البرنامج السياسي للمرشح الرئاسي الشيخ السيد بركة

بسم الله الرحمن الرحيم

" أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم "

برنامج مختلف لمرشح مختلف

رسالتي إلى شعبنا الفلسطيني

من نور النبوة التي هي من نور الله "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت, والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".

دوماً هناك أسباب ذاتية وموضوعية لأي نجاح أو فشل, إضافة إلى ذلك هناك مواسم للربح, وهناك مواسم لا تجارة فيها ولا ربح.

في الشأن الفلسطيني الراهن وهو جزء رمزي ومعبر بعمق عن الشأنين العربي والإسلامي أستطيع أن أقول أن العاملين الذاتي والموضوعي لا يبشران بما هو جديد ونافع للقضية وللشعب الفلسطيني, والموسم في نظري أيضا ليس موسم ربح بشكل عام – لماذا ؟ وما العمل ؟

للإجابة على السؤال الأول نقول: بالنسبة للعامل الموضوعي فالأمر لا يحتاج إلى مرافعة ومحاججة تؤكد أنه ليس في صالحنا, لأن التجديد لبوش ولاية جديدة وتكليف "كوندا " بوزارة الخارجية بدلا من باول , وتصريح بوش بتمديد اجل إقامة دولة فلسطينية لعام 2009 م إضافة إلى ضعف المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة والذي تجلى في مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد عشية عيد الفطر الذي أفطر فيه العالم العربي والإسلامي على سحق الفلوجة , كل ذلك يؤكد أن العالم في عهد ولاية بوش الجديدة , هو عالم أكثر قبحا وأكثر قسوة, واقل حكمة وعدلا بالتأكيد من أي وقت مضى .

أما بالنسبة للعامل الذاتي فالأمر يحتاج إلى إزالة التباسات تمنع رؤية الوضع على حقيقته

- الالتباس الأول / تبدو المقاومة كعنصر قوة هام وحاسم في الحركة الفلسطينية, وفي الحقيقة هكذا يجب أن تكون, إلا أن الواقع الفلسطيني يؤكد أن هذه المقاومة لا يديرها عقل سياسي فلسطيني يحمل رؤية محددة ويعرف بالضبط ماذا تستطيع المقاومة تحقيقه, وبالتالي ما المراد تحميله من أهداف سياسية وطنية مرحلية لهذه المقاومة, وبالتالي يتم التعاطي معها كوسيلة تستمد مشروعيتها ولا أقول أهميتها فقط من الأهداف والنتائج التي تحققها, وهذه حقيقة مرة لا بد من الاعتراف بها بجرأة .

- الالتباس الثاني / يتمحور حول مسألة المرجعية في الساحة الفلسطينية, هل المرجعية منظمة التحرير الفلسطينية ؟ أم هي السلطة ؟ أم هي صيغة جديدة؟ وهل من متسع في منظمة التحرير أو السلطة للحركة الإسلامية ؟ هل حسم كل عنوان من هذه العناوين رؤيته لمسألة المرجعية الجامعة؟.

- للأسف الشديد, منظمة التحرير اليوم هي بدون رؤية وبدون ميثاق وبدون برنامج, ويمكن القول بدون مؤسسات فاعلة على الأرض لا في الداخل ولا في الخارج, ولم يبق منها إلا رمزيتها, وأخشى أن أقول إنها ودََّعت مع رحيل القائد الرمز أبو عمار رحمه الله الذي كان يجمع في شخصه بين رئاستي المنظمة والسلطة؛ أما بالنسبة للحركة الإسلامية أنا اشك أنها وصلت إلى قناعات تحسم مسألة المرجعية الجامعة, وبالتالي تؤهلها لطرح تصورات واقعية ومقبولة تحل مسألة الشراكة التي صاغها البعض شعاراتياً في " شركاء في الدم شركاء في القرار " وبالتالي لا يلوح في الأفق حتى اللحظة بوادر صيغة وحدوية جامعه تفسح المجال للحركة الإسلامية, لذلك فإن الحقيقة المرة الثالثة هي أن المجتمع الفلسطيني في واقع الحال بلا مرجعية.

- الالتباس الثالث / تبدو مسألة الوحدة الوطنية كعنصر هام وحاسم في الحركة الفلسطينية, وهي حقيقة هكذا يجب أن تكون, إلا أن حقيقة الواقع الفلسطيني يؤكد أن هناك تعايشا جبريا ما بين الحركة الوطنية والحركة الإسلامية في فلسطين, اعني بوضوح: انه ليس هناك اعترافا حقيقيا متبادلا بين الطرفين, وبالتالي كل طرف يمارس "التقية " أو النفاق السياسي مع الطرف الآخر, والعقليتان لا تزالان ابعد ما يكون عن مفهوم الشراكة الفعلية التي تنم عن إحساس عميق ومسئول و أمين تجاه الشعب والقضية مما يفرض على الطرفين أن يقدما مصلحة الوطن والشعب فوق مصلحة الحزب أو التنظيم, وبالتالي واقع الوحدة له علاقة بالعوامل الايجابية الثابتة في البنية الفلسطينية أن صح التعبير, إضافة إلى طبيعة التحدي المفروض على الشعب, وليس نتاج قناعات تصنع شراكة مصيرية حقيقية.

- والدليل على ذلك انه و بعد أكثر من أربع سنوات من عمر انتفاضة الأقصى: لا أهل المقاومة اقتنعوا بضرورة وأهمية نهج التسوية والمفاوضات, ولا أصحاب نهج التسوية والمفاوضات اقتنعوا بضرورة المقاومة؛ والأرجح أن شكوك كل طرف تعمقت تجاه جدوى وسيلة الطرف الآخر, وهذا أمر منطقي لأن الأصل هو المزواجة ما بين السياسة والمقاومة داخل عقل واحد بدلا من الانشطار في الوعي والعقل الفلسطيني الذي لا يزال كل شطر منه يؤمن بشعار" الأسلوب الوحيد للتحرير", وهذا أسلوب عقيم وغير عقلاني بلا أدنى شك, والدليل الناصع على صحة ما نقول هو النموذج اللبناني الذي مارس السياسة والمفاوضات جنبا إلى جنب مع المقاومة رغم أن قضية لبنان لا تقارن من حيث التعقيدات بقضية فلسطين, مما يجعل عملية المزاوجة بين السياسة والمقاومة عملية حتمية وغير قابلة للجدل والتفاوض, ويصبح المعيار لشرعية أي من الأسلوبين هو النتيجة والمصلحة الوطنية العليا فقط, ولا قداسة ولا مشروعية مطلقة لأسلوب في ذاته وفي كل الأحوال, لذلك إذا أزيح هذا الالتباس نكتشف الحقيقة المرة الثانية وهي أن ما يسمى بالوحدة الوطنية هي وحدة الضرورات وليس وحدة القناعات وبالتالي لا يراهن عليها للأسف الشديد , والعلاج يكون بالوحدة الوطنية الفعلية والتي تأتي كتتويج طبيعي للرؤية الموحدة , وللمرجعية الوطنية الحقيقية.

و خلاصة القول لما سبق, أستطيع أن أقول: أن هناك أفقا مسدودة في هذه المرحلة أمام العقليتين اللتين تحكمان الواقع الفلسطيني و في ظل انشطار الوعي في العقل الفلسطيني, أي أن المقاومة وحدها لن تؤدي إلى تحرير ودولة, ونهج المفاوضات وحده لن يؤدي إلى تحرير ودولة, لذلك أن قبول الاستمرار في ظل هاتين العقليتين يعني السير نحو نهاية مأساوية لمسيرة الكفاح الفلسطيني.

بوضوح أكثر:

- إن تفجر انتفاضة الأقصى شكل إدانة للاجتهاد الفلسطيني الذي افرز اوسلو, وبالتالي يفترض من أصحاب هذا الاجتهاد أن يعترفوا بالفشل.

- و من جهة أخرى فان النتيجة التي آلت إليها انتفاضة الأقصى بقبول مشروع شارون للانسحاب أحادي الجانب, مع تمكين نفس القيادة التي ُيفترض أن تعترف بالفشل و تفسح المجال لاجتهاد أخر, فإن هذه النتيجة أيضا تشكل إدانة للعقلية التي أدارت عملية المقاومة كاجتهاد معاكس للاجتهاد الأول.

من هنا ننتقل إلى سؤال ما العمل؟:

*للإجابة على السؤال : هناك شقان .

الشق الأول يخص الوضع الفلسطيني الداخلي وذلك من خلال الخطوات الأربع التالية:

1- الرؤية الموحدة:

لا بد من وجود قيادة فلسطينية تؤمن بشرعية كل الوسائل "عنفيه أو سلمية" طالما بقي الاحتلال , وبالتالي نستبعد فكرة – الأسلوب الوحيد للتحرير- العقيمة , وتؤمن بحتمية المزاوجة ما بين السياسة والمقاومة باعتبارهما يكملان بعضهما بعضا من أجل بلوغ أهدافنا الوطنية المشروعة.

2- المرجعية الوطنية الجامعة:

يجب أن نعترف أن الهيكليات الوطنية القائمة بما هي عليه لا تسمح بالحديث عن مرجعية وطنية جامعة, طالما بقي جسم الحركة الإسلامية خارج هذه الهيكليات, إضافة إلى قطاع كبير من الكفاءات الوطنية المستقلة غير الممثلة أيضا في نفس الهيكليات, لذلك لا بد وبشكل سريع – من إبداع صيغة لمرجعية وطنية جامعه تكون صمام أمان للسياسة وللمقاومة وللبلاد والعباد معا , ولا بأس أن نحافظ على اسم منظمة التحرير الفلسطينية كرمز للهوية السياسية, لكن شريطة أن يعاد صياغة مضمون وهيكلية المنظمة لنعيد لها روحها ودورها وتمثيلها الشامل لكل أبناء الشعب الفلسطيني, بحيث تبقى ممثلا للفلسطينيين في الخارج من جهة وتكون مرجعية السلطة الفلسطينية من جهة أخرى .

3- الوحدة الوطنية :

إذا وحدنا الرؤية, و وحدنا البرنامج، وإذا وُفقنا في إيجاد صيغة المرجعية الوطنية الجامعة فان الوحدة الوطنية تصبح نتيجة طبيعية وواقعا ملموسا وصخرة تتحطم عليها كل المشاريع والأوهام التي تخطط وتسعى لضرب هذه الوحدة.

4- الإصلاح والتنمية :

إن إعطاء العناوين السابقة مضمونا جديا لا يكون إلا من خلال خوض معركة الإصلاح الديمقراطي الحقيقي , والتي تسعى لوقف استنزاف روح وأعصاب وكرامة الإنسان الفلسطيني، واعتباره الرصيد الأهم والعامل الحاسم في استمرار المعركة وشرط كسبها , وهذا لا يتأتى إلا من خلال :

1- تجفيف ينابيع الفساد .

2- إصدار القوانين والتشريعات التي تمنع استئناف الفساد أو استنساخه أو تكاثره من جديد.

3- اعتماد الكفاءة والأمانة كأهم معياريين لإشغال المواقع والمراكز الأولى في الوزارات والأجهزة والمؤسسات .

4- الفصل التام ما بين الأمن وكل مفردات الاقتصاد الوطني, و إلغاء الاحتكار الذي يسمح بوجود " مافيا اقتصادية" في البلد .

5- استقلالية سلطة القضاء والفصل التام ما بين السلطات .

6- توفير شروط العيش الكريم لكل شرائح المجتمع الفلسطيني وفي مقدمتهم الأسرى و عوائل الشهداء والجرحى والمعاقين والعمال, وتوفير الضمان الصحي والاجتماعي للجميع .

7- لا بد من إيجاد القوانين التي تعامل المرأة الفلسطينية كإنسان وشريك في بناء الاسرة والمجتمع , وإفساح المجال أمامها لامتلاك كل أسباب المعرفة والقوة والمشاركة في إدارة شئون المجتمع من مواقع سياسية و اقتصادية و اجتماعية وغيرها.

8- لا بد من تغيير جوهري في مفاهيم التعليم بحيث تعطى الأهمية للكيف وليس للكم , أي للمضامين التي تصنع الأحرار وتشجع على المبادرة والإبداع , وربط العملية التعليمية بحاجات المجتمع , وتحمل المسؤولية اتجاه الخريجين من خلال إيجاد المشاريع وفرص العمل لهم , وهذا يعني إخضاع العملية التعليمية لتخطيط دقيق و مسئول و أمين يسمح للمجتمع وللمتعلمين أن يروا المستقبل بوضوح ويسعوا لصناعته وامتلاكه.

9- يجب إصدار قوانين وتشريعات تعطي للنقابات شخصية مستقلة , وتحميها وتجعلها قادرة على تمثيل الفئات التي تمثلها , وبالتالي خوض معارك حقيقية مع الوزارات والهيئات التي تصادر أو تتهاون في حقوق تلك الفئات التي تمثلها النقابات

10 - إصدار قانون لتنظيم الحياة السياسية يسمح بإنشاء أحزاب حقيقية تحمل برامج ورؤى تسمح بحراك اجتماعي اقتصادي سياسي حقيقي, بحيث تصبح الحياة السياسية نتاج هذا الحراك, وليس نتاج قرارات وتوجهات السلطة التنفيذية التي تملك عادة المال والسجون , وبهذا نؤسس لتعددية سياسية حقيقية تسمح بالتداول السلمي على السلطة.

11 - إن أرقى وسيلة لحماية الوطن والمواطن والحفاظ على كرامتنا هي أن نكون جميعا تحت القانون, ولا نسمح بان يكون هناك احد فوق القانون بدءً من رئيس الدولة – مرورا بالوزراء ورؤساء الأجهزة – انتهاء بالمواطن, وبالتالي نتحرك برشد و بسرعة في آن واحد من القبيلة إلى الأمة عبر القانون .

أما التنمية:

فإنها تتطلب ثورة ثقافية حقيقية تعيد قراءة الدين والتراث والواقع – خصوصا المعطى الثقافي العالمي المعاصر – قراءة جديدة تضع الإنسان هدفا لها , وتعتبره القيمة العليا العملية في حياتنا , وبذلك نكون قد خطونا الخطوة الأولى الصحيحة با تجاه التنمية الحقيقية من خلال التنمية البشرية .

* أما بالنسبة للشق الأخر من الإجابة فهي تخص الوضع السياسي وكيفية التعامل مع الخارج

التعليقات