح الإسلام" اتصل شوكت بأبي موسى مجددا وقال له "اللي حسبناه وجدناه. نريد مساعدة للأمن السوري فيما يجري عندكم". ويقول أبو موسى عدنا عندها للأرشيف، وأخرجنا الرسائل المتبادلة بين العملة والعبسي.

استجواب يسبق الإعتقال

بالتزامن مع ذلك، تم طلب العملة من قبل مسؤول الإدارة في الإستخبارات العسكرية السورية، وقد تم استجوابه من الصباح حتى ظهر ذلك اليوم. ولدى السماح له بالعودة لبيته، لم يخبر أبو موسى بما جرى معه. وحين فاتحه أبو موسى بالأمر بعد أن عرف به من مصادر أخرى، قلل العملة من أهمية ما جرى. ويكشف أبو موسى أن يوسف شديد نائب العملة في قيادة القطاع الغربي كان تم اعتقاله قبل العملة بخمسة ايام.

ويقول أبو موسى إنه حين طلب العملة للإستخبارات السورية مرة أخرى قال لهم "العملة يكذب علينا..إذا بدكم إياه تحققوا معه لازم أكون موجود"، ولهذا رافقه أبو موسى في المرة الثانية، لكن المسؤولين الأمنيين السوريين طلبوا من أبو موسى المغادرة لأنه غير مطلوب.

وبادر أمين سر اللجنة المركزية، وفقا لروايته، إلى دعوة المجلس الثوري للحركة للإنعقاد فورا حيث اتخذ المجلس قرارا بفصل العملة من عضوية الحركة، لكنه يواصل الشغب على أبو موسى حتى الآن.

بعد اعتقال العملة تمت مداهمة بيته، والقبض على إبنه خالد، وتمت مصادرة السلاح الموجود في بيته لغايات الحماية، والسيارات الموجودة في حيازته، باستثناء واحدة ابقوها لاستخدامه، وكل ما وجدوه من وثائق لديه.

ولدى اطلاق سراحه من السجن، وجد العملة نفسه مفصولا من عضوية الحركة، وقد حاول عقد مؤتمر صحفي لإعلان وجهة نظره فيما جرى، لكن السلطات السورية منعته من ذلك، لكنه يردد أن السلطات السورية هي التي طلبت منه عقد مؤتمر صحفي ينفي فيه أنه كان معتقلا، فرفض فعل ذلك.

أما خصوم العملة فإنهم، وبعد أن وقع، بدأوا في كشف ما يقولون أنه ملفاته، ومن بينها امتلاكه للعديد من الإستثمارات خارج سوريا من بينها مصنع للبوظا العربية، وسوبر ماركت في موسكو، ومشروعا استثماريا في كييف، وآخر في بودابست..إلخ.

التعليقات