الشيخ أبو هاشم لدنيا الوطن:مجهولون حطموا ضريح السيد هاشم بغزة لان طائفة تكثر من الزيارات والتبرك بالقبر

الشيخ أبو هاشم لدنيا الوطن:مجهولون حطموا ضريح السيد هاشم بغزة لان طائفة تكثر من الزيارات والتبرك بالقبر
غزة – دنيا الوطن - تامر عبد الله

يقع ضريح السيد هاشم بن عبد مناف جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم داخل مسجد السيد هاشم بغزة تحديداً في حي الدرج، وتبلغ مساحة المسجد 2371م2 ، وهو من أكبر جوامع غزة وأتقنها بناء، والراجح أن المماليك هم أول من أنشئوه وقد جدده السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1266هـ/ 1850م) ،وكان في الجامع مدرسة موجودة أنشأها المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في فلسطين من مال الوقف ، وقد أصابت الجامع قنبلة أثناء الحرب العالمية الأولى (1914- 1917) فخربته. ولكن المجلس الإسلامي الأعلى عمره وأرجعه إلى أحسن ما كان عليه. وأما ما يهمنا بهذا الحديث هو ضريح السيد هاشم الموجود بداخل المسجد فقد تعرض هذا الضريح لاعتداء ترددت أسبابه ما بين مؤيد ومعارض، وبقيت هذه المسألة معلقة دون أن يجزم أحد بأيهم على حق؛ لذا نحن في دنيا الوطن كان لنا هذا الحوار مع الشيخ عبد اللطيف أبو هاشم مدير دائرة التوثيق والمخططات بوزارة الأوقاف الفلسطينية حيث أثرنا هذه القضية لكي نضع النقاط على الحروف.

* أثار وجود قبر هاشم بغزة جدلاً منذ الانتفاضة الأولى بعد أن أقدمت فئة متطرفة على تحطيمه، فما هي حجتهم في ذلك؟

- دعنا نتكلم عن جذور الموضوع ، انطلاقا من الحركة السلفية في العصر الحديث وأنا أرفض كلمة متطرفين لأنه هو فهم خاص لمجموعة من القضايا أفرزت في العصر الحديث، الحركة السلفية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بلاد الحجاز وهي مبنية على مفاهيم موجودة قبل ذلك لدى الشيخ الإسلامي ابن تيمية وابن القيم، هذان العلمان وابن تيمية بالذات يرى أنه لا يجوز شد الرحال إلى المقابر العادية ولا إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأن من يزور قبر النبي عليه الصلاة والسلام فهو ذو نية غير صحيحة ولا يثاب على ذلك؛ لذلك رد عليه جل علماء الإسلام وخطؤوه في هذه القضية وبالذات كتاب الإمام السبكي في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن خطورة ما قام به السلفية في أوائل القرن التاسع عشر وقبل ذلك، انطلاقا من هذه العقيدة التي يعتقدونها وأن البدع قد انتشرت وأن الأولياء قد قدست وأن الناس أشركت، بناء على ذلك فهم يحاربون الشرك، فقاموا بطمس كل الآثار الإسلامية الموجودة في المدينة المنورة ومكة المكرمة مثل ارض البقيع المدفون بها كبار الصحابة ومعالم كبيرة جدا كان ينبغي أن تكون ولا تهدم، بل ويصل بهم الأمر أنهم أرادوا أن يهدموا قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالفعل الآن لا يوجد آثار إسلامية في بلاد الحجاز كلها حطمت، إن ذاكرة الإسلام كله موجودة في بلاد الحجاز فلم تهدم؟!! ، أعتقد أن هناك إيعاز من بلاد أخرى وأخذت إطارا إسلاميا على أساس محاربة الشرك وغير ذلك؛ لكن هل نعبد القبر عندما نقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أم أنني أتذكر سيرة الإسلام لمدة 1400 عام؟ بالطبع ذلك لا غير، وحجتهم فيما فعلوه السلفيين بقبر السيد هاشم بأنه كافرا وانه ليس مسلما للأسف، والسيد هاشم ليس كافرا فقد مات قبل الإسلام وهو في طريقه إلى مكة المكرمة، ويقول الشاعر في ذلك: "كهاشم في ضريح وسط بلقاة تسفي عليه الرياح عند غزاة"، ثم أن مدينة غزة سميت باسمه لوجود قبره فيها.

* هل يخضع قبر هاشم لرعاية وزارة الأوقاف؟ ولماذا لا يتبع دائرة الآثار؟

- هو معلم ديني تابع لوزارة الأوقاف فهو ضمناً تابع للمسجد.

* لقد بنت وزارة الأوقاف مسجدا بمحيط القبر وأصبح القبر بذلك داخل المسجد، فهل اعتبرته الوزارة من المعالم الإسلامية؟

- إذا قلنا من المعالم الإسلامية فهو منها لأنه يخص الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن هاشم بن عبد مناف هو جد الرسول عليه الصلاة والسلام، نحن نتشرف بأنه جد الرسول صلى الله عليه وسلم فقط لا غير.

* تردد أن سبب قيام فئة من الناس بغزة بتحطيم قبر هاشم يعود لإقدام بعض الجماعات المسلمة بالتبرك بهذا القبر ما هو تعليقكم؟

- نعم، هو ردة فعل على طائفة من الهنود كانوا يكثرون من الزيارات وتأتي للتبرك من القبر ولهم اعتقاد أن أي أثر من آثار آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقدسونه، وأنا أرى حادثتين أحدهما بالإفراط في الإيجاب والأخرى الإفراط في السلب ، فطائفة البهرة تفرط في التقديس والتبرك وهذا شيء خاطئ ومخالف للإسلام وهم من الطائف غير السنية أي طوائف الشيعة، والأخوة في الحركة السلفية يفرطون في قضية الإهمال إلى درجة العدوانية على أثر إسلامي.

أنا لا أعتقد أن هذا هو الحل، يجب أن نمنع هؤلاء الناس من التبرك وبنفس الوقت لا نهدم أي أثر إسلامي، فمثلا في الحج حينما يريد بعض الناس أن تتمسح بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو أننا اعتقدنا أن هذا خطأ فهل يكون هذا دافعا لهدم القبر بالطبع لا، والقياس موجود مع المفارقة، وقد جاءت الدول والدويلات على بلاد الحجاز الأموية والعباسية والعثمانية وغيرهم، فلماذا لم يقوموا بهدم هذه المعالم الإسلامية؟، أجميعهم غفلوا عنها؟، وقام بذلك الحركة الوهابية فقط، هل غفل جل علماء المسلمين؟، لا ولكن يجب المحافظة على هذه الآثار الدينية لذلك الحفاظ عليها من اختصاص وزارة الأوقاف، وكان الشيخ عثمان الطباع رحمه الله يقول في بعض الأجزاء من "إتحاف الأعزة" وهو يتحدث عن عزة: " والناس في غير بلادنا يحترمون الأثارات القديمة ويقدسونها أو على الأقل يتركونها من غير سرقة لرخامها ولا تعجين لبنائها وهذا من جملة الأسباب التي أدت إلى خراب غزة وضعف أهلها وتسلطن الفقر فيها"، فيجب فعلا المحافظة على الآثار.

*خلال الانتفاضة الأولى تم تحطيم قبر هاشم وقبل فترة وجيزة قامت جماعة متطرفة بغزة بتحطيم نصب الجندي المجهول للمرة الثانية خلال عامين بعد ترميمه المرة الأولى، برأيك هل تتجه غزة إلى حالة شبيه بطالبان عندما أقدمت حكومتها على هدم التماثيل؟

- لا، لا أعتقد ذلك ، الفرق كبير جدا بين المفاهيم لدينا وفي طاليان، المفاهيم في طالبان مطابقة للسلفية في السعودية، ومن درس في السعودية جاء هنا ويطبق هذه الأشياء فهم يرون الجندي المجهول صنمنا أو تمثالاً وبرأيي غير مطلوب هدمه أو تحطيمه لأنه حسب ما قال العلماء مادام لا يعبد ليس لنا به أي علاقة، والتماثيل أيضاً التي هدمتها طالبان لم تهدمها كل الدول إلا حركة طالبان وقامت بتأليب العالم كله ضدها.

* ما تزال قضية الآثار العربية في الحقبة الجاهلية تثير الجدل والحساسية لدى بعض المسلمين سواء في غزة أو غيرها بينما الآثار التي تعود للرومان والفينيقيين والآشوريين والفراعنة محل تكريم، هل تعتقد أن هناك خلط من قبل بعض المسالمين ما بين مرحلتين متداخلتين وهما نهاية الجاهلية وصدر الإسلام؟

- هناك نقطة مهمة جداً وهي أن الآثار لها تأثير على العقيدة الإسلامية وكانت فيها معبودات وثنية يمكن دراستها من ناحية تاريخية لكن لا تقديس ولا تبرك، ولكن أنا أنتمي لحضارة إسلامية ولجذور عربية موجودة قبل الميلاد بثلاثة أو أربعة آلاف عام، فهذه قضية لابد لي أن أبينها فهي تفيدني في وجودي في هذه البلاد على أساس أن الآن يوجد نقوش و وثائق تؤكد أن العرب موجودون قبل الإسلام الذين وهم الآن ذخر للإسلام. فهذه ناحية إيجابية للإسلام فنلاحظ أن هناك مجموعة من الكنائس جاء الإسلام وحولها إلى مساجد، فمثلا المسجد العمري كان كنيسة الملكة أوفيدكتسيا وحينما أسلم أهل المدينة تحولت الكنيسة إلى جامع في العهد العمري، ففي مدينة غزة على سبيل المثال كانت من أكثر المدن مليئة بالأصنام فحين أتى عمرو بن لحي وأخذ معه العديد من الأصنام لمكة لذلك كان صعب جدا دخول المسيحية في غزة واليهودية لم تدخل مدينة غزة ولا المدن الساحلية.

* هل ترى أن عدم اهتمامهم بالوجود العربي ولا بحضارة العرب وما يمارسونه على أرض الواقع هدفه ضياع القومية العربية؟

- هم لا ينطلقون من هدم القومية العربية، فهم ينظرون إلى قضية جزئية فهم ينظرون وجود مقام أو قبر أو شاهد هو أمر غير مشروع وهو عندما يقوم أحدهم بهدمه فإنه يؤجر من رب العالمين، ويعتقدون أيضا أن هذه من آثار الجاهلية الأولى، حيث أنهم في الجاهلية قالوا لا نعبدها ولكن نتقرب إلى الله بها والذين يتبركون اليوم بها يقولون ذات الشيء، وأنا أرى أن قضية التبرك غير موجود الآن فالكل لديه وعي ويعلم بالعقيدة، أما الإشراك الموجود اليوم فهو الإشراك مع الله في أعظم خصائصه وهي الحكم فلا يوجد دولة اليوم تحكم بحكم الإسلام، فأنا أعتقد أن ما يحدث هو نوع من الإلهاء للناس بأن الشرك موجود بصورة كبيرة وأن هناك خطر على عقائد الناس، هذا غير صحيح كل الناس تعتقد بالله بكل صفاته العليا، إذا السبب الذي يمكن أن تهدم من أجله القبور فهو غير موجود، لا يوجد أحد للطواف حول القبور أو المزارات ولكن نعلم أن هذا رجل صالح فنحترمه ولا نهدم قبره ولا نقدسه أو نتبرك به.

التعليقات