الأمراء والأميرات في المغرب خارج الحياة الرسمية

الأمراء والأميرات في المغرب خارج الحياة الرسمية
غزة-دنيا الوطن

مازال المغاربة يتباهون بقدر المعلومات التي يتوفرون عليها بخصوص العائلة الملكية فردا فردا.صحيح أنه في العهد الجديد أصبح المغاربة يعرفون أكثر من السابق، عن العائلة الملكية وجملة من جوانب الحياة الخاصة لأفرادها، كما أنه بدا من المباح، بحكم الأمر الواقع، الحديث في مثل هذه المواضيع، إلا أن الأمر مازال يرتكز بالأساس على تسربات من هنا وهناك وعلى مجهودات فردية للبحث عن المعلومة ومحاولة اقتناصها وتتبعها مع كل ما يرتبط بمخاطر الانزلاق أو تجنب الصواب أحيانا، خصوصا وأن هناك إشاعات كثيرة وكثيرة جدا تكرست بحكم السرية والصمت المطبق اللذان كانا يلفان حياة الأمراء والأميرات بالمغرب.

إن درجة الانفتاح والانفراج التي عاشتها بلادنا في عهد الملك محمد السادس، قيّمها البعض بكمية المعلومات التي تم كشفها بخصوص الحياة الخاصة للعائلة الملكية وللأمراء والأميرات.

ومن الأمور التي تؤكد هذا الانفتاح، غير المسبوق في تاريخ المغرب، الإعلان الرسمي عن طلاق الأميرات، شقيقات الملك، وهو أمر بالغ الأهمية والدلالة، إذ يبين بجلاء سيرورة تكسير وتحطيم الطابوهات كما أنه جهر بأن امرأة مغربية، حتى ولو كانت أميرة، لها كلمتها الفصل بخصوص حياتها الخاصة، ولا يمكن أن تجبر على البقاء مع زوج لا تشعر أنه يسعدها في حياتها، وما هذا إلا صورة جانبية من صور الانفتاح الكبير الذي يعيشه المغرب اليوم خلافا لما كان عليه الحال بالأمس القريب، علما أن هذا الأمر تحقق في فترة وجيزة جدا لم يكن ينتظرها أحد، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن العقلية بمجتمعنا سائرة نحو التطور بخطى ثابتة، لكن، تظل القاعدة السائدة إلى حد الآن هي، أن حياة الأمراء والأميرات بالمغرب مازالت خاضعة لجملة من قواعد البروتوكول الصارمة، الشيء الذي قد يفهم منه أن حياتهم الخاصة مطبوعة بنوع من السرية، علما أن مجريات حياتهم بقيت مطبوعة بالأصالة وباحترام التقاليد والقيم المغربية.

وبموازاة مع ذلك لازال المغاربة يتطلعون بفضول شديد إلى اكتشاف أكبر قدر ممكن من المعلومات الخاصة بالأمراء والأميرات، وهذا أمر لن يقو أي قانون، مهما كانت درجة صرامته وحدة زجريته، عن تنيهم بالتخلي عن هذا الاهتمام، فقد تقع انزلاقات أحيانا بهذا الخصوص، لكن المنطلق سيظل على الدوام هو حسن النية، وذلك باعتبار أن العديد من المغاربة يرون في التعرف على أكبر كمية من المعلومات حول الأمراء والأميرات وحياتهم الخاصة، طريقة من طرق ترسيخ حبهم وتقديرهم لهم.

سيبقى المغاربة يتباهون فيما بينهم على قدر ما يعرفون من معلومات بهذا الخصوص، لأنه رغم الانفتاح لازالت بعض الجدران السميكة قائمة.

عموما، إن حياة الأمراء والأميرات لها إيجابياتها وكذلك سلبياتها، لاسيما فيما يرتبط بحرية التحرك والتصرف بفعل قواعد البروتوكول.

إن دورهم في الحياة المجتمعية، لاسيما الفضاءات الاجتماعية والخيرية، أضحى بمثابة طبيعة متأصلة منذ الملك الراحل محمد الخامس وصولا إلى الملك محمد السادس، مرورا بعهد الملك الراحل الحسن الثاني.

واعتبارا لاستمرار اهتمام المغاربة البليغ بالأمراء والأميرات، اخترنا في آخر عدد لهذا الموسم أن نشاركهم في هذا التباهي عبر تجميع عدد من المعلومات والمعطيات حول الأمراء والأميرات.

ولي العهد مولاي الحسن الأمير الهادئ

بعد ولادة ولي العهد الأمير مولاي الحسن تم توزيع مقابل وزنه ذهبا كصدقات على الفقراء والمحتاجين، وهو تقليد دأبت عليه الأسرة العلوية.

ومنذ صغره، ظل سموه يستقبل والده الملك محمد السادس بضحكة لا متناهية، وبعد نموه تحولت الضحكة إلى ابتسامة رزينة، توحي أن بينهما أسرار ملوك.

وبشهادة أكثر من مصدر يظل ولي العهد الأمير مولاي الحسن هادئا ولم يكن يبكي إلا لماما.

توجد غرفة سموه في الطابق العلوي بالإقامة الملكية بدار السلام، وكل الممرات المؤدية إليها مزينة برسومات ذات ألوان زاهية يستحسنها الأمير، ويغتبط لها.

يمتاز سموه بقدرة تركيز تبدو أنها تفوق سنه، كما يتوفر على ذاكرة قوية تجعله يستعيد أدق التفاصيل كيفما تعددت.

لا يحب إجباره على الأكل أو اللباس، إذ لا يتقبل الإجبار بسهولة إلا من طرف والدته، الأميرة لالة سلمى، وفي حالة حضورها لا يتقبل أكل أي شيء إلا من يدها، وهذا أمر لفت أنظار الكثيرين.

وإذا جوبه سموه بضغط أو إكراه لفعل شيء رد بعنف وأحيانا بقسوة، لكن إذا عومل بلطف رجع فورا عن عناده الطفولي وامتثل ضاحكا.

قبل إتمام سنته الثانية، اضطرت أمه لمغادرته لحظات، كان سموه كلما حاولت مربيته أن تناوله الأكل بطرف الملعقة أو حاولت إدخال يده في كم أحد ملابسه رد عليها بالرفض والامتناع شادا جسده الصغير ومشنجا عضلاته الفتية بكل ما أوتي من قوة.

يرتاح الأمير مولاي الحسن إلى الموسيقى الهادئة والأصوات والنغمات التي تقوم على التوافق.

وكانت أول مرة ارتدى فيها ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، جابادورا مغربيا أميريا أصيلا عندما بلغ سموه سنته الأولى، وقد لَبِسَه بمختلف الألوان، الأبيض والرمادي والأخضر، وشارك والديه في مراسيم استقبال الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، وعقيلته، وهو يرتدي جابادورا أحمر فاقع لونه.

ومن المعروف أن الأميرة لالة سلمى تهتم كثيرا بهندامه وملبسه، وغالبا ما يظهر ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، يرتدي لباسا تقليديا ينسجم مع سنه وشخصيته مع لمسات عصرية، فمنذ ولادته اهتمت جملة من الشركات العالمية المتخصصة في ألبسة الأطفال، إذ رغبت في أن تكون لها الحظوة في توفير ملابس ولي عهد المغرب، ومن هذه الشركات، شركة "ويل ويسرز" التي كشفت مبكرا عن هذا الاهتمام وعملت جاهدة للتمكن من إعداد ملابس ولوازم سموه.

في بداية هذا الصيف قام سموه بتدشين أول شارع باسمه بمدينة وجدة، وهو أهم شارع بالجهة الشرقية أطلق عليه الملك محمد السادس اسم "صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن".

وقد شارك سموه والده في إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية المؤرخة لهذا الحدث.

ساهم في إعداد وتهيئة شارع "صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن" بوجدة الجماعة الحضرية وولاية الجهة والمكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية والوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء، بلغت كلفته 42 مليون درهما، علما أنه يمتد على مسافة أربع كيلومترات، وهو الشارع الرئيسي بالجهة والشريان النابض بمدينة وجدة ومنفذها نحو عدد من المدن المغربية.

لم تكن هذه هي التظاهرة الأولى التي ظهر فيها ولي العهد الأمير مولاي الحسن بجانب والده الملك محمد السادس، فمن أولى التظاهرات الرسمية التي حضرها ولي العهد استقبال الملك لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، وقد بدا سموه عاديا غير خائف أو منزعج وهادئا رزينا أمام الكاميرا وآلات تصوير الصحفيين رغم كثرتهم.

وقبل هذا، كان الأمير مولاي الحسن قد شارك والده الملك محمد السادس خلال استقبال الفريق الوطني لكرة القدم بعد مشاركته سنة 2004 في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، ولعل هذا أول ظهور رسمي لسموه.

لا يستحسن الأمير مولاي الحسن الضم والتقبيل إلا من طرف أبويه وعمه الأمير مولاي رشيد، الذين يستقبلهم على الدوام بالابتسامة والمداعبة.

بشهادة الجميع، كسب سموه إعجاب المحيطين به الذين أجمعوا على أنه يتميز بسكينة خاصة ظلت تلازمه رغم صغر سنه.

تجمع بين سموه وعمه الأمير مولاي رشيد علاقة خاصة، تكاد تكون علاقة تواطؤ بينهما، إذ لا يرد له طلب، ولا يتوانى في إغراقه باللعب والهدايا، ويقضي معه وقتا كافيا يشاركه لعبه كلما زاره بالإقامة الملكية بدار السلام أو دعاه إلى إقامته الخاصة، وغالبا ما يقنع سموه عمه بالبقاء إلى جانبه أكثر من الوقت الذي كان قد قرر تخصيصه له.

رغم صغر سنه، لوحظ أن لسموه ميولا للتركيز والملاحظة وهو يلعب، لا يبادر إلى تناول إحدى لعبه إلا بعد فترة من التمحيص والتأمل، وعندما يمسكها، يبدو وكأنه يعرف ما يريد فعله،

إن سموه يمتاز بفضول خاص، قد يفوق فضول الأطفال في سنه، يهتم بدقائق الأمور في تعامله مع كل لعبة يختارها.

يوم الإعلان عن ولادة ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، أهابت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بنظار الأوقاف أن يطلبوا من جميع الخطباء والأئمة في جميع مساجد المملكة أن يدأبوا على سنة الدعاء لولي العهد بعد الدعاء لأمير المؤمنين وذلك عقب الصلوات الخمس وفي خطب الجمعة.

تربية ملك

عما قريب سيلج ولي العهد الأمير مولاي الحسن المعهد المولوي بالمشور بالرباط، كما كان الشأن بالنسبة لوالده وعمه وعماته، وسيتابع دراسته هناك رفقة ثلة من الأطفال المغاربة النجباء.

كأي ولي للعهد، ملك المستقبل، في نطاق ضمان استمرارية الملكية بالمغرب، يخضع ولي العهد الأمير مولاي الحسن منذ صغر سنه للإعداد والتهييء للمهام الجسام التي تنتظره، ويرى الملك محمد السادس أن ولي عهده عليه أن يستعد للمهام التي تنتظره في صمت، وقد لاحظنا أن سموه بدأ يرافق والده وأمه في بعض المناسبات والتظاهرات الرسمية.

في واقع الأمر، إن تربية ولي العهد ليست كتربية الأمراء لأن لها أهدافها ومحدداتها وتوجهاتها الخاصة، إنها تربية تأخذ بعين الاعتبار، مسبقا وبصفة قبلية، الموقع المستقبلي للأمير (ملك المستقبل) في حياة الأمة عموما والأسرة الملكية على وجه الخصوص، كما أنها تربية تعطي للتعليم حقه وللعلم والدين مكانتهما ولإعداد شخصية ولي العهد أهميتها وحيزها.

إن التربية التي يخضع لها ولي العهد الأمير مولاي الحسن، هي أولا تربية تعده لـ "مهمة ملك" بما تختزله من مسؤولية ومخاطر المهنة. وسوف يختار له والده، الملك محمد السادس أحسن الأساتذة والموجهين والمرافقين، ممن لديهم القدرة والخبرة والدراية والمقدرة، مع امتيازهم بالصفات العلمية والتربوية اللازمة لإعداد ولي العهد، ملك المستقبل، وقد صرح الملك محمد السادس في إحدى لقاءاته الصحفية أن جلالته سيشرف شخصيا على تربية ولي عهده الأمير مولاي الحسن.

إن تربية سموه ستسير، حسب رغبة والده، على نفس النهج الذي حكم تربية جلالته، وهي التربية التي اعتمدت على علاقة متوازنة وخلاقة بين الأصالة والمعاصرة، حفاظا على الهوية المغربية.

من مقومات هذه التربية مسار دراسي وتحصيلي نظامي وتوفير مختلف الشروط التي ستمكن ولي العهد من صيانة شخصيته الخاصة، باعتبار أن النهج والأسلوب إحدى المكونات الأساسية لتلك الشخصية.

يربى الأمير مولاي الحسن ليصبح ملكا، ولا محالة، أن تربيته لن تختلف عن التربية التي تلقاها والده، الملك محمد السادس، من معلمه الأول الملك الراحل الحسن الثاني، وهذا ما أكده جلالته عندما صرح أنه سيسير على تقليد والده الراحل في هذا المجال، لأنه منذ الآن سيكون ولي العهد في طور الإعداد للاضطلاع بـ "مهنة ملك".

فـ "مهنة الملك" لا تخضع لتوقيت ولا لعطلة محددة، وتستوجب عدم نسيان المسؤوليات المهنية في أية لحظة من اللحظات، لأن ملك المغرب ليس في ملك نفسه، وإنما هو ملك قصد الاضطلاع بمهمة.

إذن سيحصل ولي العهد الأمير مولاي الحسن على ذات التربية التي تلقاها والده الملك محمد السادس، وهي تربية تميل إلى الصرامة المنصفة، تبتدئ بتربية دينية جيدة في الكتاب القرآني، وهذا تقليد علوي، قبل ولوجه الدراسة النظامية بالمعهد المولوي رفقة ثلة من الأطفال المغاربة الذين سيرافقونه خلال مشواره الدراسي.

أميرة ملكت قلوب المغاربة بعد قلب الملك

الأميرة لالة سلمى.. لقبها المغاربة بأم الأميرين والسيدة الأولى والأميرة التي ملكت قلب الملك، والأميرة التي أحبها الملك، إنها حقا كذلك، واستكمل هذا الحب مع ميلاد ولي العهد مولاي الحسن، واستفاض مع ميلاد الأميرة لالة خديجة.

إنها الأميرة، من أصول شعبية أحبها الملك حب الملوك دون اللجوء إلى طقوسهم وبروتوكولاتهم، لقد أحبها حبا كسر كل الحواجز والفوارق، وببساطة أحب الملك محمد السادس إحدى المواطنات فتزوجها.. عبارة بسيطة لكنها فتحت أبواب المغرب الجديد على مصراعيه نحو المستقبل.

حسب الكثير من المغربيات، ساهمت الأميرة لالة سلمى، ذات الأصول الشعبية، في فتح أبواب القصر الملكي، والتي يرين فيها سفيرتهن الدائمة بالقصر.

بذلت الأميرة مجهودا كبيرا قصد التكيف مع حياتها الجديدة، رغم أن تغييرات كبيرة تحققت في العهد الجديد.

لا يريد المغاربة من الأميرة لالة سلمى التدخل في المجال السياسي، باعتبار أن الأعراف والثوابت التي يقوم عليها نظام الحكم بالمغرب والعقلية السائدة مازالت لا تسمح بذلك، وبالتالي يظل المجال التقليدي بالنسبة للأميرات هو المجال الاجتماعي والخيري وأحيانا الرياضي والثقافي.

فالأميرة لالة سلمى، في عيون أغلب المغاربة، هي زوجة الملك وأم ولي العهد في المقام الأول، إنها زوجة الملك الحالي وأم الملك القادم.

فكل المغاربة مقتنعون على أنه ليس من المقبول أن يكون للمغرب ملكة ما دام يتوفر على ملك.

الأميرة لالة سلمى تعلم أن زوجها يحلم بأسرة كبيرة، منحها كل شروط النجاح في حياتها الخاصة والعامة في زمن قياسي، وفعلا تألقت في مهامها، فكان عليها أن تتكيف بسرعة وأن تتأقلم، ولم يتطلب منها الأمر سوى سنة ونصف.

فسموها ليست أما ككل الأمهات، إنها أم ولي العهد وشقيقته الأميرة لالة خديجة، ورغم توفر العائلة الملكية على فريق من المربيات والموجهات والمعلمات، يبدو أن الأميرة لالة سلمى حريصة على الاضطلاع بمهمة تربية ابنها كولي للعهد، ملك المستقبل، وهي مسؤولية جسيمة.

تقضي سموها أغلب أوقاتها بإقامتها لرعاية ولي العهد وشقيقته، تشرف على إطعامهما واختيار ملابسهما بنفسها، وتظل الأولوية عندها لجو البيت العائلي الملكي، هدوئه وانسجامه.

تقدر الأميرة لالة سلمى الانسجام الذي يخلق حياة سعيدة، وتهتم بدقائق الأمور بهذا الخصوص، تبدو سموها كأنها مهووسة بسعادة عائلتها، وينعكس هذا الشعور، بشكل بين، في اضطلاعها بالمهام الاجتماعية وأثناء ظهورها الرسمي، تتوفر سموها على قدرة مدهشة على التعامل مع كل الناس، لا تغريها الاهتمامات خارج البيت، ما عدا المهام ذات الطابع الاجتماعي أو الخيري التي يكلفها بها زوجها الملك محمد السادس.

إن المتتبع لمسار الأميرة لالة سلمى، يتأكد أن كل معارفها، قبل أن تصبح السيدة الأولى بالمغرب، وصفوها بالصبورة، ويمكن الاعتماد عليها، ومن طبعها الإصرار والتصميم على بلوغ الهدف الذي تحدده، وأنها هادئة تحب الطمأنينة، متشددة وغير مرنة عند الوقوف على الخطأ البين، ترفض الغموض وترتاح كلما سادت الشفافية. وكل الذين عرفوا سموها يجمعون على أن ذوقها رفيع ومميز، وتميل إلى البساطة والسهل الممتنع.

وظلت الأميرة لالة سلمى كذلك، مفعمة بالثقة في نفسها، ثائرة على كل السلبيات، باعتبار أن كل شيء في نظرها يجب أن يخضع للعقل، صلبة في تفكيرها متحمسة للجد، كفوءة تملك الصبر والاحتمال في هدوء، ذكية، منطقية وواقعية، سريعة التكيف مع مختلف الأوضاع.

إذا قالت قصدت وإذا وعدت نفذت، وإذا نفذت أسعدت، هكذا يصفها المتعاونون مع سموها في المجالات الاجتماعية والمهام التي كلفها بها زوجها الملك محمد السادس.

تحب الاستقرار وتكره الضغوط والتصنع والعجلة في الأمور، جميع القريبين من سموها يقرون بمثابرتها وقوة إرادتها وصلابة عزيمتها، حازمة على الدوام في مواجهة الصعاب مهما كانت.

إذا غضبت بسبب تقصير أحد معاونيها في العمل، يكون غضب سموها عنيفا، وتكون درجة هذا الغضب أعنف في حالة تكرار نفس التقصير.

ظلت الأميرة لالة سلمى معتزة بأصولها وعاداتها رغم أنها ملكت قلب الملك والمغاربة، ورغم أنها أصبحت السيدة الأولى بالمملكة.

لا تستحسن الروتين والرتابة، ظلت محافظة على طابع البساطة والشعبية، وإذ لا تجد سموها أي حرج في تحضير بعض الأطباق الشعبية لابنها وابنتها اللذان دأبت على إطعامهما بيدها، وقد يصل بها التواضع إلى مجالسة العاملين بإقامتها الملكية على طاولة أكل واحدة، مع إصرار سموها على أن يأكلوا من نفس الطعام الذي يقدم لها، الشيء الذي أبهرهم، إذ لم يسبق أن تعودوا على ذلك من قبل. علما أنه معروف على سموها استحبابها كثرة الصوم خارج شهر رمضان.

رغم أن الأميرة لالة سلمى تابعت تدريبات في البروتوكول والإيتيكيت ببعض الدول الأوروبية، إلا أنها ظلت تحافظ على نوع خاص من العفوية مازالت تبهر به المغربيات، وأضحى معروفا أن الأميرة لالة سلمى لا تلجأ إلى البروتوكول الأميري إلا في المناسبات وفي الظهور الرسمي.

في مجال العمل والمهام المكلفة بها، يرى المحيطون بسموها أنها حريصة جدا على التنظيم، كما تفضل أن تكون كل المهام والأهداف مخطط لها جيدا، وترتاح سموها أكثر لإشاعة روح العمل الجماعي ولصفة طول النفس والحرص على إتقان العمل.

تحب سموها أخذ قراراتها بنفسها، وفي حالة ضرورة اتخاذ قرار مهم وحاسم، تأخذ الوقت الكافي، ولم يسبق أن لوحظ أنها اتخذت قرارا بصفة متسرعة.

تهتم الأميرة لالة سلمى بهندامها وهندام طفليها، كل شيء وجب أن يكون محسوبا بدقة لتحقيق أكبر درجة من الانسجام، مع ميول سموها إلى الأصالة أكثر من ميلها إلى الموضة، لاسيما الملابس التقليدية المصممة بطريقة حديثة.

وتستعين سموها بخدمات اختصاصيات في التجميل والرشاقة تَمَّ استقدامهن من آسيا، علما أن المقربات من سموها يؤكدن أنها غالبا ما تستغني عن الماكياج.

إن "لوك" الأميرة لالة سلمى يفتن الكثير من المغربيات، فهو "لوك" فريد يعتمد البساطة الراقية الممتنعة وصعبة التقليد، لأنها ليست مرتبطة بالهندام وتسريحة الشعر، وإنما سرها يكمن، قبل هذا وذاك، في الشخصية والتناسق الشامل والكلي، أما تسريحة شعر الأميرة لالة سلمى مازالت تلاقي شعبية كبيرة جدا في صفوف المغربيات من مختلف الأعمار.

قليل جدا هم المغاربة الذين سمعوا الأميرة لالة سلمى تتكلم، وكثيرات هن المغربيات اللائي يفضلن أن تلقي الأميرة، من حين لآخر، خطابا أو لقاءا صحفيا في المجالات التي تنشط فيها.

ومن الأحداث التي استأثرت باهتمام المغاربة هذه السنة، اهتمام الأميرة لالة سلمى بأسبوع الجزائر المنظم بالمغرب، إذ كان حضور سموها في حفل العشاء الذي نظمه السفير الجزائري بالرباط بمثابة رسالة سياسية للقادة الجزائريين وللشعب الجزائري، مفادها أن لا مندوحة من فتح صفحة جديدة، علما أن هذا الحدث تزامن مع الجولة الأولى من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو.

لازالت الأميرة لالة سلمى تواصل حربها ضد السرطان، وقبل اهتمام سموها بهذا القطاع، كان يبدو وكأنه منسي، بالرغم من أن أرقامه صادمة لاسيما وسط الأطفال، لذلك أعلنت سموها حربا ضروسا ضد هذا المرض العضال، إذ تسهر سموها، عبر جمعيتها، على تحسين التكفل بضحاياه وعبر تقعيد بنية الكشف المبكر له.

تربط الأميرة لالة سلمى علاقات طيبة بالأميرات لالة مريم ولالة أسماء ولالة حسناء، شقيقات الملك محمد السادس، وقد تقوى التفاهم والانسجام بينهن، ومنذ البداية حصل تفاهم كبير بين الأميرة لالة سلمى والأميرة لالة حسناء، إذ كانت بوصلتها في العالم الجديد الذي ولجته آتية من حي القباب الشعبي، وكانت حينئذ لم تتلق التدريبات في البروتوكول والإيتيكيت في ألمانيا وبريطانيا.

وتظل الأميرة لالة سلمى من هواة الطبيعة، تعتني كثيرا بحديقة إقامتها الملكية بدار السلام وتحرص على العناية بأشجارها وزهورها ونباتاتها.

راجت في الآونة الأخيرة أخبار تفيد بوجود توتر بين الأميرة لالة سلمى زوجة الملك محمد السادس والأميرات أخواته، تناقلتها مجموعة من المنابر الصحفية كل حسب قراءته لدرجة علاقة الود التي تربط زوجة الملك بأخواته الأميرات، إلا أن مؤشرات صحفية أخرى أكدت من جانبها عدم صحة هذا الخبر من خلال زيارة أول مجلتين مغربيتين لرحاب القصر الملكي في لقاء صحفي مصور مع مجلتي (نساء) و(سيطادين)، حيث تأكد بالصورة التحام الأميرات بابتسامة كبيرة جمعتهم في إطار واحد تحت بقعة ضوء خاطفة من عدسة المصور، لتتبخر مع أشعة العدسة أنفاس الإشاعة وما يروج له بوجود خلاف بين أميرات القصر الملكي، كما أن الأيام القليلة الأخيرة أبرزت بما لا يدع مجالا للشك أجواء الصفاء والود المتبادل بين الأميرتين لالة سلمى ولالة مريم داخل رحاب الفيلا الملكية بالبيضاء، وقد شوهدتا غير ما مرة وهما تركبان سيارة واحدة بما يؤكد بطلان ما يروج بخصوص توتر العلاقة بينهما، كما أن تواجد الأميرة لالة مريم صحبة الأميرة لالة سلمى بحفل العشاء الذي أقامه السفير الجزائري (العربي بلخير) بمناسبة افتتاح أسبوع الجزائر الأول بأحد الفنادق البيضاوية، قصم ظهر كرة الثلج التي كانت تقل على متنها آلاف الإشاعات التي نسجت بخصوص خلاف قائم داخل القصر بين الأميرات أخوات عاهل البلاد وحرمه الأميرة لالة سلمى.

لقد قيل إن الأمير مولاي رشيد ابن وفي لأرستقراطيته، وكثيرون هم الذين يرون فيه ظل شقيقه الملك محمد السادس إذ يشركه في جملة من الأنشطة التي يقوم بها، كما يمثله في الكثير من المهام والتظاهرات سواء بالداخل أو الخارج.

وكما هو الشأن بالنسبة للملك، أحاط الأمير مولاي رشيد نفسه بمعاونيه، إذ كلهم رفاق مشواره الدراسي (مدير ديوانه، كاتبه الخاص، القائم على أعماله..).

ظل الأمير مولاي رشيد متأثرا بشخصية والده الملك الراحل الحسن الثاني، وبقدر ما يبدو صارما في الرسميات بقدر ما هو متواضع وصاحب نكتة في حياته الخاصة. كريم وكثير العطاء لكل طالب، يحب فعل الخير في الصمت والظل دون أن يعرف المستفيد من عطاياه وعطفه المصدر، وغالبا ما يستعين بأحد معاونيه للقيام بهذه المهمة مع حثه على عدم كشف المصدر والاكتفاء بالقول بأنه فاعل خير.

يراه الكثيرون رجل دهاء ومرح ومتحدثا لبقا، صريحا لا يحب القيود ويمقت الرتابة والروتين، وظل له باع في مجال التعيينات في بعض المناصب العليا.

حياته اليومية مطبوعة بالتحول والتغيير، يهرب من الروتين والحياة الرتيبة، سريع التكيف مع مجريات الأمور، يتقبل وجهات نظر الآخرين حتى ولو كانت مخالفة لآرائه ووجهات نظره. إنه في حاجة دائمة إلى أنماط متجددة تناسب تطلعاته. اهتمامه بالمجتمع واختلاطه بالناس يجعلانه مستعدا دائما وقادرا على تفهم المشاكل التي يمرون منها.

عالمه يرتكز على ثلاثة أسس، العقل والمنطق والنظام، سريع التنقل من مكان إلى آخر.

عندما يحزن فإن مظاهر الحزن تبدو جلية على وجهه، وأصدقاؤه لا يعرفون الضجر لأنه يحملهم دائما إلى أماكن جديدة وعوالم أخرى.

ويعرف الأمير مولاي رشيد بأناقته المتميزة، إذ يجلب ملابسه من الولايات المتحدة الأمريكية، والقمصان من باريس والأحذية من إيطاليا، وظل ولعا بالساعات والنظارات، كما تميز سموه باهتمامه الخاص بربطة العنق التي يقتنيها من أشهر دور الأزياء الإيطالية والفرنسية، في حين أن أحذية سموه تعد تحت الطلب من طرف متخصصين في أشهر الماركات ذات الصيت العالمي.

وبقدر ما يهتم الأمير مولاي رشيد بأناقته، بقدر ما يحب أحيانا التمرد على هذه الأناقة، وقد يبدو كأنه هامل لنفسه ثائر على الرفاهية.

بخصوص الهندام يبدو الأمير متطرفا، إما أنيق أناقة خاصة ومتميزة لا نظير لها، حريص على التناسق، وإما بارتداء ملابس بسيطة جدا لا توحي بأن صاحبها من الأمراء.

يعد الأمير مولاي رشيد أكثر أفراد العائلة الملكية سفرا وتنقلا، سواء داخل المغرب أو خارجه، وغالبا ما يستعمل طائرة خاصة ونادرا جدا ما يسافر على متن الطائرات والخطوط العادية، خلافا لشقيقته الأميرة لالة مريم التي تفضل السفر بشكل عادي والاختلاط مع ركاب الطائرات في الخطوط العادية.

عشق الأمير مولاي رشيد للسيارة كبير لا يقوى على كبح جماحه، يحب قيادة سيارته بنفسه، كما يهوى خلق المقالب لحراسه الخاصين، لاسيما عندما يتبعونه على متن سيارتهم، يهوى سياقة الليل ولا يعوضه أمام مقود سيارته إلا سائقه الخاص، حسن الرباطي، أحد أبناء تواركة، دون سواه.

يتوفر سموه على أسطول من السيارات يتكون من عدة تحف وموديلات منها الميرسيدس المكشوفة والفيراري و"أوستين" و"فولسفاكن" وغيرها، ويحرص سموه على العناية بكل واحدة منها عناية خاصة بفضل طاقم من الرجال الأكفاء.

الأمير مولاي رشيد، أكبر رياضيي الأسرة الملكية، يمارس عدة رياضات تتطلب تقنيات ومهارات مختلفة، لقد ظل سموه ميالا كثيرا لممارسة الرياضة والاهتمام بشؤونها، واضطلع بجملة من المهام في هذا المضمار، إذ كان رئيسا شرفيا لفريق الفتح الرباطي وللجامعة الملكية المغربية للرماية بسلاح القنص وللجامعة المغربية للكولف.

اهتم سموه برياضة الكولف ولم يكن سن سموه يتجاوز الثامنة، إذ كان دائم الحضور بمسالك ملعب الكولف بدار السلام، كما أن ملاعب الكولف على امتداد المملكة دأبت على استقباله كلما حل بهذه المدينة أو تلك، إلا أن الأفضلية ظلت تحظى بها مسالك مراكش، تألق سموه في هذه الرياضة بعد أن تسلم مفاتيحها على يد مدربه الخاص كريم جسوس.

كما دأب سموه على ممارسة القنص، لاسيما بجبال الحاجب وأزرو، وظل يهوى كذلك ممارسة كمال الأجسام ورياضة الجيتسكي والقيام برحلات بحرية قصيرة على متن يخته الراسي على الدوام بشاطئ الرمال الذهبية بالقرب من تمارة بضواحي الرباط.

للأمير عشق خاص للسينما بفضل أفلام "مايكل دوغلاس" و"روبير دينيرو"، كما يستحسن سموه متابعة البرامج الوثائقية التلفزية باللغة الإسبانية التي يفضلها عن اللغة الإنجليزية ويحب التحدث بها، وقد اكتسب حبه للإسبانية على يد مربيته الإسبانية "دياز" التي رغم تقدمها في السن تشبثت بالاستمرار في خدمة الأمير والمكوث بالمغرب، بتمارة غير بعيد عن إقامة سموه هناك.

ويعتبر الأمير مولاي رشيد من الأمراء القلائل الذين خضعوا لتداريب عسكرية، كيف لا وهو الملقب بأمير البحر وحاصل على رتبة جنرال منذ 2000، ويعتبر أصغر جنرالات الجيش المغربي سنا.

مستجدات قضية علاقة الأمير مولاي رشيد بصحافية من الشعب

سعيا منا إلى المزيد من تسليط الضوء على ما نشره موقع "هيسبريس"، اتصلنا بالقائم على هذا الموقع بخصوص مصدره، فأخبرنا أن المعلومات التي نشرها مصدرها شخص درس سابقا بالمعهد العالي للإعلام والاتصال وهو من بعث كل تلك المعلومات المنشورة والمتعلقة بالمسماة كوثر "ك"، لكن هذا الشخص لم يذكر اسمه ولا صفته الحالية ولا مكان إقامته، ولم يدل بأي عنوان أو رقم هاتفي للاتصال به.

الشيء الذي دفعنا إلى مساءلة القائم على موقع "هيسبريس" عن درجة مصداقية المعلومات التي قام بنشرها، فكان جوابه صريحا، بدون لف ولا دوران، إذ قال بالحرف: "صراحة لسنا متأكدين من الخبر، هناك من يرى الأمر مجرد علاقة صداقة وهناك من يراه مشروع زواج، ومن الممكن أن تكون بعض صديقات "كوثر" من يروجن خبر قرب الزواج، هذا كل ما في الأمر"، ثم أضاف: "... حاولنا الاتصال بكوثر عن طريق المجموعة البريدية للمعهد العالي للإعلام والاتصال "ياهو" وتمكنا من الحصول على بريدها الإلكتروني وكاتبناها في الأمر لكنها لم ترد"، كل هذه المعلومات جاءت على لسان طه الحمدوشي، المقيم خارج المغرب، والقائم على موقع "هيسبريس".

إلى هذا الحد ظلت الأمور ضبابية جدا، وكل المعطيات توشي بأنها مجرد إشاعات، لا تستند إلى وقائع ملموسة يمكن التحقق منها، لذا قررنا أن نتبع الخيط انطلاقا من المعلومة الوحيدة المتوفرة، وهي "كوثر"، حاولنا بدءا التحقق هل فعلا درست بالمعهد العالي للصحافة وهل هي شخصية حقيقية فعلا؟ كانت الانطلاقة هي المجموعة البريدية للمعهد ومنتديات خريجيه. وبعد بحث وتقصي بشبكة "الويب" وتمحيص الكثير من البرقيات المتبادلة بين قدماء المعهد العالي للصحافة، وبعد القيام بجملة من التقاطعات بين مجموعة من المواقع والمنتديات، تبين لنا الوجود الفعلي للشابة "كوثر" وأنها درست فعلا بالمعهد، وحصلنا نحن كذلك بطريقتنا على عنوان بريدها الإلكتروني وكاتبناها في الموضوع لكنها لم تستجب، فأعدنا الكرة مع كل من تبين لنا أنه على معرفة بها وأرسلنا لهم برقيات إليكترونية في الموضوع، وفعلا أجابنا أحدهم ومكننا من معطيات قادتنا إلى أن "كوثر" سبق لها أن خلقت "مدونة" خاصة بها بشبكة الانترنيت، وحصلنا على العنوان، لكن تبين أن "المدونة" تم إعدامها مؤخرا من طرف صاحبتها، علما أننا وقفنا بالشبكة على أكثر من "مدونة" جاء فيها ذكر "كوثر"، لكن لم نعثر على أية معلومة بخصوص علاقتها، لا من قريب ولا من بعيد، بالأمير مولاي رشيد، وبذلك بدأت تشكل لدينا قناعة أن الأمر مجرد إشاعة.

بعد أيام من نشرنا لما أداعه موقع "هيسبريس"، في عددنا رقم 125 (25 يونيو – 4 يوليوز 2007) في الصفحة 6 تحت عنوان "على نفس مسار أخيه الملك الأمير رشيد يتجه نحو الارتباط بصحافية من الشعب"، اتصلت بنا سيدة مغربية تدعى مدام سارة، تقيم حاليا بالديار الكندية، حيث أكدت لنا أن الأمير مولاي رشيد يتجه نحو الارتباط بصحافية من الشعب لكن كل المعلومات الواردة في النص المأخوذ من موقع "هيسبريس" لا صلة لها بالواقع إطلاقا وبعيدة كل البعد عن الحقيقة، لاسيما تلك المعلومات المتعلقة بالصحفية "كوثر"، لأن الأمر يهم صحفية أخرى من أبناء الشعب.

مسكنا بهذا الخيط من جديد، وانطلقنا مرة أخرى للتحقق من جملة معلومات وأحداث ووقائع نحن بصدد تثبيتها، ومحاولة تشكيل قناعة بصحتها سنعرضها على قرائنا الأعزاء، على اعتبار أن الأمر يستوجب الدقة والحرص في التمحيص.

الأميرات الشقيقات الثلاثة

بدأت سيرورة سقوط الطابوهات بخصوص حياة الأميرات منذ الإعلان الرسمي على طلاق الأميرة لالة مريم، ولعل أكبر حدث في هذه السيرورة، والذي نذر بإسقاط الكثير من الطابوهات الكشف عن زوجة الملك وظهورها وحملها للقب الأميرة، وهو الحدث الذي خلص البلاط من جملة من التقاليد أضحت اليوم من عداد الماضي.

الأميرة لالة مريم يراها المقربون منها متحدثة لبقة، لها قدرة على التكيف، يهمها دائما وضوح الأمور وإظهار حقيقتها، تمتاز بحس عميق بالمسؤولية، لا تقبل إلا النتائج العالية والمتفوقة، واقعية وتظهر واقعيتها من ذوقها في الملبس والأثاث، تحرص دائما على خلق انطباع حسن في محيطها.. تتمتع بالحكمة والرزانة، عقلانية تميل إلى الأصالة والتواضع وسعة الصدر، تولي أهمية خاصة للصداقة، وظلت معروفة بوفائها لعلاقة الصداقة، ولازالت سموها إلى حد الآن تقوم بزيارة إحدى صديقاتها بانتظام في الديار الفرنسية.

تعتبر الأميرة لالة مريم أقرب الأميرات للملك محمد السادس منذ كان وليا للعهد.

تحب السفر، لكن كمسافرة عادية مع عموم الناس بدون بروتوكول، تسافر عبر الخطوط الجوية العادية بين المسافرين، تأكل ما يأكلون وتتصرف كما يتصرفون، وهذا ما أكده أكثر من مصدر.

ظلت الأميرة لالة مريم مهتمة بإشكالية المرأة والطفل والشباب، وبالمغاربة المقيمين بالخارج وقدماء المحاربين وبالسلم في العالم، وخبرت مجال العمل الاجتماعي منذ نعومة أظافرها، وراكمت النياشين والمهام (كولونيل ماجور).

أولت سموها اهتماما خاصا بإشكالية الطفل، ترأست المرصد الوطني للطفولة وهي شابة، كما كانت من أولى المنخرطات في مطالبة المصادقة على الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل، وحظيت بلقب سفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة "اليونسكو" في سنة 2005 بالمرتبة الرابعة من بين النساء الأقوى في العالم العربي في مجال الأعمال والسياسة حسب مجلة "فوريز".

الأميرة لالة أسماء، يراها المقربون منها، طموحة على الدوام من أجل إحقاق التوازن وتحقيق العدل في كل شيء، تمتاز بالحس الاجتماعي الراقي والكياسة المثالية والقدرة على التجاوب، تتفهم مشاكل الآخرين وآلامهم وأفراحهم، تجعلك تشعر أنها تؤمن بأن رأيها ليس وحده الصائب لتترك للآخرين فرصة للتعبير، إنسانة اجتماعية إلى أبعد الحدود.

عرف أن سموها دأبت على مرافقة أبنائها إلى المدرسة، وكانت تحرص على ذلك كما يمكن أن تفعل أي أم مغربية.

كما اشتهرت سموها برعايتها للرفق بالحيوانات وحماية البيئة التي تعيش فيها، وقد اعتنت منذ صغرها بالحيوانات الأليفة داخل الإقامة الأميرية.

خلافا لباقي الأميرات، تقوم الأميرة لالة أسماء بزيارة بعض محلات الحلاقة الراقية، لاسيما بمدينة باريس، تاركة لدى الحاضرات انطباعا خاصا بفعل تواضعها إلى حد اختفاء صفة الأميرة.

الأميرة لالة حسناء، يرى المقربون منها، أنها تمتاز بقوة تصميم هائلة، تساعد كل من يحتاج لعونها، لا تتوقف عن إظهار حبها لأهلها ولا تقبل بالحل الوسط أو أنصاف الحلول، إنها في عيونهم، الأميرة صاحبة القلب الكبير.

اهتمت سموها بالقضايا الاجتماعية والبيئية، وتجسد ذلك في الدور الذي تقوم به في مؤسسة محمد الخامس لحماية البيئة التي تترأسها منذ 7 سنوات، ولا ينحصر نشاطها في هذا المجال، وإنما يتعداه إلى مجالات اجتماعية أخرى.

تصر الأميرة لالة حسناء على أن البيئة تعتبر تحديا شخصيا من أجل مستقبل المغرب وأيضا من أجل الأجيال القادمة. وتقول إنها كبرت 70 في المائة كمغربية و20 في المائة فقط كأميرة، وهي من المعجبات بالبطل سعيد عويطة لأنه كان أول عربي رفع راية بلاده في محفل رياضي دولي.

يظل هندام ولباس الأميرات يستأثر باهتمام بالغ من طرف المغربيات، ومن المعروف الآن أن البلاط وبعض نساء النخبة هم الذين حافظوا على أصالة اللباس التقليدي المغربي بعدما شهد تغييرات كبيرة وأدخلوا عليه الموضة الغربية والشرقية وأنواع كثيرة من التفصيلات والتقطيعات لم تكن دارجة بتاتا.

مع كل ظهور علني للأميرات في المناسبات العامة أو الخاصة، تهتم المغربيات، بفضول كبير جدا، بهندامهن وكثيرا بأزيائهن، سواء كانت ثيابهن تقليدية أو عصرية.

وبعد ذلك يجتهدن اجتهادا لتقليد الأميرات في لباسهن ومظهرهن ولو اضطرهن الأمر للتوجه إلى مصممات أزياء معروفات قصد تمكينهن من تصاميم شبيهة بتصاميم الأميرات مهما كلفهن ذلك، ولا يمر الكثير من الوقت حتى تصبح موضة شائعة، بدءا، في الأوساط الراقية لتنتشر وسط جميع نساء المغرب، وقد سبق أن حدث هذا كثيرا، لاسيما فيما يرتبط باللباس التقليدي، ولعل آخر حادثة بهذا الخصوص ترجع إلى مهرجان مراكش للفيلم الدولي الذي حضره الأمير مولاي رشيد والأميرة لالة مريم ولالة أسماء ولالة حسناء.

خلال هذا المهرجان ظهرت الأميرة لالة مريم وهي ترتدي زي سهرة تقليدي مكون من قطعتين، وبعد أيام قليلة فقط بدأت سيدات مغربيات تظهرن بنفس اللباس وبنفس اللون البنفسجي الغامق، وسرعان ما انتشر هذا التقليد في صفوف المغربيات، إلى أن أضحت موضة في الحفلات التقليدية المغربية (زفاف، عقيقة، أعياد الميلاد...).

إن أزياء الأميرات تكون دائما مختارة بعناية كبيرة ومن تصميم مصممين ومصممات متألقين في مجالهم.

ظل معروفا أن الأميرات يرتدين ألبسة من تصميم دور أزياء عالمية ذائعة الصيت، لاسيما منها الدور الفرنسية من أمثال "كريستيان ديور" و"إيف سان لوران" و"شانيل" وغيرها.

كما أن المصممات المغربيات اللواتي يصممن أزياء تقليدية اشتهرن عبر العالم بفضل ظهور الأميرات، وبذلك أضحت المصممات، فضيلة برادة وخديجة بلمليح وزهور الريس، ذائعات الصيت خارج حدود المغرب، وهن الآن من المتخصصات فيما يعرف بالخياطة "المخزنية" المكيفة مع الموضة العصرية.

بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني أضحت الأميرات الثلاثة يكثرن من السفر إلى الديار الأوروبية أكثر من السابق.

وشاءت الظروف في أحد الأيام أن تدعو إحدى الأميرات بعض ضيوفها إلى أحد المطاعم الراقية بالرباط في آخر لحظة دون إخبار صاحب المحل، ولإخراج رب المطعم من الحرج مع مجموعة من الزبناء كانوا لحظتئذ يحتلون أغلب طاولات قاعة الأكل، تم الاعتذار لكل واحد منهم مع منحه مبلغا ماليا، قيل إن قدره ألف درهم، ربما كتعويض لعدم إمكانية الاستجابة لطلباته لظروف طارئة خارجة عن الإرادة.

ظلت الأميرات المغربيات سخيات مع الفنانين والمبدعين، وقد أهدت إحداهن فيلا مجهزة للفنان كاظم الساهر.

تواجد الأميرات إلى جانب والدتهن بفرنسا نفخ في الإشاعة

لاحظ المتتبعون لأنشطة الأميرات الشقيقات (لالة مريم ولالة حسناء ولالة أسماء) أن نسبة تواجدهن بتراب المملكة لم يعد بنفس الحماس الذي كن عليه على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إذ أصبح تواجدهن بالديار الفرنسية يحتل الجانب الأوفر من مساحة حياتهن، وقد ذهبت العديد من الإشارات بالقول على أنهن يتواجدن مع والدتهن الأميرة لالة لطيفة بفرنسا، وهو الأمر الذي حال دون حضورهن القوي إلى المغرب، وقلص في المقابل من مستوى ظهورهن بشكل متواصل داخل الحياة المغربية، خلافا لما كن عليه في السابق، إذ أصبح المغاربة قلما يتابعون نشاطا تشرف عليه إحدى الأميرات من أخوات عاهل البلاد، وقد يكون شبه الغياب هذا من أهم أسباب تفاقم مستويات الإشاعة داخل أوساط الرأي العام المغربي بإمكانية وجود خلافات بين الأميرات والأميرة لالة سلمى، ويفترض إلى حد كبير أنه يشكل قطب الرحى في تنامي ما يروج من أخبار حول وجود توتر في العلاقات العائلية بين زوجة الملك وأخواته.

أميرات شعبيات

ما يعرف عن الأميرات أخوات العاهل المغربي محمد السادس ميولهن إلى الاختلاط بأبناء الشعب منذ طفولتهن، وهو الأمر الذي لازالت تلوكه العديد من الألسن ممن حظوا بشرف اللقاء بهن داخل هذه المنتجعات، خاصة في المخيمات الصيفية المقامة على الشاطئ الأطلسي وتحديدا "مخيم البريد" الذي كانت تتردد عليه العائلة الملكية بمن فيهم الملك محمد السادس أيام طفولته، إلا أن أخواته كن تتمتعن بتلقائية كبيرة في تعاطيهن مع أفواج البراعم المتواجدة بفضاء هذا المخيم، حيث كانت الأميرتان لالة مريم ولالة حسناء تسرقان الأضواء دائما بعفويتهما اللامحدودة حيث كانتا تلعبان مع الأطفال المصطافين دون أدنى إحساس بالتعالي أو التباهي تجاههم، وتفيد العديد من الشهادات لمجموعة ممن عاينوا عن كتب هذه المشاهد الحية لأميرات تجرين بين الأطفال وتتحركن دون قيود داخل فضاءات المخيم، أنهن كن شعبيات للغاية رغم الانتباه الشديد لعيون الحرس الخاص التي كانت تلازمهن وتترصد خطواتهن إلا أنهن كن غير آبهات، تتصرفن كما لو كن مواطنات عاديات بين عموم الأطفال المصطافين بالمخيم، ويمكن القول إن هذه الأجواء الشعبية التي لازمتهن منذ الطفولة كان لها الأثر البليغ على نفسيتهن، وهو الأمر الذي بدا واضحا من خلال الحضور الفاعل لهن في المنتديات والجمعيات والمحافل ذات الطابع الاجتماعي الإنساني، حيث يطغى الجانب الإنساني والاهتمام بالفئات الشعبية الفقيرة على أغلب أنشطتهن الرسمية وغير الرسمية، مما يؤكد أن تواجدهن بين أطفال من العامة، شغل حيزا مهما من شخصيتهن وساهم إلى حد كبير في اتجاه اهتمامهن بالجوانب الاجتماعية المرتبطة بعامة الشعب.

الأميرات والطلاق

على الرغم من كونه حلالا إلا أنه يعتبر في شرعنا الإسلامي أبغض الحلال، إنه الطلاق الذي يعتبر نتيجة حتمية لأي زواج لم يكتب له الاستمرار لأسباب قد تختلف حسب الحالات والأمزجة والظروف في غالب الأحيان، والأميرات كغيرهن من بنات البشر، لم يكتب لهن الاستمرار في حياتهن الزوجية لأسباب خاصة بهن، الشيء الذي ترتب عنه إقرار حق الطلاق، حيث انفصلت الأميرة لالة مريم أم الأميرة لالة سكينة عن زوجها السابق فؤاد الفلالي، ثم طلاق الأميرة لالة حسناء وهي أم لأميرتين لالة أميمة ولالة علية، من زوجها السابق خالد بنحربيط (طبيب) ثم طلاق الأميرة لالة أسماء أم الأمير مولاي اليزيد والأميرة لالة نهيلة من زوجها السابق خالد بوشنتوف ابن رجل الأعمال المغربي المعروف الحاج بليوط بوشنتوف.

شهادة مواطن

لحظات مع الأميرة لالة حسناء

كنا آنذاك في مخيم الأميرة لالة مريم المحاذي لمطعم (الماكدونالدز) بالدار البيضاء، وكنت قبل يوم واحد من زيارة الأميرة قد توصلت بخبر من مدير المخيم السيد "العمراني" بأنه وقع علينا الاختيار لاستقبال الأميرة لالة حسناء بشاطئ عين الذئاب رفقة مجموعة من الأطفال، تساءلت، كيف تم اختياري لاستقبال الأميرة دون الأطر الأخرى الحاصلة على تكوين عالي في مجال التأطير، رغم أني لا أتوفر إلا على تجربة سبعة أيام فقط في مجال التأطير التربوي، هل الأمر راجع إلى أني أجيد فن الرسم؟ ثم تعاظمت الأسئلة المحملة بكثير من الهواجس، خصوصا أن إدارة المخيم تتوفر على رسام وخطاط بارع، عندما نادى علي مدير المخيم، خاطبني بضرورة تمثيل المخيم أحسن تمثيل، وأن أدير شؤون الأطفال لأن الزائر هذه المرة من عيار ثقيل، لم أنم تلك الليلة، وتهت داخل جملة من الصور التي تهاطلت علي دفعة واحدة، ثم عادت تلك الأسئلة لتخيم من جديد، كيف سأستقبل الأميرة؟ هل سأكون مجرد جسد جيء به ليقف مثل جموع الناس، أم أنني سأكون فاعلا بالفعل.

ثم تساءلت أيضا، كيف سأسلم على الأميرة، هل سأقبل يديها مثلما يستقبل الملك، أم أني أسلم عليها في انحناء، خصوصا أني لم أكن مضطلعا بالشكل الكافي على البروتوكول المتعلق باستقبال الأمراء، وبقيت على هذه الحال إلى أن سمعت المؤذن ينادي لصلاة الفجر، في الصباح الباكر توجهت مثلما هي العادة إلى المخيم حوالي الساعة الثامنة صباحا.

بعد ولوجي إلى المخيم استقبلني المدير مرة أخرى، وطلب مني أن أتوجه رفقة رسام المخيم لرسم جدارية في المكان المخصص لاستقبال الأميرة بشاطئ عين الذئاب، كان الحماس وقتئذ يدب في كامل جسدي، وقلت مع نفسي هذه هي الفرصة الوحيدة التي سأظهر فيها مهارتي في فن الرسم، عندما توجهنا إلى شاطئ عين الذئاب أشار لي رسام المخيم نحو حائط بعيد، ربما كان واجهة لمركز الوقاية المدنية، وقال لي سترسم الجدارية على ذاك الحائط بعدما قدم لي صورة مصغرة في إحدى المطويات التي كانت توزعها شركة ليديك كحملة دعائية وتحسيسية بضرورة الحفاظ على الماء، وبالفعل تمكنت من رسم لوحة غاية في الروعة، كل من رآها آنذاك لا يتردد في القول "الله يعطيك الصحة".

بعد انتهائنا من رسم الجدارية، عدنا للمخيم، لأجد أمامي مجموعة من الأوراق البيضاء (60 cm – 1m)، وكان مطلوبا مني رسم مجموعة من اللوحات المتعلقة بالحفاظ على البيئة، وفي ظرف لا يتجاوز الساعة تمكنت من رسم أكثر من تسع لوحات، ملونة، غير أنها غير مكتملة، والغرض هو ترك تلك المساحات الفارغة للطفل من أجل إتمامها.

عندما كنت منهمكا في رسم تلك الجدارية المتمحورة حول ضرورة الحفاظ على البيئة، كان هناك أناس كثيرون يرتدون بذلات رسمية لا ينفكون عن إصدار أوامرهم للعمال، بضرورة تزيين الفضاء، هناك من يرش المياه على المساحات المعشوشبة، وآخرون يجمعون النفايات وفي الجانب الآخر عمال يعبّدون الطريق بالأحجار الصغيرة الحمراء اللون، بينما كان آخرون منهمكون في إعداد خيمات صغيرة للمشاركين في استقبال الأميرة لالة حسناء والوفد المرافق لها.

حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال توجهت رفقة مجموعة من الأطفال، لم أكن مسؤولا عن أطفال ذلك المخيم، ولم يسبق لي مشاهدتهم أيضا، لكن تم تكليفي بإعطائهم دروسا في الرسم في حضرة الأميرة، حال وصولنا تفاجأت وبلغ بي الاستغراب أعلى درجاته إذ لم أستوعب كيف استطاع هؤلاء العمال في ظرف وجيز تأثيث فضاء الاستقبال، حيث بدا كأن الأمر تم ترتيبه منذ أسبوع.

- مجيء الأميرة لالة حسناء

هتاف وزغاريد يملآن سماء عين الذئاب، وحركات متداخلة ومتشابكة لرجال الأمن بمختلف أصنافهم، ورايات ترفرف من أيدي المتجمهرين الذين حجوا من مختلف المناطق المجاورة وكذا شاطئ عين الذئاب لاستقبال الأميرة لالة حسناء، كنت وقتئذ قد أثث فضائي بمجموعة من اللوحات، ولا أدري هل هي الصدفة أم شيء آخر، لقد كانت خيمتي هي أولى الخيم المعدة لاستقبال الأميرة، غير أن من أطرف ما واجهته آنذاك هو أني لم أكن أتوفر على الأدوات اللازمة للرسم، فقد منحتني الإدارة الصباغة وفرشاة الرسم إضافة إلى الأوراق فقط، لكنها لم تمنحنا بعض الأدوات الأخرى، كالكؤوس التي تغسل فيها الفرشاة، وكذا تلك الأدوات التي تحمل الصباغة، ساعتها لم أجد سوى حاوية بها بعض القنينات الفارغة للمياه المعدنية، وقطعت بعضها على شكل كؤوس، ثم وضعت داخلها الصباغة المعدة للرسم، عندها منحت لكل طفل كأسا وفرشاة، وشرحت لهم طريقة الاشتغال، لقد كان حماس الأطفال كبيرا في أن يظهروا للأميرة لالة حسناء براعتهم في الرسم، وما هي إلا لحظات، حتى دخلت الأميرة مرفوقة بعدة شخصيات مدنية وعسكرية، أذكر من بين ما كانوا ضمن الوفد، محمد اليازغي الوزير المكلف بالبيئة والماء وإعداد التراب الوطني وشخصيات أخرى.

لقد أصابني الحرج وأنا أستعد للسلام على الأميرة لالة حسناء، خصوصا أن يديَّ كانتا ملطختان بصباغة زرقاء، لكن بالرغم من ذلك سلمت على الأميرة ولم تجد هي الأخرى أي حرج، من ثمة رأيت التواضع المميز للأميرة السعيدة، ولم يكن بعد ذلك إلا أن تقدمت لشرح أسلوب اشتغال الأطفال على التيمات واختيار الألوان وكذا الموضوع، كان إعجابها كبيرا بتلك اللوحات، سيما أنها تتمحور حول البيئة، وقد بدا تفاعلها مع اللوحات إلى درجة التمعن الملي في خطوطها وألوانها، تدخلت الأميرة وسألت طفلة كانت مندمجة في رسم اللوحة، أو بالأحرى إتمامها، قائلة "هل أنت من رسمت اللوحة؟" ارتبكت الطفلة، لأنها ليست من رسمتها، فدورها آنذاك هو ملء البياضات بالصباغة والألوان اللازمة فقط، عندها تدخلت قائلا: "سعادة الأميرة، إن أول مرحلة نعتمدها مع الأطفال، هي الاستئناس باللون في بادئ الأمر، ثم بعد ذلك نترك لهم فرصة اختيار إبداع لوحاتهم التلقائية"، إلا أنها قالت لي "في هذه المرحلة يجب أن يرسموا بمفردهم حتى يتمكنوا من صقل مواهبهم"، لقد كانت الأميرة لالة حسناء تختزن موروثا مغربيا وعربيا من خلال ملابسها، وكذا حقيبتها اليدوية، وقد كان لباسها آنذاك عبارة عن قماش محبب مصنوع ربما على الطريقة التقليدية، وقد زاد من جماله لونه الأبيض الذي فسح المجال لتلك الحبيبات البارزة، التي أدرجت اللباس في خانة الألبسة التقليدية العصرية، أما عن حقيقتها الجلدية ذات اللون البني، فأغلب الظن أنها صنعت من جلد الأفعى، لأن تلك الأشكال الهندسية التي تبدو على واجهة الحقيبة تحيل على ذلك، أذكر أيضا أن حرسها الخاص كانوا كثيرين، وهنا أتذكر حدثا مهما لا يزال مخزونا ومحنطا في ذاكرتي، وهو أني في تلك اللحظة التي كنت أتحدث فيها مع الأميرة، وَضَعْتُ يدي خلف ظهري، ثم انزلقت ناحية جيبي، عندها أحسست أن يدا اخترقت جيبي، وأخذت ورقة كانت هناك، وعندما التفت وجدته أحد حراس الأميرة، وكان بصدد وضع تلك الورقة في جيبه، ولما نظرت إليه أومأ لي فيما معناه "ماكين حتى شي موشكيل".

بعد ذلك توجهت الأميرة رفقة الوفد المرافق لها إلى باقي الخيمات محفوفة بالهتافات والزغاريد والأعلام الوطنية وكذا صور الملك محمد السادس، في جو أكبر من الزيارة، لكنه أقرب إلى الاحتفال.

*هسبريس









التعليقات