تاريخ الحجاب والعري

تاريخ الحجاب والعري
غزة-دنيا الوطن

الحجاب العصري..أهو موضة عصرية أم انه تدين بحق؟ فأن كان الاول فلم تدعو المحجبات السافرات لارتداء الحجاب، وأن كان الاخير، لم اذن ترتدي المحجبة الجينز الضيق والملابس الضيقة التي تكشف ولا تحجب وتثير ولا تحفظ.

فاطمة تتحدى الغرب بالحجاب

سؤال وجهته ايلاف الى مغربية محجبة، ارتدت الحجاب لحظة وصولها هولندا، فاجابت فاطمة : أنا في بلدي سافرة وهنا محجبة لسببين : الاول ارادة زوجي والثاني ان أغلب المغربيات محجبات في هولندا، ولعله أمر يبعث على الاستغراب لان أغلب صديقاتي في مراكش سافرات. ربما يتعلق الامر بضرورة الحفاظ على الهوية وخصوصية التعبير في الغربة.

لكنك محجبة بملابس مكشوفة؟ كيف يكون هذا؟

وأذهب الى الديسكو أيضا.!

ولعل فاطمة واحدة من كثيرات يعانين حالة شيزوفرينيا في ذاتها، لان التناقض في شخصيتها يبعث على الاستغراب، ففي داخلها يكمن التحدي للمجتمع الغريب الذي تعيش فيه، وكانها تصرخ. التفتوا الي اني مسلمة محجبة، لاسيما وان دعوات الاندماج داخل المجنمعات الغربية تتصاعد هذه الايام وهي تعني المسلم اولا.

ألم يقل جان دانييل رئيس تحرير مجلة ( النوفيل او بزرفاتور) الباريسية أن الحجاب محاولة من المسلمين لاظهار احتقارهم للمجتمع الفرنسي الذي يرفضون الانصهار فيه.

الحجاب.. تأريخ من المعارك

ولعلها قديمة.. حكاية الحجاب هذه.. منذ غواية أبليس الملهم الاول للتعري والغواية في نظر المتدينين ( ينزع عنها لباسهما ليريهما سوآتهما... [ الاعراف:27] ).

هي مشكلة تاريخية ايضا.. وعصرية في ذات الوقت!

تاريخية حين انبرى مصطفى كمال اتاتورك لقهر الحجاب، ولم تسلم منه حتى العمامة التي يلبسها الذكر التركي، فكيف بانثى الاتراك. ولم يفلح الامر مع التركيات ولما يزل الحجاب ظاهرة في تركيا، بل ولم يفلح الامر حتى مع زوجته التي لم تخلع الحجاب ولاحتى مرة في حياتها.



ومعارك الحجاب طويلة، منذ هدى شعراوي التي رحلت الى باريس محجبة وعادت سافرة ساخطة على الحجاب وقوانينه، ومنذ.. قاسم أمين الذي هو الاخر عاد من فرنسا مطالبا المراة بخلع الحجاب لكي تحذو حذو الفرنسية.

ومنذ أحمد بن بيلا وهو الذي نادي بخلع الحجاب

ومنذ.. جميل صدقي الزهاوي حين نادى باعلى صوت :

اسفري فالحجاب يا ابنة فهر هو داء في الاجتماع وخيم

كل شئ الى التجدد ماض فلماذا يقر هذا القديم؟

ومنذ..نوال السعداوي حين قالت قولتها الشهيرة ومضت : ان الحجاب والعري وجهان لعملة واحدة، وانا أرى ان الفتاة التي تتغطى مثل الفتاة التي تتعرى ومثل الفتاة في اوروبا وامريكا التي ترتدي الميني جيب!.

واخيرا الوزير فاروق حسني..

دخل على الخط وراى في الحجاب ردة إلي الوراء، فاقام الدنيا ولما تقعد بعد.

وبين اليوم والامس فان ثمة تباين، كما بين الدول والافراد!

ارهاب الحجاب

ففي العراق الذي تهيمن عليه ميليشيات دينية، يصبح الحجاب امرا لاجدال فيه.

تقول أيناس وهي في الصف الثالث المتوسط في مدرسة بالبصرة : ان أفرادا يرتدون ملابس سوداء تابعون لجيش المهدي يقفون امام باب مدرستي ويعترضون سبيل الطالبات السافرات، وفي مدة اسبوع كانت جميع الطالبات محجبات.

وفي الموصل أختطفت زينة القشطيني ووجدت جثتها مغطات بعباءة سوداء. و زينة فتاة سافرة أعجبها ان تلبس بنطلون الجينز ليس اكثر.

وتقول أسماء من كركوك أن متشددين اسلاميين أشبعوها ضربا لانها كانت ترتدي تي شيرت مع جينس، ورشوا على وجهها ( التيزاب ) الذي يحرق الجلد. والتيزاب هو الحامض الكيمياوي باللهجة العراقية.

و مثل هذ الامر حدث في بلاد كثيرة، كالجزائر واندونيسيا.


شيزوفرينيا الحجاب

وبين ان يكون الحجاب مجرد غطاء يستر الشعر، بينما ينطلق الجسد في اغواءاته. وبين ان يكون علامة على خضوع المراة لارادة المجتمع، بينما روحها تواقة الى التحرر تتولد تلك الشيزوفرينيا في روح المراة المسلمة. التي لاتعرف ماتريد.

فمهى تلبس الحجاب في الشارع وتنزعه في المقهى، وهي تدخن الشيشة في مقهى سورية بدمشق، و نازلي الايرانية المحجبة ترقص وتتعرى في حفلات ماجنة سرية تقام على اطراف المدن الكبيرة.

وهيفاء فتاة عراقية قالت لايلاف انني محجبة قهرا، لان الاسلام السياسي في العراق تمثله ميليشيات ظلامية تعزل المرأة مما يضطرها لان تعبر عن ارادتها الحقيقية بصورة سرية.

والشباب المتعلم لا يجد اليوم وسيلة لتبادل الحب الا في الجامعات، فالجامعات العراقية اصبحت مثل المواخير، اذا اراد الشاب ان يبحث عن علاقة جنسية او بريئة مع انثى، فالمكان المفضل هو الجامعة. وفي السبعينات لم يكن الحجاب طاغيا في قاعات الدرس، اما اليوم فليس ثمة سافرات؟ أهو الخوف ام الايمان. الخوف بالتاكيد، كما أسلفت هيفاء.

الطالب شبيب الحلي من جامعة بابل، سالته عن فتاة محجبة كان يردد اطراف الحديث معها قال بانها كانت قبل سنتين سافرة اما اليوم فانها تخاف من الخطف وحتى الاغتصاب او الاغتيال.

اما الهام من لبنان فهي محجبة بطريقة مغلقة تماما لكنها حين تذهب الى البحر لاتستطيع مقاومة اغراء زرقة الماء فتخلع و تخلع وتقذف بنفسها مثل سمكة في القاع، ولكن الا يتعارض ذلك مع فلسفة التحجب تقول الهام ابدا، المحجبة تستطيع أن تخلع وقت تشاء!



الحجاب... فن

ولكن كيف يصبح التحجب فنا؟

نعم فالفتيات ولاسيما الطالبات يقفن ساعات طويلة امام المراة لاختيار لون الحجاب وطريقة شد ( الربطة )، وكيف تتناسق مع النظارة السوداء والمكياج الصاخب الالوان، وهل سيقترب ذيل الربطة من ( الخلفية ) المحصورة بالجينز، كما يتوجب اختيار طريقة الحجاب التي تجعل الشعر ينزلق على الوجه، وان تكون ازالة قطعة القماش من على الراس سهلة لحظة الحاجة : وكل ذلك يحتاج الى تدريب وتمرين.


أنواع الحجاب

وليس ثمة احصائية دقيقة في انواع الحجاب وطرق لبسه، ففي الغرب يمكنك التعرف على جنسية الفتاة من نوع الحجاب الذي ترتديه، فالمغربية ترتدي غطاء الراس ويكون متوترا بعقدة في الخلف، وفي أغلبه اسود، بينما يكون حجاب التركية بالوان مختلفة، ويعقد الحجاب بشدة اسفل الرقبة، أما الايرانيات الذين لايحبذن الحجاب واغلبهن سافرات الا ان بعضهن يرتدي الحجاب بنفس طريقة مريم رجوي.

وهناك هولنديات يرتدين الحجاب يعد ان تزوجن من مسلمين، وغالبا مايكون حجاب الاجنبية مرتيا بطريقة فوضوية لانها لم تالفه بعد.

بيوشكا ترتدي الحجاب من سنتين بعد ان اصبحت مسلمة ولاتعتقد انها ستستمر معه لانه يتعبها ويحتاج الى وقت. كما انها تتعرض لمضايقات في العمل. وتعتقد يوشكا ان الذي يزعج في الامر ان الكل يشير الي خلسة :

انظر لقد اصبحت مسلمة فهي ترتدي الحجاب.

وتعتقد ان الغرب ينظر الى الموضوع بحساسية لان المجتمع يعتقد ان المسلمين في الغرب يسعون لتكوين مجتمعهم المسلم المنعزل داخل المجتمع الاوربي وهذا امر مرعب اذا ما تفاقمت الامور اكثر.


التمثيل مع الحجاب حلال

واما قصة الفنانات مع الحجاب فقد صارت مثل النكتة اليومية ففنانة ترتدي واخرى تخلع وبالعكس، وفنانة تقنع الاخرى بالتحجب وبالعكس، وترى فنانات تحجبن وتركن التمثيل الى غير رجعة كما كان يظن الا ان ظهورهن على الشاشة جاء بعد فتوى مستحدثة تبيح لهن التمثيل بالحجاب، كما حصل مع سهيررمزي وسهير البابلي وغيرهما من الفنانات اللواتي

شكلت عودتهن مفاجأة غير متوقعه وخلنا اننا لن نراهم مجددا على الشاشه.

وعلى النقيض من ذلك يصرحن فنانات بعد ان تحجبن ان الفن حرام وانهن نادمات على مسيرتهن الفنيه.

لكن هناك من الفنانات ممن خلعن الحجاب، وتفسير الامر انه مرحلة روحانيه عابرة، فيعودن الى التمثيل في ادوار ساخنة جدا.

والمثير في حجاب الفنانات انه تحجب ( سكسي ) بمعنى الكلمة، فهو حجاب ولاحجاب، بعد ان ترتدي الفنانة كل الالوان الصاخبة والمثيرة في قطعة الحجاب هذه، وتكثر من التبرج والمكياج واحمر الشفاه.

ولعل الحجاب اليوم افضل وسيلة دعاية للفنانة، فتحجب حنان ترك وقبلها حلا شيحه جعلهما ضيفا الكثير من وسائل الاعلام، ووضعت لهما سيناريوات لاعمال تلائم وضعهم الجديد مع الحجاب كما ارتفعت اجورالفنانات المحجبات.

تسييس الحجاب

ويبقى الحجاب.. قضية نتداولها كل يوم وبين التحجب القسري كالذي يحدث في العراق، ومعاقبة المرأة وجلدها اذا ما عبرت عن حقها البسيط في ممارسة الرغبة البشرية، كالذي بحدث في السودان، الصومال، الباكستان، العربية السعودية.، وبين دول تمنع التحجب رسميا كتركيا وتونس، ودول تمنح الحرية لمن يريدها الا في الحجاب كفرنسا.

وبين هذا وذاك......

يظل الحجاب شاخصا في حياتنا اليومية ليس فقط كقطعة من القماش، ولكنه خطاب سياسي وأجتماعي، يتداوله المتدين والعلماني، المسلم وغير المسلم. ويبقى الحل في خصخصة الدين! فالدين قناعة شخصية يجب ان لا تسيس وان تبقى حرية التعبير أمر مقدس لايقبل أي مساومة، في الحجاب وغير الحجاب.
*عدنان ابو زيد

التعليقات