مسؤول أمني تونسي سابق يلعب دور المخبر للموساد

تونس-دنيا الوطن-خالد ونّاس
طفت مجددا على السطح معلومات تشير إلى أن المسؤول الأمني السابق في تونس أحمد بنّور مازال يلعب دور المستشار والمخبر لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).
وقالت مصادر قريبة من التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد محمد المبحوح أن الشبكة التي سخّرها جهاز الموساد الإسرائيلي أوسع بكثير ممّا تمّ الإعلان عنه في البيانات الصادرة عن شرطة دبي إذ علاوة على العناصر المكشوفة التي دخلت دبي عن طريق جوازات السفر المزيّفة والتي تولت العملية ميدانيا فإن جهدا محمومًا في الرصد وتعبئة عملاء الارتباط بالموساد قد تمّ استنفاره منذ شهور لتأمين نجاح العملية.
وكان اللاّفت حسب هذه المصادر ضلوع اسم المسؤول الأمني التونسي السابق أحمد بنّور الذي سبق أن تحدثت تقارير عديدة عن دوره في عمليات كان أنجزها الموساد الإسرائيلي ومنها اغتيال الشهيد القائد خليل الوزير أبو جهاد بمقرّ إقامته بضاحية سيدي أبي سعيد التونسية أو عملية قصف ضاحية حمام الشاطئ التونسية سنة 1985 وتدمير مقرّات منظمة التحرير فيها بهدف تصفية القائد الشهيد الرمز أبو عمّار ورفاقه الذين كانوا من المفترض أن يجتمعوا صبيحة ذاك اليوم من الفاتح أكتوبر 1985 في منطقة حمام الشاطئ.
يقيم أحمد بنّور حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس التي استقرّ بها منذ مغادرته تونس بعد انكشاف أمر ارتباطه بالموساد الإسرائيلي غداة عملية حمام الشاطئ التي أكدت التحقيقات حينها أنه هو من تولى شخصيا إبلاغ جهاز المخابرات الإسرائيلي عن توقيت وصول موكب الأخ أبو عمار إلى منطقة حمام الشاطئ حتى تكون الطائرات الإسرائيلية في الموعد ساعة الصّفر لحظة اجتماع القيادة.
استغلّ المدعو بنّور حينها موقعه الأمني وعلاقاته بجهاز التنسيق الأمني التونسي-الفلسطيني المشرف على حماية الأخ أبو عمار ليمدّ الموساد بتفاصيل خطّة سير موكب أبو عمار وتوقيت وصوله إلى حمام الشاطئ لكن شاءت الأقدار حينها أن يتأخر الموكب لتسقط خطة الإرهابي شامير في الماء وينجو أبو عمار ليواصل قيادة المسيرة حتى استشهاده فوق أرض فلسطين.
ولكن المعلومات الأخرى التي مدّ بها أحمد بنّور المخابرات الإسرائيلية أدت إلى مقتل عدد من القياديين الميدانيين الفلسطينيين أثناء تنقلات لهم خارج تونس.
وإثر انكشاف أمره عجل أحمد بنّور بمغادرة تونس، ونقل أنشطته المرتبطة بالموساد إلى العاصمة الفرنسية باريس أين شكّل شبكة عملاء عرب لفائدة الجهاز الإسرائيلي صنع منها ما يشبه غرفة عمليات مشتركة بين الاستخبارات الإسرائيلية والاستخبارات الفرنسية باعتبار أن هذه الأخيرة كانت على علم كامل بملف المسؤول التونسي التي وفرت له الحماية والإقامة على أراضيها نظير الخدمات الأمنية التي يمكن أن يقدّمها لها.
الجهاز الفرنسي لم يكن غائبا عن عملية اغتيال المبحوح في دبي ولعلّ إحدى أسرار الغضب البريطاني هي حصول الاستخبارات الخارجية البريطانية على معلومات مؤكّدة تفيد علم الفرنسيين بالعملية بما يعكس سلوكا تمييزيّا إسرائيليا في التعامل الأمني مع الشركاء الاستخباريين التقليديين لإسرائيل التي بدأت فعلا تفضيل تطوير التنسيق مع باريس مقارنة بلندن التي تعتبرها تل أبيب أقل حماسا في التعاون الاستخباري حول أكثر الملفات حساسية وانشغالا في إسرائيل وهو الملف النووي الإيراني.
قبل أسبوعين من العملية غادر رجلي أعمال فرنسيين من أصول مغاربية باريس نحو دبي في رحلة عمل لتوقيع اتفاق تعاون فنّي بين الشركة التي يملكونها والمختصة في تجهيز وصيانة المصاعد الكهربائية وإحدى شركات المقاولات العاملة بدبي وقد اصطحب رجلي الأعمال فريق من الفنّيين بغرض معاينة مواقع المشاريع المزمع الاستغلال فيها.
لم يكن هذا الفريق الفنّي سوى أحد أذرعة الرصد اللّوجستي للموساد التي كان مهمتها جمع المعطيات المفصّلة عن هندسة مكان جريمة الاغتيال بكل جزئياتها من مداخل النزل ومخارجه وطوابقه ومصاعده ونظام الغرف والحماية والمراقبة (التي لم تكن غائبة عن الموساد أدق تفاصيل توزيع كاميراتها لكنها اختارت عمدا البعد الاستعراضي للعملية).
ولم تكن هذه الشركة التي وصل باسمها هذا الفريق سوى إحدى الشركات التي يملكها المدعو أحمد بنّور والتي تمثل غطاءا لأنشطته لفائدة الموساد وهي الشركة التي سبق أن تمّ ذكر اسمها في ملف التحقيق الخاص الذي فتحته المحكمة العسكرية اللبنانية برئاسة العميد ماهر صفي الدين في قضية شبكة التجسّس الإسرائيلي التي تم إلقاء القبض عليها في لبنان بتهمة التخطيط للقيام بعمليات إرهابية ضدّ إذاعة «البشائر» التابعة للمرجع الإسلامي محمد حسين فضل الله ومحاولة اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
ورد في ملف التحقيق حينها أنّ شركة أحمد بنّور الفرنسية هي التي وفّرت غطاء الإقامة مدّة شهر في باريس لفائدة التونسية جمال فرح زعرورة وزوجها التونسي محمد مجيد المسعي والمصري مجاهد عبد المعطي يونس قبل أن ينتقلوا إلى بيروت بعد أن تلقّوا التدريبات الكافية على تقنيات الرصد والتخابر على أن يتولى بقية أفراد المجموعة مهام التنفيذ وهم كل من كمال حسين العوض والفلسطيني فتحي علي لوباني وقد كان التناقض في كلام المرأة التونسية جمال زعرورة أمام التحقيق اللبناني في تبرير مرورها من العاصمة الفرنسية باريس على اعتبار كونه مهمة مهنية في شركة مختصة في المقاولات في حين أنها سبقت أن صرّحت أنها تعمل في محلّ لبيع العطورات في تونس كان هذا التناقض خيطا من الخيوط التي قادت المحققين إلى كشف النشاط الحقيقي للمجموعة في لبنان.
المسؤول الأمني التونسي السابق المدعو أحمد بنّور يحاول هذه المدّة استباق إمكانية ورود اسمه بكل وضوح في جريمة الاغتيال الأخيرة باصطناع رسائل تهديد يوجّهها إلى نفسه ممهورة بإمضاء منظمات فلسطينية ولبنانية وهميّة تتوعّده بالتصفية حتى يضغط على الأجهزة الفرنسية والإسرائيلية كي لا تسقطه من حساباتها على الأقلّ بعنوان الحماية باعتباره قد أصبح ورقة مكشوفة بفعل تكرّر وجود بصماته في أكثر من عملية إجرامية للموساد.

التعليقات