قيادة جديدة من الكوادر الوسطى على رأس شبكة القاعدة

قيادة جديدة من الكوادر الوسطى على رأس شبكة القاعدة
قيادة جديدة من الكوادر الوسطى على رأس شبكة القاعدة

غزة-دنيا الوطن

قال مسؤولو استخبارات اميركيون ان صورة جديدة بدأت تظهر لطبيعة عمل القيادة لتنظيم «القاعدة» اثر المعلومات التي عثرت عليها السلطات الباكستانية الشهر الماضي. اذ بدأ المحققون في تحديد جيل جديد من عناصر تنظيم «القاعدة» الذين ملأوا فيما يبدو الفراغ الذي خلفه قادة التنظيم الذين اما قتلوا او القي القبض عليهم. ويقول محللو استخبارات استنادا الى سجلات كومبيوتر ورسائل بريد الكتروني فضلا عن وثائق اخرى عثر عليها عقب اعتقال محمد نعيم نور خان في باكستان الشهر الماضي، انهم توصلوا الى ان المواقع القيادية العليا باتت تشغل بواسطة عناصر من مراتب قيادية ادنى وآخرين جرى تجنيدهم قبل فترة ليست طويلة. ويقول مسؤول ان العناصر التي باتت تشغل مراكز قيادية في «القاعدة» الآن خليط من الاثنين، أي من العناصر التي كانت تشغل مراتب قيادية وسطى في السابق وممن لم تمر فترة طويلة على انضمامهم الى «القاعدة». وفيما من المحتمل ان تسفر هذه المعلومات الجديدة عن انجاز استخباراتي مهم لادارة الرئيس جورج بوش وحلفائه البريطانيين، فإنها ادت في نفس الوقت الى ايجاد صورة اكثر تعقيدا فيما يتعلق بوضع تنظيم «القاعدة» كما يعكسه بوش في حملته الانتخابية. فعلى مدى الشهور السابقة ظل بوش يزعم ان قادة تنظيم «القاعدة» اما قتلوا او القي القبض عليهم، إلا ان الادلة الاخيرة تثبت ان التنظيم يعمل على تجديد نفسه وتعزيز قيادته بدماء جديدة. وظهرت الصورة الجديدة من خلال لقاء اجري مع مسؤولين حول تفاصيل المعلومات والنتائج التحليلية التي اخذت من اجهزة كومبيوتر صودرت عقب إلقاء القبض على نور خان. إلا ان المسؤولين لم يحدد هوية كبار قادة «القاعدة»، وأشارا الى انه لم يتضح بعد ما اذا كان اسامة بن لادن لا يزال يسيطر على التنظيم، سواء كان بصورة مباشرة او من خلال نائبه ايمن الظواهري. ويقول مسؤولون ان الصورة لم تتضح بعد فيما يتعلق بالبنية القيادية التي تفصل بين مهندس الكومبيوتر نور خان، الذي يبدو انه مسؤول عن الاتصالات وليس العمليات، وبين المراتب القيادية العليا في تنظيم «القاعدة». وثمة ادلة تشير الى ان «القاعدة» احتفظت ببعض عناصر نظام قيادتها المركزية السابقة واتصالاتها مستخدمة خبراء كومبيوتر مثل نور خان لتوصيل رسائل مشفرة وتوجيهات من قادة التنظيم الى عناصره في دول مثل بريطانيا وتركيا ونيجيريا. وكان لدى المسؤولين الاميركيين صورة مختلفة عن «القاعدة». فبعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد نظام طالبان السابق في افغانستان عام 2001، ساد اعتقاد وسط محللي الاستخبارات بأن تنظيم «القاعدة» قد تشتت ويحاول البعض إعادة تجميعه من خلال مجموعات متطرفة تنتمي اليه. إلا ان ما اتضح في الآونة الاخيرة هو ان «القاعدة» اكثر قدرة على الحركة مجددا وان التنظيم يسعى الى ملء الفراغات التي خلفها اعتقال قادة العمليات مثل خالد شيخ محمد وابو زبيدة ووليد محمد صالح بن عطاش، المعروف ايضا بـ«خالد». ويعتقد ان اسامة بن لادن وأيمن الظواهري يختبئان في المنطقة الحدودية بين افغانستان وباكستان. وفي يوليو(تموز) عندما اعلن مسؤولون اميركيون ان القاعدة تنوي شن غارات داخل الولايات المتحدة هذا العام، اعربوا عن اعتقادهم بان بن لادن يوجه هذه التهديدات.

ولم يناقش مسؤولو الاستخبارات اسماء كبار اعضاء الشبكة الارهابية، وقالوا ان ذلك يهدف الى تجنب التأثير على الجهود الرامية الى قتلهم او اسرهم. وذكر مسؤول «انهم في باكستان او في المنطقة». واضاف المسؤول الذي ذكر ايضا ان الحكومة الباكستانية «كانت متعاونة» في تعقبهم ، وهو تغيير اساسي من العام الماضي. اذ يبدو ان وجهة نظر الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف، تغيرت بعدما تعرض لمحاولتي اغتيال، يعتقد الآن انها تمت بمساعدة من المتعاطفين مع «القاعدة». وذكر مسؤول اميركي «لقد ادى ذلك الى تركيز تفكيره على القضية».

كما ادت ملفات الكومبيوتر العائدة لخان الى القبض على 11 من انصار «القاعدة» في الاسبوع الماضي في بريطانيا وصفهم مسؤول بأنهم شباب مسلم لديهم وجهات نظر متطرفة معادية للاميركيين، مثلهم في ذلك مثل العديد من عناصر «القاعدة» والعديد من الـ19 شخصا الذين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر.

ومن الشخصيات الرئيسية بين الرجال الذين قبض عليهم في بريطانيا ابو عيسى الهندي، الذي يعتقد انه اشرف على عمليات الاستطلاع لعدد من المنشآت المالية في نيويورك ونيو جيرسي وواشنطن. ويبدو انه يمثل ما ذكرت السلطات انه نوعية جديدة من مجندي القاعدة، الذي اعتنق الاسلام ولم يتدرب في معسكرات بن لادن في افغانستان.

ولا يزال القبض على خان يثير جدلا في واشنطن. وقد طلب السناتور الديمقراطي تشارلز شومر من نيويورك من البيت الابيض ان يشرح كيف تكشفت هوية خبير الاتصالات الذي قبض عليه في باكستان في الشهر الماضي. وقال شومر في رسالة الى كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي «ان الكشف عن القبض على خان ربما يؤدي الى تعقيد الجهود الهادفة الى مواجهة الارهاب».

وقد ادى القبض على خان الى عثور السلطات في باكستان علي اجهزة كومبيوتر قدمت ثروة من المعلومات بخصوص عمليات القاعدة، بما في ذلك عمليات الاستطلاع للمؤسسات المالية. ومن غير الواضح ما اذا كان يتعاون مع الاستخبارات الباكستانية وقت القبض عليه او انه قدم معلومات لإسلام آباد عن القاعدة. وقال شومر «اعتقد ان سياسة الانفتاح الحكومية هي افضل سياسة. ولكن الاستثناء الهام هو أي شيء يؤثر على الأمن القومي. وتشير بيانات المسؤولين الباكستانيين والبريطانيين الى احتمال وقوع مثل هذا الشبهات». وقد ترددت عدة تقارير حول شكاوى المسؤولين الباكستانيين من ان التصريحات العلنية في الولايات المتحدة بخصوص القبض على خان اشارت لوسطاء القاعدة بأنهم تحت المراقبة.

وتجدر الاشارة الى ان الدور المحدد لابن لادن في قيادة القاعدة يظل غامضا. فبعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 لم يكن من الواضح انه كان يلعب دورا ناشطا في وضع خطط محددة، كما كان في تلك الهجمات، طبقا لما ذكره مسؤولون في الادارة الاميركية. وفي اوقات معينة بدا بن لادن وكأنه يواجه صعوبة في اثبات سيطرته كقائد للشبكة عبر رسائل يحث فيه انصاره على تنفيذ عمليات ضد اهداف اميركية. ولكن في الشهور الاخيرة، ظهرت عدة ادلة دفعت عددا من المحللين الى الاعتقاد بان بن لادن ربما تمكن من الحفاظ على سيطرة اكبر بخصوص التخطيط لهجمات.

*نيويورك تايمز

التعليقات