شباب غزة يتجولون في العالم عبر الدردشة

شباب غزة يتجولون في العالم عبر الدردشة
غزة-دنيا الوطن

في محاولة من المجتمع الغزي لكسر قضبان العزلة عن العالم، ولأجل التواصل مع بعضهم البعض في ظل تقطيع الأوصال، ليس خارج القطاع فحسب بل وداخله أيضا، اقتحموا الشبكة العنكبوتية كما يحلو للبعض تسميتها، ليس لمجرد المرور إلى المعلومات وتطوير واقعهم، بل محاولة لمحاربة سياسات التجهيل والعزل الإسرائيلية المفروضة عليهم، حتى انتشرت مقاهي الإنترنت، وانطلاق الشباب إلى برامج المحادثة لقتل أوقات الفراغ والتواصل مع الشعوب.

وتفيد إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، حول استخدام الحاسوب والإنترنت في القطاع، بأن نسبة الأسر التي لديها حاسوب 24،26%، وأن 78،7% من الأسر التي لا تمتلك حاسوب عزت السبب لارتفاع أسعاره، وبالنسبة لاستخدام الإنترنت تبين أن 9،2% من الأسر لديها اتصال بالإنترنت، وبلغت نسبة الأطفال من عمر 10 سنوات فأكثر الذين يستخدمون الإنترنت حوالي 33،3% وبلغت النسبة من نفس الفئة حيث يمتلكون بريدا إلكترونيا بنسبة 65،5% بواقع 68،3% ذكور و 59،2% إناث.

سامي مخيمر صاحب مقهى الخط الذهبي للإنترنت جنوب القطاع، يقدر عدد المقاهي بالمخيم 12 مقهى بواقع 160 جهاز حاسوب، مبينا بان سعر الساعة للزبون بـ 2 شيكل في المقهى، و 100 شيكل بدل اشتراك الانترنت الشهري.

إدمان الانترنت

وأوضح مخيمر لـ"إيلاف"، بان الفئة العمرية الأكثر ترددا على مقاهي الانترنت، بين 15 -25 عاما، في حين شبه علاقة البعض بالإنترنت بأنها مثل الإدمان، حيث يقضي البعض منهم معظم النهار في المقهى أمام برامج المحادثة، مشيرا إلى ان هناك من لا يجد في جيبه ما يكفي من نقود لدفع ثمن ما مكثه من ساعات أمام الجهاز،مما يدفع بصاحب المقهى تسجيل هذا على سبيل السلف.

المواقع الخلاعية

وفي ظل هذا تزداد الأصوات المنادية بالتشريعات والقوانين لتجريم مسيئي استخدام الانترنت ولضبط وتأطير اقتناء هذه الخدمة وحظرها على المراهقين.

وأكد الباحث الاجتماعي رأفت أبو الروس، ان المجتمع الغزي يحتضن بين طياته العديد من المراهقين ممن يتصفحون المواقع الخلاعية والإباحية، وذلك نتيجة الكبت الشديد، وعدم توفر وسائل الترفيه في القطاع، ولعدم وجود جهاز رقابي لمنع تلك الصفحات التي من شانها إفساد الوسط الشبابي.

وأوضح أبو الروس لـ"إيلاف"، ان لانتشار تكنولوجيا الانترنت إيجابيات وسلبيات، غير أنها ومع فوضى الاستخدام تضحى نقمة أكثر من نعمة، وذلك لازدواجية الغاية وتراكم أثارها الاجتماعية وعواقبها الأخلاقية، حين تكون محطة للاستغلال السييء، ولانحراف المراهقين.

هذه التقنية التي تسارع في نقل الملفات بين مجموعة او أفراد في أنحاء العالم، أصبحت تسارع بنقل ونشر الصور الخليعة والرسائل الهابطة، لتخرج عن دائرة السيطرة والرقابة، وتكون وسيلة لغاية مدسوسة سواء خاصة أو عامة، اذ إنها وفي كل الأحوال أصبحت تثير الذعر بين أفراد المجتمع.

حاسوب المنزل ورقة ضمان

المواطن يوسف الغطاس 48 عاما، تحمل نفقات زائدة عن طاقته لشراء جهاز حاسوب، والاشتراك الشهري في شبكة الإنترنت لتوفير الاتصال الدائم بابنته المتزوجة في ألمانيا، لوفرته عن الاتصال الهاتفي، مضيفا أن هذا أيضا يخدمه في عملية التواصل مع الأقارب والأصدقاء في مناطق القطاع والضفة، وبالذات في حال إغلاق الحواجز المنتشرة في وسط القطاع أو في حال الإجتياحات المتكررة للقطاع. إلى جانب ذلك كان جهاز الحاسوب لغطاس ورقة ضمان بعدم ذهاب أبناءه لمقاهي الانترنت، وتصفح المواقع الخلاعية، حيث العديد من المراهقين يستخدم هذه البرامج بطريقة تتنافى مع المبادئ، حسب تعبيره.

المعاكسات

أيمن خميس 20 عاما وفي رده على سبب تردده على مقاهي الإنترنت يقول ان الملل وأوقات الفراغ تكاد تقتله، فوجد ضالته في هذه المقاهي، علاوة على تعرفه بالكثير من الأصدقاء بجنسيات مختلفة. وعن عدد الساعات التي يقضيها بالمقهى يقدرها يوميا بخمسة ساعات، منوها بان احد أصدقاءه مكثت مدة تقارب 36 ساعة متواصلة في المقهى مقابل برامج محادثة، وكان ما يخرج إلا لتناول ساندويتش من المطعم المجاور للمقهى أو لجلب كوبا من القهوة، حتى سقط أمام الجهاز مطروحا أرضا وقاموا بنقله للمستشفى.

وعن طبيعة المحادثات التي يقوم بها معظم الشباب، فيبتسم ايمن قائلا بالنسبة لهذا فلكل واحد رغبته، مع العلم أن الكثير يقوم بالمعاكسات وبالذات التعرف للفتيات، مشيرا إلى أن هذا يجعل الأهالي في حالة ممانعة لذهاب الأبناء إلى المقاهي.

نار الغيرة

ويشير هنا أبو حسين 38 عاما ومتزوج إلى انه يضطر للذهاب إلى مقاهي الانترنت تاركا خلفه جهازه الحاسوب بالمنزل، وذلك ليتمكن من الحديث بحرية عبر الماسينجر مع الأصدقاء والصديقات، لاسيما وان زوجته تلتهب نار الغيرة عند رؤيته يحاور الفتيات. وأكد أبو حسين بأنه لا يتصفح أي من المواقع الخلاعية، سوى إدمانه فقط على الدردشة والتعارف على مختلف الجنسيات.

الفوضى الاستهلاكية

وعن سبب الاستخدام السييء للانترنت واستغلال الشباب له بصورة غير أخلاقية يشير أستاذ الحاسوب الجامعي حسن غالب، إلى قلة الوعي وعدم توافر الوازع الديني وإهمال الأسرة.

وأكد غالب لـ"إيلاف"،على ضرورة توعية الأبناء باستخدام الانترنت بما هو مفيد، وإبعادهم عن أصدقاء السوء الذين غالبا ما يكونون السبب في تراجع سلوك الأبناء وانحرافهم،إلى جانب تعويدهم على أهمية استغلال أوقات الفراغ بما هو نافع ومفيد. وفي ظل هذه الثورة التكنولوجية التي سبقت مستوى الوعي، ليس فقط بالمجتمعات النامية فحسب، بل المجتمعات المتقدمة، ولكن تأثيراتها واستخدامها في المجتمعات النامية البدائية في النمو، أصبح لها جوانب سلبية وسيئة بسبب الفوضى الاستهلاكية للتقنيات، ولكن لا يوجد هنا أي عيب او ضرر في استخدامها، في حال تم تسخيرها لأغراض نافعة ومفيدة للإنسان.

التعليقات