السعودية: وزارة الزراعة تعلن إعدام 3.5 مليون طائر

غزة-دنيا الوطن

«عليك طهي الدجاج والبيض بصورة جيدة، وأن تبتعد خلال الفترة الحالية عن البيض المطهي جزئيا، وأن تغسل البيضة بشكل جيد».. على وقع هذه التحذيرات التي بثت على التلفزيون السعودي الرسمي، دخل ساكنو العاصمة الرياض في دائرة من القلق والخوف، بعد أن اكتشف مرض انفلونزا الطيور بأحد مشاريع الدواجن بمحافظة الخرج، ليضرب بعد ساعات قليلة سوقا خاصة بالطيور في وسط العاصمة.

وبموازاة تلك التحذيرات، أعلنت وزارة الزراعة السعودية أمس، أن العمل جار لإعدام أكثر من 3.5 مليون طائر، في ظل اكتشاف مناطق أخرى في محافظات تابعة لمنطقة الرياض، طالها مرض إنفلونزا الطيور. وقبل يومين، استيقظ سكان العاصمة السعودية، على وقع شريط تحذيري، تابعه آلاف المشاهدين عبر شاشة القناة الأولى في التلفزيون الرسمي، يحذر من مغبة اصطياد الطيور المهاجرة، ويدعو ربات المنازل إلى التعامل بـ«حذر» مع مخلفات الدجاج.

وانطلقت شرارة مرض إنفلونزا الطيور، بعد أن اكتشف في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، نفوق 1500 طير في مشروع للدواجن بمحافظة الخرج (جنوب العاصمة)، أعدمت على إثره وزارة الزراعة نحو 50 ألف طائر وفق اشتراطات احترازية خاصة.

وتأكدت وزارة الصحة السعودية، من سلامة 474 عاملاً، كانوا على علاقة تعاملية مع الطيور المصابة بمرض الإنفلونزا. وأثبتت نتائج جميع العينات المخبرية التي تم أخذها من المخالطين «سلبية» لفيروس إنفلونزا الطيور (H5N1).

ومنذ اكتشاف مرض إنفلونزا الطيور على مستوى العالم في 2003، لم تسجل سوى 335 إصابة بشرية. ويؤكد الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي بوزارة الصحة السعودية، أن فرص انتقال المرض إلى المخالطين للطيور «ضعيفة جدا»، لافتا إلى محدودية انتقال المرض من الطيور المصابة إلى الإنسان.

وخصصت وزارة الصحة هنا، رقما مجانيا، لتلقي الاستفسارات الخاصة بالحالة العامة لمرض إنفلونزا الطيور. وقال مرغلاني لـ «الشرق الأوسط»: يجب أن يعلم الجميع أن هناك أشياء «ممنوعة» في الوقت الحالي، كالطعام المطهي على نحو جزئي.

وأمنت وزارة الصحة، التي تشكل عنصرا مهماً في اللجنة العليا التي شكلت قبل أيام لمتابعة الوضع العام بالنسبة لمرض إنفلونزا الطيور، لقاحات مضادة للمرض بقيمة تجاوزت الـ25 مليون ريال سعودي.

وقال الدكتور مرغلاني: إن الـ«تاميفلو» وهو الدواء الخاص بانفلونزا الطيور، يندرج ضمن الأدوية الوقائية والعلاجية في الوقت نفسه.

وتعهدت منظمة الصحة العالمية، طبقا لمرغلاني، بتوفير اللقاحات الخاصة بالمرض، في غضون 48 ساعة، بعد ظهور أول إصابة بشرية بمرض إنفلونزا الطيور.

وتتركز أعراض مرض إنفلونزا الطيور، بإصابة الشخص بحرارة عالية، وحدوث ضيق في التنفس، وحشرجة في الصدر. ونادى المتحدث الرسمي بوزارة الصحة، بضرورة مراجعة الشخص لأقرب مستشفى في حال تعرضه لأحد هذه الأعراض.

وأهابت وزارة الصحة بالمواطنين والمقيمين، بعدم الاحتكاك بالطيور الحية. وشددت على أهمية طهي الطيور والبيض بصورة جيدة في «درجة حرارة لا تقل عن 70 درجة مئوية قبل تناولهما».

وعلى الرغم من ظهور مرض إنفلونزا الطيور في إحدى مزارع محافظة الخرج، غير أن المرض لم يمتد لبقية مزارع المحافظة، إذ أكد ماجد الصانع صاحب أحد أكبر مزارع الدواجن في المحافظة، أن المرض لم يمتد إلى مزرعته، مؤكدا سلامة بقية المزارع المحيطة بالمكان الذي اكتشف المرض فيه.

وقامت وزارة الزراعة السعودية أخيرا، بزيارة إلى مزرعة الصانع وغيرها من المزارع، وعملت التحاليل والاختبارات اللازمة، التي أثبتت سلامة الدواجن في كافة المزارع. وقال ماجد الصانع «لقد حالت الاجراءات الوقائية التي طبقتها في مزرعتي دون انتقال مرض إنفلونزا الطيور إليها».

وقدر المختص في صناعة الدواجن، الخسائر التي نتجت عن إعدام 3.5 مليون طائر في السعودية حتى الآن، بعشرات الملايين من الريالات. غير أنه أكد صعوبة تحديد رقم معين، نظرا لتعدد أنواع الطيور والغذاء المستخدم في إطعامها.

وفرضت وزارة الزراعة السعودية، بنودا للأمن الوقائي على عدد كبير من المزارع والمشروعات المحيطة بالمشروعات المصابة.

ونقل الصانع، عن متضررين من مرض إنفلونزا الطيور، مطالبات بتعويضهم عن طيورهم التي تم إعدامها، ضمن الخطط الوقائية التي تسير عليها الأجهزة الحكومية هنا، لبسط سيطرتها على الوضع الوبائي، وتحجيمه في أضيق نطاق.

وعلمت «الشرق الأوسط» بأن هناك توجيهات عليا، بتعويض أصحاب مشاريع الدواجن التي ضربها مرض إنفلونزا الطيور، وهو ما أكده الدكتور فهد بلغنيم وزير الزراعة أول من أمس في لقاء تلفزيوني.

وحذر ماجد الصانع، مالك مشروعات دواجن «الوادي»، من مغبة اعراض المستهلكين عن شراء الدجاج والبيض في الوقت الراهن، وهو ما قد يؤدي إلى تكبد المنتجين خسائر طائلة، تضاف إلى الخسائر التي تعرض لها المتضررين من المرض. ويوجد في السعودية، 341 مشروعا لإنتاج الدواجن، تنتج ما يقارب من 480 مليون دجاجة. وتلقى صناعة الدواجن، تسهيلات حكومية، مثل: تقديم القروض الميسرة والأراضي المجانية وإعانات المعدات الزراعية والأعلاف. وفي الرياض وحدها، والتي اكتشف فيها مرض إنفلونزا الطيور، يوجد 94 مليون دجاجة، وسط أنباء تتحدث عن أن المرض قد يكون اكتشف في محافظة حفر الباطن، والتي شهدت أمس الأول نفوقا لبعض طيورها، فيما يبلغ عدد مشاريع الدواجن بمنطقة الرياض أكثر من 108 مشاريع.

وتعد صناعة الدواجن، إحدى ركائز القطاع الزراعي، الذي وصل إنتاجه المحلي الإجمالي في عام 2005، لأكثر من 38 مليار ريال سعودي.

وشكلت السعودية، لجنة عليا لمتابعة تطورات مرض إنفلونزا الطيور، والتأكد من سلامة كافة الأشخاص المخالطين للطيور المصابة.

ويصنف الوضع الحالي في السعودية بالمرحلة الأولى من «الجائحة» العالمية، وتشدد التعليمات على ضرورة الاستعداد للجائحة، من خلال تفعيل لجان الاستعداد المبكر لمكافحة الأوبئة بالمناطق، والمراقبة الوبائية، وتحديث الخطة الوطنية للمكافحة حسب المستجدات العالمية مع التنسيق مع منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأخرى ذات الصلة، وتوعية المواطنين والمقيمين عن المرض وطرق الانتقال والوقاية منه، وتوفير كميات مناسبة من العقارات المضادة للفيروسات، وتوفير كميات مناسبة من لقاح الأنفلونزا البشري، وتوفير العقار واللقاح النوعي عند التمكن من صناعته عالمياً. وعالمياً يعتبر العالم الآن، في المرحلة الثالثة من «الجائحة» وتتركز الإجراءات الوقائية على مراقبة الوضع الوبائي للمرض وجمع معلومات أفضل عنه، وخاصة التغيرات التي تطرأ على سلوك الفيروس وكذلك الاستعداد للفاشية العالمية.

وتهدف الخطة الوطنية المعمول بها في السعودية، إلى منع وفادة مرض أنفلونزا الطيور، من خلال تشديد الإجراءات الوقائية لمنع دخول الفيروس للبلاد، وعدم حدوث حالات مرضية بشرية، واحتواء أو تأخير انتشار المرض، وتقليل حالات المراضة والوفيات والاضطراب الاجتماعي في حال حدوث الوباء. وتتكون الخطة من 13 عنصرا، يسعى من خلالها إلى الترصد الوبائي للمرض، الترصد المخبري، التطعيم، استخدام عقار التاميفلو للوقاية من مرض أنفلونزا الطيور، تفعيل دور المناطق الصحية، التوعية الصحية، مشاركة المجتمع، مكافحة العدوى في المستشفيات، تقديم العلاج، التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، التدخل غير العلاجي للحد من انتشار المرض، وغيرها من العناصر. وتم تخصيص 27 مليون ريال في السعودية لتأمين، لقاح الأنفلونزا البشري، وتوفير مخزون احتياطي من اللقاح لاستخدامه في الطوارئ ومنها موسم الحج، كما تم تأمين مضادات الفيروسات، وتوفير مخزون للطوارئ من مضادات الفيروسات نوع أوسلتاميفير (Tamiflu) في شكل بودرة (شراب) أو كبسولات، فيما يوجد مخزون من الكواشف المخبرية لاستخدامه عند اللزوم.

وتتطلب الاحتياجات المستقبلية، تخصيص مبلغ 25 مليون ريال سعودي لتوفير الأدوية، وتخصيص 10 ملايين ريال أخرى لدعم المختبرات، وتخصيص 25 مليون ريال لتأمين اللقاحات المكتشفة مستقبلاً، و4 ملايين ريال لتأمين مستلزمات الحماية الشخصية (PPE) ولأنشطة التوعية الصحية. واختيرت ثلاثة مختبرات في المناطق الرئيسية بالسعودية ليتم فحص العينات فيها، وهي: المختبر المركزي بالرياض، المختبر الإقليمي بجدة، المختبر الإقليمي بالدمام، فيما تم تدريب مختصين من هذه المختبرات في مختبرات نامرو 3، بالتنسيق مع المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية.

التعليقات