جدل جديد بشأن الشيعة والمتصوفة في مصر ونصرالله ومصحف فاطمة

جدل جديد بشأن الشيعة والمتصوفة في مصر ونصرالله ومصحف فاطمة
غزة-دنيا الوطن

قال بيان للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وقعه أمينه العام المفكر المصري د. محمد سليم العوا، إن ما نسب إلى الشيخ د. يوسف القرضاوي بشأن المتصوفة والشيعة وحسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني "لم "يكن كلاماً في أصل محاضرته التي ألقاها في نقابة الصحفيين بالقاهرة، وإنما كان جواباً عن أسئلة وجهت إليه يحكمه بالضرورة سياق السؤال وكيفية صياغته".

واعتبر البيان أن كلمة "التعصب" التي نقلت عن القرضاوي عند حديثه عن نصر الله، مجرد سبق "زلة" لسان "وأن حقيقة المقصود به هو التمسك بالمذهب وبالآراء التي يعبر عنها أو يتبناها علماء الشيعة الإمامية، وهو أمر محمود لا عيب فيه ولا مأخذ عليه".

وفيما استغربت بعض ردود الفعل الفورية صدور بيان موقع من د. سليم العوا يزيل ما اعتبره لبسا بخصوص كلام القرضاوي، بينما كان من المفروض على حد قولهم أن يفعل ذلك القرضاوي نفسه، رد د. العوا بأن اصداره البيان جاء طبقا للناحية النظامية، فهو المتحدث الرسمي باسم الاتحاد والمخول بالحديث عنه، وأن القرضاوي اطلع على البيان قبل صدوره ووافق عليه بدون تحفظ، وليس هناك أي خلاف أو فرقة داخل الاتحاد بشأن ذلك.

وقال في تصريحات لـ"العربية.نت" : البيان صدر عني وليس عن القرضاوي، لأنني أنا المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين طبقا لنظامه الذي يخول ذلك للأمين العام، وبالتالي صدر هذا الايضاح من الاتحاد عن كلام قاله رئيسه – القرضاوي - وأثار لبسا عند بعض الناس، فأراد أن يوضح الصورة التي لا يمكن أن يوضحها رئيسه حسب النظام المعمول به لأنه ليس متحدثا باسم الاتحاد.

تم التنسيق مع القرضاوي

وعندما قلت له: معنى ذلك أنه تم التنسيق بشأن البيان مع الشيخ القرضاوي أجاب العوا قائلا: طبعا حصل تنسيق معه، وقد قرأه قبل صدوره، ومتفقين عليه حرفا حرفا، وهو موافق عليه بغير تحفظ، يعني لا توجد فرقة أو فتنة في الاتحاد ولا أي شئ من ذلك، والسبب الوحيد لصدور البيان باسمي أنني الأمين العام الذي هو المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

قلت للدكتور العوا: هل قصد البيان بعبارة سبق "زلة" لسان، كلمة التعصب التي نسبها الشيخ القرضاوي للسيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني فأجاب بقوله: كان يقصد كل ما قاله وأثار لبسا، وليس هذه فقط.

وحوله كلام الشيخ المفصل حول مناقشاته في ايران ولماذا لم يتناولها البيان قال: هذا كلام مكرر ومعاد ولذلك لم نر ضرورة لذكره، وكانت تعنينا تلك المسائل التي ذكرناها في البيان ومنها مسألة التصوف، وأن السيد حسن نصرالله متعصب مثل المتعصبين الآخرين.

وأضاف د. محمد سليم العوا في حديثه مع "العربية.نت": لم نتعرض في البيان لمسألة مصحف فاطمة لأنني سألقي محاضرة في الساعة الثامنة من مساء الغد الأربعاء 5/9/2006 في نقابة الصحفيين خاصة بهذا الموضوع عن السنة والشيعة في القاهرة، وسأذكر فيها كل المسائل بالتفصيل.

وأوضح العوا "أحببنا من خلال هذا البيان أن نضع النقاط على الحروف فيما يخص المسائل الجوهرية حتى نزيل بسرعة اللبس الذي حدث، ثم نقوم من خلال تلك المحاضرة بتكملة الباقي".

جدير بالذكر أن الكلام المنقول عن القرضاوي تضمن اشارة إلى "لقاء له مع المسؤولين في إيران، وأنه طلب منهم ضرورة الكف عن الكلام بأن القرآن ناقص فأغلبهم يؤمنون بأن القرآن كلام الله ولكن يقولون هذا ليس القرآن كله وقالوا إن مصحف فاطمة كان ضعف هذا المصحف".

لا اتهام للصوفية ولا لفكرة التصوف

واستطرد العوا بأن بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "حرص في أوله على أن ينفي عن المتصوفة والصوفية ما تناولهم في هذا الموضوع. هناك نفي تام لذلك، وهذا الكلام كله عنهم غير صحيح ومجرد "سبق لسان".. فجميع علماء الأزهر صوفية، هذا تاريخ .. فالأزهر على مدار 12 أو 11 قرنا كله تصوف، فكأن في ذلك اللبس الذي حصل عند البعض، اتهام للأزهر كله. لذلك فما قيل عن المتصوفة والصوفية ليس أكثر من "سبق لسان".

وشدد العوا مرة أخرى على أنه "لا خلاف في الاتحاد العالمي على هذا التصحيح وازالة اللبس وقد تم الاتفاق عليه تماما مع الشيخ القرضاوي وصدر بعد أن أطلع عليه".

وجاء في بيان الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تلقت "العربية.نت" نسخة منه أن الأمانة "تلقت عدداً كبيرا من الأسئلة والاستفسارات، من مختلف بلدان العالم، حول التصريحات التي نشرت منقولة عن فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد، بشأن العلاقة مع إخواننا الشيعة".

لم يكن هذا الكلام ضمن المحاضرة

وقال البيان "تود الأمانة العامة أن توضح أن ما نقل عن فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في هذا الشأن لم يكن كلاماً في أصل محاضرته التي ألقاها في نقابة الصحفيين بالقاهرة، وإنما كان جواباً عن أسئلة وجهت إليه يحكمه بالضرورة سياق السؤال وكيفية صياغته.

ولم يكن في كلام فضيلته أي اتهام للسادة الصوفية أو لفكرة التصوف نفسها على النحو الذي فهمه بعض من حضر اللقاء أو قرأ ما نشر عنه. كما أن فضيلته في لقائه مساء يوم 2/9/2006م على قناة دريم الفضائية، مع الإعلامية الأستاذة منى الشاذلي، قد قرر مواقفه المعروفة من ضرورة وحدة الأمة، ومن كون إخواننا الشيعة الإمامية فرقة من فرق المسلمين، ومن كون المذهب الجعفري مذهباً إسلامياً معتبراً. وهو الموقف القديم الثابت لسماحته من هذه المسألة".

واستطرد "عبر فضيلة العلامة القرضاوي مرات لا تحصى، آخرها في لقائه مع قناة دريم، عن تقديره لسماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وعن اعتزازه بالصلة الأخوية التي تربطهما، وعن وقوفه بكل ما يملك إلى جوار المقاومة الإسلامية المشروعة في لبنان، كوقوفه مع المقاومة الإسلامية المشروعة في فلسطين، وفي غيرهما من البلدان المستعمرة أو المحتلة".

لفظ "التعصب" مجرد "سبق لسان"

وأضاف "إذا كان لفظ التعصب قد جرى على لسان فضيلته في هذا السياق فإن حقيقة المقصود به هو التمسك بالمذهب وبالآراء التي يعبر عنها أو يتبناها علماء الشيعة الإمامية، وهو أمر محمود لا عيب فيه ولا مأخذ عليه، ولم يكن ذكر التعصب إلا سبق لسان مقصوداً به معنى التمسك المحمود بالمبدأ جملة وتفصيلاً".

كما تعرض بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لجزئية أخرى قائلا: "ما ذكره فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي عن رفضه لمحاولات بعض الشيعة التأثير على أفراد من أهل السنة لتحويلهم إلى المذهب الشيعي كان المقصود به تلك المحاولات الفردية غير المسؤولة التي تبث الفرقة والفتنة بين أبناء الدين الواحد في الأقطار التي غالبيتها من أهل السنة بالدعوة إلى التشيع، أو في الأقطار التي غالبيتها من الشيعة بالدعوة إلى الانتقال إلى مذاهب أهل السنة".

وأوضح أن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يضم العلماء من المذاهب جميعاً، ولرئيسه نواب ثلاثة من الشيعة والسنة، والإباضية، يؤكد على موقفه الثابت من ضرورة وأد أي فتنة بين المسلمين في مهدها، ومن ضرورة التقريب بين أهل المذاهب الإسلامية وعلمائها وأتباعها، ومن ضرورة التعاون بين المسلمين كافة فيما اتفقوا عليه وأن يعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه".

وختم الاتحاد بيانه بالقول: "نأمل أن يضع هذا البيان حداً للبحث في هذا الموضوع بعد أن تبينت أبعاده وحقيقته".

انتقادات من زعيم شيعي مصري

من جهة أخرى وجه محمد الدريني رئيس المجلس الأعلى لرعاية آل البيت في مصر وهو هيئة تضم ممثلين للأشراف ومتصوفة وشيعة، انتقادات لتصريحات الشيخ القرضاوي واصفا اياها بأنها تحرض ضد آل البيت والطرق الصوفية، مقدرا عددها بستة وسبعين طريقة.

وقال الدريني الذي تصفه بعض وسائل الاعلام بأنه زعيم الشيعة بمصر في حديث مع "العربية.نت": ما قاله القرضاوي تحريض واضح وصريح ضد آل البيت في مصر، لأنه يتسق مع مجموعة من الاجراءات الفعالة لجأت إليها الحكومة ممثلة في اعطاء توجيهات إلى خطباء المساجد للتحريض ضد آل البيت عموما والشيعة بصفة خاصة، مشيرا إلى أن المجلس أصدر بيانا في الأسبوع الماضي فيما يتعلق بهذا الأمر، قلنا فيه "أن ثمة مخططا أمنيا يستهدف الشيعة في المرحلة اللاحقة".

وأضاف: حقيقة الأمر عقب غزو اسرائيل للبنان وما ترتب عليه ونجاح حزب الله في استقطاب قلوب الجماهير، انعكس علينا، وجاءت تصريحات القرضاوي لتعطي للأمن مبررا لملاحقتنا، و"تضيء لمبات حمراء في رؤوس كل المهتمين بهذه القضية" وبأن ما يحدث في العراق ممكن أن يحدث في مصر، ناسين أن مصر تتميز بعبقرية الزمان والمكان التي شكلت وجدانا غاية في العطاء و التسامح، ولا يمكن أن ينطبق عليها هذه المخاوف التي أثارها الشيخ القرضاوي، اللهم إلا إذا كانت تأتي في اطار توجه يستهدف التحريض ضد الشيعة في مصر، خاصة عندما تناول قضية التصوف التي ينضوي تحت لوائها ما بين 11 و 12 مليون شخص في 76 طريقة صوفية تحظى برعاية رئاسة الجمهورية.

واستطرد الدريني: "الشيخ القرضاوي وما يمثله وكل الاتجاهات الراديكالية السنية المنظمة الممنهجة، تعي وتدرك تماما حجمها الحقيقي قياسا بالتصوف، وبالتالي لا يحق لها مبدئيا أن تهاجم هذه الكتلة الكبيرة وتعرضها للخطر والتدخل الأمني. هذا التصريح لا يستهدف آل البيت في مصر فقط بل يستهدف التصوف، خصوصا أن هناك متصوفين في المعتقلات لا تذكرهم الصحف، مثل جماعة الفرماوية، وجماعة أحمد ابراهيم".

وقال: كيف نتحدث دائما عن الحرية ومفاهيمها، ونتجاهل أن ألف باء تلك الحرية وما تقره القوانين والأعراف الدولية، هي احترام خصوصية الانسان في تعبده لربه، فلماذا اثارة أن هذا سني أو شيعي أو غير ذلك، لا أحد وكيل عن الله ليحاسبنا في الأرض عن معتقداتنا، ليكن شيعيا أو سنيا أو كما يكون، الآن تبين الرشد من الغي، ورب العزة يقول "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". بدلا من هذه الاثارة علينا جميعا أن نتنافس في الخيرات.

نعاني من الربط بيننا وبين ايران

وأضاف أن الحديث عن دور ايراني في نشر المذهب الشيعي في مصر، يعطيها حجما أكبر من حجمها، فلا نعتقد ونحن في مصر، أن هناك عملا ايرانيا من هذا القبيل ولا أحد يجرؤ عليه. هم يبحثون عن اقامة علاقات طيبة وليس فرق عمل تعمل في التبشير أو الدعوة. نحن في مصر كشيعة نعاني من ذلك الربط بيننا وبين ايران أو أن ينسبنا البعض اليها. نحن لا نردد ما تقوله طهران وليس لهذه المخاوف أي نصيب من الحقيقة. كل ما نستطيع قوله إن جهودا انسانية تكاملت فيما بينها لنشر المعرفة في مختلف مجالاتها.


لا أعرف اطلاقا مصحف فاطمة

وحول مصحف فاطمة قال الدريني: انت تتكلم معي الآن باعتباري واحدا من زعماء الشيعة المصريين، ومن هنا أقول لك إنني لم أقرأ ابدا مصحف فاطمة هذا، ولا أعرفه. فقط أعرف المصحف الذي يقرأ فيه جميع المسلمين، سنة وشيعة. إن هناك تلفيقا مقصودا خلط بين المصحف والصحيفة، فالسيدة فاطمة كانت تكتب في صحيفة ما يمليها عليها ابوها الرسول محمد، والقرآن الكريم لم يقل إنا انزلنا اليك المصحف، بل قال إنا انزلنا اليك الكتاب، اذن هناك فرق بين الكتاب والمصحف.

أضاف: الذي يتردد حول ذلك المصحف يأتي في اطار التلفيقات الدينية ضد آل البيت والتحريض ضدهم كأن يقال إن الرسالة كانت قادمة لعلي وذهبت إلى محمد، زهذا منتهي الاستخفاف بالعقول في عصر المعلومات الذي نعيشه.

وكشف الدريني "أرسلت إلى السيد مقتدى الصدر وطلبت منه أن يحشد ويعبئ رجاله ويقوم بمظاهرة ترفع شعار "رب واحد وقرآن واحد ونبي واحد" ضد الظلم والفساد والاستبداد".

ثوابت وقواسم مشتركة

وحول جزئية سب الصحابة التي جاءت في كلام القرضاوي قال الدريني: أي صحابة .. الصحابة رضوان الله عليهم، صحابة وقفت وصمدت ونصرت دين الله. من هو الذي يطلق عليه صحابي، وما هي المعايير. أين أبو ذر الغفاري.. أين عمار بن ياسر رضوان الله عليهم جميعا. فلماذا تقحموننا وتجروننا إلى مئات القضايا الفرعية؟. لننظر بدلا من ذلك إلى الثوابت والقواسم المشتركة التي توحد الأمة وتمكنها من مجابهة هذه التحديات، وكفى لعبا بهذه الأمور.

وكان تقارير صحفية نسبت للشيخ يوسف القرضاوي أنه حذر في محاضرة ألقاها في نقابة الصحفيين المصرية في الأسبوع الماضي من اختراق الشيعة لمصر، منبهاً إلي أنهم يحاولون نشر مذهبهم في مصر لأنها تحب آل البيت وبها مقام الحسين والسيدة زينب. ووصف حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيعي "بالمتعصب" لمذهبه ولكنه أشاد به رغم ذلك معتبرا أنه أفضل من غيره من المتخاذلين القاعدين.

وأكد في لقائه السنوي بالصحفيين الذي عقده صالون إحسان عبدالقدوس، أن الشيعة أخذوا من التصوف قنطرة للتشيع، وأنهم اخترقوا مصر في السنوات الأخيرة من هذا الجانب.

التعليقات