صور تمثال الحرية على أنقاض مبنى المقاطعة في رام الله

صور تمثال الحرية على أنقاض مبنى المقاطعة في رام الله

غزة-دنيا الوطن

غزة-دنيا الوطن

العمل الفني عند نبيل العناني لا يبدأ بفكرة بقدر ما يبدأ بشكل يؤدي إلى فكرة شكل حميم وقائم سلفاً يمتحنه الفنان بعينيه و يحوره بما ملكت يداه من طاقة ومن حس بمكنون الشيء و ليس بمظهره .

بدأ الفنان التشكيلي الفلسطيني نبيل العناني من القرية الفلسطينية و هي تلتف حول خاصرة الطبيعة الجبلية لوسط فلسطين بتواضع و انسجام يفشيه البناء و التكوين و اللون ومن ناسها وهم يحنون على بعضهم البعض و على المكان ، أم وأطفالها …. رجال هادئون …. صبية يطرز ثوبها بالعنب و النباتات و الزهور التي تتسلق جدران البيوت وكأن لسان حاله يقول " القصة من هنا بدأت " الإنسان في أعماله ليس وحيداً ولا منعزلاً . انه جزء من أسرة ومن مجموعة تحميه ، وجزء من مكان ليس محايد أبدا .

وعن ما يعيشه الشعب الفلسطيني يقول الفنان نبيل العناني لدنيا الوطن:" عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية المدن الفلسطينية بالصواريخ. انتابني شعور أن للمدينة جسداً صامتاً يتعرض للانتهاك و التدمير " و يضيف الفنان نبيل العناني " فيما مضى كانت الأشجار و الأبنية و المنعطفات تبدو محايدة بعض الشيء ، عندما يختبئ قناص إسرائيلي خلف شجرة او صخرة او جدار او بيت مثلاً ، تبقى الأشياء على هدوئها بينما للبيوت و للشجر ألان طعم و حال مختلف ، فهي كما الناس تقصف و تقلع و تهدم و لكنها مستمرة في البقاء " .

الفنان نبيل العناني عاش ماسي الشعب الفلسطيني و النكبات و الدمار الذي حل بالشعب الفلسطيني و بأماكن رموزه السياديه فقرر التعبير عن غضبه تجاه ما يحدث بفنه و إحساسه الفني وخاطب صمت العالم و تحديداً إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية برموز حرياتها .

-متى راودتك فكرة التعبير عن ما يعانيه الشعب الفلسطيني بهذه الفكرة ؟

*الفكرة كانت تراودني من الاجتياح الأول و عملية الهدم الأولى للمقاطعة و كانت عبارة عن احتجاج على البربرية الإسرائيلية و عملياتها العسكرية وعملية الهدم لمراكز السيادة الوطنية ، و المقاطعة هي رمز بالنسبة لي يدمر وكذلك جنين و نابلس و رفح … و غيرها .

-لماذا اخترت تمثال الحرية ( أحد الرموز الأمريكية ) ولم تختار شيء أخر ؟

*في الحقيقة لم أفكر بتمثال الحرية في البداية كانت الفكرة أن أقوم بعمل فني على جدار أحد المباني المدمرة في ساحة المقاطعة وكانت الفكرة أن أقوم بطلاء هذا المبنى باللون الأحمر من جميع الجهات و من الداخل و وضع عبارات على الجدران باللون الأسود و بعد أن قمت بتجهيز المواد و قبل يوم من بدء العمل عادت القوات الإسرائيلية و اقتحمت مقر المقاطعة من جديد و هدمة المبنى الذي تم اختياره للتعبير عن الاحتجاج على آلة الحرب الإسرائيلية وكان الارتباط الأمريكي بالعمليات الإسرائيلية و السماح لإسرائيل بالتمادي في غطرستها وعنجهيتها واضح للجميع فقررت اختار تمثال الحرية ولم ارغب في أن يكون تمثال كامل و هو عبارة عن رسالة لإسرائيل و أمريكا ، و أقول للولايات المتحدة الأمريكية أن تمثال الحرية الموجود لديك و يمثل الديمقراطية في بلادك يمثل الدمار و القتل بالنسبة لنا الفلسطينيون و آن حريتك مبنية على دمار وخراب الشعوب الأخرى من اجل تامين الأمن لإسرائيل .

-لماذا قمت بوضع التمثال بهذه الصورة ( معقوف الشعلة ) ؟

*كان ذلك رمز على أن الحرية الأمريكية تختلف عن الحرية الفلسطينية و أن الديمقراطية الأمريكية الزائفة تختلف عن ديمقراطية الشعب الفلسطيني و أن أمنهم يختلف عن أمننا في فلسطين.

-لماذا لم تختار شيء غير هذا التمثال ؟

*لقد بحثت عن اكثر شيء يرمز للولايات المتحدة الأمريكية فوجدت أن هذا التمثال تعبر عنه أمريكا في كل إعلاناتها و كل صورها التي تعرض على شاشات التلفزيون عنها وعن تاريخها و انه يعبر بكل وضوح عن ما يجول بخاطري و قد ارتبط ذلك بشكل واضح بالفن الذي أقوم به .

-ما هي الرسالة التي من خلالها ترسلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل ؟

*الرسالة واضحة و ذات فهم سهل ورمزها واضح ومجرد وجود تمثال الحرية على أنقاض المقاطعة وعلى بقايا هذا الدمار العظيم يفسر أشياء كثيرة ، المشاهد لهذا التمثال اعجب بالفكرة أصدقاء كثر هاتفوني وعبروا عن إعجابهم بهذه الفكرة و كما قلت سابقاً بأنها ليست عمل فني خالص و إنما رسالة فنية و لم اعمله ليكون بشكل دائم .

-هل هناك نشاطات قادمة لكم كفنانين تعبرون من خلالها عن رفضكم لهذه الحرب الإسرائيلية ؟

*هناك حديث عن عمل و نشاط فني سيكون في ساحة المقاطعة و على أنقاض الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية حيث سيتم نصب الخيام في مهبط الطائرات الذي دمر كمجموعة من الفنانين و الموسيقيين و سيشارك فيها جميع قطاعات الفنون للقيام بعمل مشترك ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم الاتفاق على الموعد النهائي بعد للقيام بهذا العمل و هذه التظاهره الفنية التي تعبر عن استياء الفنانين و المثقفين الفلسطينيين من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ولا زالت اللقاءات متواصلة بيننا كفنانين لوضع البرنامج النهائي.

وهذا النشاط كان يعد له قبل أن أقوم بالمبادرة الشخصية بوضع تمثال الحرية و كان هناك رسومات على الجدران المهدمة قبل و ضع التمثال و هذه المبادرات تأتى في إطار فردي و جماعي .

-ما هي ابرز الأعمال التي ستظهر في هذه التظاهره ؟

*هناك فكرة واردة لعمل مشترك وهناك أفكار ولم تحدد طبيعة العمل الفني الواحد نحن في إطار التشاور و الإعداد له بشكل جيد وهناك أعمال فنية فردية محكمة نحاول الإسراع في إخراج هذه التظاهره الفنية إلى حيز الو جود قبل حلول فصل الشتاء

-هل فكرتم في تعميم هذه التظاهره الفنية على كافة محافظات الوطن و تحديداً مخيم جنين ؟

*في الحقيقة لا لقد جاء الإعداد لهذه التظاهره بشكل سريع و الوقت ضيق وكما تعلم فالحركة بين المحافظات و التنقلات تكاد تكون معدومة بسبب الحواجز الإسرائيلية و إعادة احتلال المدن الفلسطينية ، لقد كانت هناك في غزة تظاهرات فنية و سبق ان دعت وزارة الثقافة إلى مظاهرتين شاركنا خلالها كجزء من الحركة الثقافية في فلسطين وكانت عند حاجز الرام وكان هناك اجتماع على الحاجز العسكري الإسرائيلي لحركة السلام ألان و المثقفون الفلسطينيون وكان عن الجانب الفلسطيني السيد ياسر عبد ربه وزير الثقافة و الإعلام و عن الجانب الإسرائيلي السيد يوسي بيلين وتم جمع تواقيع على عدة نقاط اتفقنا عليها واهم هذه النقاط كانت انه لا سلام لشعب على حساب شعب أخر وتم توزيع هذه الرسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة و الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات و حكومة إسرائيل الحالية و إلى عدد من المنظمات و الجهات الدولية و إلى راعيتي عملية السلام ، وإذا تم تحقيق الرسالة و الهدف من هذا العمل القادم سيتم بالتأكيد نقله إلى باقي محافظات الو طن مهما يكلف ذلك من ثمن .

-ما هو دوركم كرابطة للفنانين التشكيليين الفلسطينيين في دعم الانتفاضة ؟

*كرابطة قمنا بعمل مسيرات فنية في بداية الانتفاضة وسرنا بها إلى الحواجز الإسرائيلية ، كما قمنا بعمل دورات فنية لمعاقي الانتفاضة و دربنا مجموعة منهم لمدة شهرين على عمل الخزف و في نهاية الدورة قمنا بعمل معرض فني لاعمالهم حيث تم بيع كامل الأعمال التي قاموا بها

-هل وجهتم الدعوة إلى للشخصيات الفلسطينية و المواطنين للمشاركة في هذا العمل أم انه سيقتصر على الفنانين ؟

*هناك دعوة إلى كل المواطنين بمختلف شرائحهم و إلى كافة الفنانين في فلسطين للمشاركة في هذه التظاهره الفنية

-هل وجهتم الدعوات إلى فنانين عرب أو من العالم للمشاركة معكم ؟

*كما قلت لك من قبل الوقت ضيق ولن نستطيع الانتظار حتى يصل فنانين من الخارج و الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تحضر هؤلاء الفنانين بالسرعة المطلوبة هي شبكة المنظمات الأهلية و نحن نبحث معهم هذا الموضوع ونتمنى أن يشاركنا كل فناني العالم في التعبير عن رفضنا للممارسات الإسرائيلية .

-هل ما قمت به كافي لتحريك شعور الولايات المتحدة و إسرائيل ؟

*برأيي أن الجو الثقافي لم يأخذ دوره الذي يستحقه وهذه المبادرات لم تكن كافية و المبادرة الشخصية بوضع التمثال كانت عبارة عن تشجيع باقي الفنانين للمشاركة و التحرك .

-هل تعتقد بان القطاع الفني و الثقافي لم يقم بالدور المطلوب منه ؟

*الفنانين بشكل خاص كباقي قطاعات الثقافة مقصر نحن نتعرض لهجمة تدمير ونرى أنفسنا ندمر ونحن لانتحرك و أتمنى أن يشعر العالم إن هناك صوت عالي للثقافة الفلسطينية و أننا لن نقبل السياسة و الهمجية الإسرائيلية ، وما يقوم به شارون هو القضاء على الثقافة و الإنسان و الشجر و الحجر و القضاء على تاريخ الأمة وحضارتها وتاريخها من خلال قضائه و تدميره للمباني التاريخية التي تعود إلى العصر المملوكي في محافظة نابلس وهذا تراث وحضارة تدمر أمام أعيننا وهذا الخطر الأكبر هو القضاء على تراثنا وثقافتنا ووجودنا على هذه الأرض منذ الأزل

-هل وجدتم من خلال الوسط الفني الإسرائيلي من يرفضون هذه الممارسات للحكومة الإسرائيلية ؟

*في الحقيقة لا أخفيك أن هناك عدد كبير من الفنانين و المثقفين الإسرائيليين غير راضين عن أعمال حكومتهم وقد توجهوا لنا للمشاركة في عمل فني موحد ولكن نحن رفضنا ذلك ونطالبهم بوقف أعمال الحرب التي تقوم بها حكومتهم

-ما هي رسالتك إلى الفنانين الفلسطينيين و العرب ؟

*أقول للفنانين العرب عامة و الفلسطينيين خاصة أن فلسطين هي القضية الأساسية و المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي وفشلنا في حل القضية الفلسطينية يعني فشلنا في حل جميع القضايا العربية و ستكون هذه بداية النهاية للحلم العربي و تحرك كل فنان في هذه المرحلة مهم جداً من اجل إيقاف ما تقوم به إسرائيل ، أي عمل فني أي نشاط أي حركة شعبية أي ظاهرة او احتجاج تصب في مصلحة القضية الفلسطينية و العربية و علينا أن نجعل الشعبين الأمريكي و الإسرائيلي يدركون خطورة ما تقوم به حكوماتهم تجاه شعوب العالم العربي و الإسلامي و ليشعروا أن الفنانين و المثقفين العرب و الفلسطينيين غير راضين عن سياسة حكوماتهم الحربية تجاه فلسطين .

صورة رقم 1

صورة رقم 2