سيناريو الحرب : ضربة اسرائيلية منفردة لايران.. سورية وحزب الله قد يشاركان بالرد

سيناريو الحرب : ضربة اسرائيلية منفردة لايران.. سورية وحزب الله قد يشاركان بالرد
غزة-دنيا الوطن
يعتقد العديد من المحللين أن احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى إيران حتى دون تأييد من حليفتها الولايات المتحدة لاتزال كبيرة، بل تتزايد يوما بعد يوم، فيما تصاعدت حدة تصريحات القادة الاسرائيليين حول الملف النووي الايراني وعدم استبعاد الرد العسكري لمنع طهران من الحصول على قنبلة ذرية.
وبثت وكالة انباء رويترز يوم امس ملفا خاصا يتضمن مجموعة من التقارير حول احتمالات المواجهة بين ايران واسرائيل والاهداف المتوقعة وتأثير الحرب على دول المنطقة وعلى الاستثمارات فيها، ويرى مراقبون ان اهتمام الوكالات الدولية بهذا الشكل المكثف يعتبر من المؤشرات على اقتراب موعد الحرب.
وتصدر النزاع النووي مع ايران جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى امس بمدينة جاتينو بالقرب من العاصمة الكندية اوتاوا.
وقبل بدء الاجتماع، دعا وزير خارجية كندا لورانس كانون، الى ممارسة المزيد من الضغوط على طهران، حيث قال انه لم يترك للمجتمع الدولي سوي خيار ضئيل يتمثل في السعي لفرض عقوبات اضافية بحق طهران عبر مجلس الامن كوسيلة مثلى.
وبالرغم من تصريحات نائب الرئيس الامريكي جون بايدن الاخيرة خلال زيارته لتل ابيب حول استبعاد الخيار العسكري الا ان القوات الإسرائيلية تتدرب من أجل هجوم طويل المدى محتمل على ايران. وقد أبحرت غواصاتها في مسارات يمكن أن تأخذها الى الخليج وأجرت هيئة الدفاع المدني تجارب على المخابىء وصفارات التحذير من الغارات الجوية والأقنعة الواقية من الغاز. وتتحدث مصادر مخابراتية عن الإعداد السري لضرب الصناعة النووية الإيرانية«
واذا هاجمت اسرائيل المنشآت النووية الايرانية فمن المرجح ان توجه ضربات دقيقة إلى تلك المنشآت وأن تبذل في الوقت نفسه قصارى جهدها لئلا يصاب قطاع النفط أو مواقع مدنية اخرى.
وافترضت عملية محاكاة في معهد 'بروكينغز' بواشنطن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي ان اسرائيل العازمة على وقف ما يشتبه الغرب بانه مسعى سري إيراني لامتلاك أسلحة نووية أن تشن اسرائيل هجوما خاطفا على ست منشآت نووية في ايران.
وكتب الخبير في 'بروكينغز' كنيث بولاك في تلخيص للمناورة إن اسرائيل قد تلجأ حينئذ إلى القول إن المهمة 'أوجدت فرصة رائعة للغرب للضغط على ايران وإضعافها بل وربما تقويض النظام'. لكن الخبير لا يرى فرصة تذكر لأن تنظر إدارة الرئيس الامريكي بارك اوباما بعين الرضا إلى هذه الضربة.
ويبلغ مدى الطائرات الحربية الاسرائيلية المتطورة من طرازي إف-15 وإف-16 حدا يمكنها من قصف غرب إيران بل ومناطق على مسافات أبعد نحو الداخل عن طريق التزود بالوقود في الجو واستخدام تكنولوجيا التخفي لعبور المجال الجوي لدول عربية معادية تقع بينها وبين ايران.
وذكر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن في تقرير عام 2009 ان اسرائيل قد تطلق ايضا صواريخ اريحا بعيدة المدى محملة برؤوس حربية تقليدية.
ويعتقد أن الغواصات الثلاث الالمانية الصنع من نوع دولفين التي تملكها إسرائيل قادرة على حمل صواريخ كروز ذات رؤوس تقليدية أو نووية. وسيتعين عليها عبور قناة السويس (كما فعلت إحداها العام الماضي) للوصول الى الخليج.
ولا تريد إسرائيل أن تجازف بجر حلفاء إيران مثل حزب الله وحماس وسورية إلى حرب. كما لا تريد الاضرار بالعلاقات مع القوى العربية المحايدة او الولايات المتحدة.
وقالت إميلي لانداو الباحثة البارزة بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل ابيب 'اذا كان'لاسرائيل ان تشن هجوما فالشيء الوحيد الذي قد تفكر فيه هو ضربة دقيقة تركز على المنشآت النووية وحدها'.
ولن ترغب إسرائيل في مهاجمة أصول الطاقة الايرانية مثل منشآت انتاج ونقل النفط. فمن شأن ذلك ان يؤجج زيادة حتمية في أسعار النفط محولا الرأي العام الدولي ضد اسرائيل في حين يعزل الحركة الايرانية المعارضة.فإذا ردت ايران على ضربة اسرائيلية خاطفة بإطلاق صواريخ شهاب مثلا على تل ابيب فستجد حكومة نتنياهو أن من الصعب الا تصعد.
وتوقعت تقارير اسرائيلية أن تستمر المواجهة شهراً وأن تشارك فيها سورية التي يرى تقرير أنها ستبادر إلى الهجوم في الجولان المحتل من خلال إطلاق آلاف صواريخ سكود على مدن الجليل، فيما يطلق حزب الله آلاف الصواريخ على هذه المنطقة وعلى حيفا وتل أبيب. كما ستطلق إيران صواريخ بالستية ذات رؤوس تقليدية بموازاة شن عمليات فدائية فلسطينية وإطلاق صواريخ على إسرائيل من قطاع غزة والضفة الغربية.
ويتضمن السيناريو المذكور أيضا غارات جوية على أهداف عسكرية واستراتيجية إسرائيلية ومحاولات خطف مدنيين وعسكريين.
وقالت لانداو 'سيكون من الواضح انه ليس من مصلحة اسرائيل ان تدخل في صراع اوسع مع ايران لانه سيكون هناك دائما خطر اوسع للتصعيد. وعندما يندلع صراع فمن الصعب القول كيف سينتهي'.
وبعد فقدها للقوة الدافعة التكتيكية لاي ضربة خاطفة أولية ستجد'القوات الاسرائيلية أن من الصعب مواصلة الهجمات الدقيقة.
من ناحية أخرى سيحتدم غيظ الجمهور الاسرائيلي من العيش في الملاجئ وخسارة جنود.
ورد إيران على أي هجوم تشنه اسرائيل على منشآتها النووية قد يصنع الفارق بين ومضة عابرة في الأسواق المالية وبين زلزال قوي يزج بالعالم في براثن أزمة اقتصادية جديدة.
من شأن مثل هذه الضربة بالتأكيد أن تدفع أسعار النفط للصعود بشكل حاد وترسل موجات صدمة عبر الأسواق.
يقول مايكل ويتنر رئيس أبحاث الطاقة في سوسيتيه جنرال 'قد تقفز الأسعار عشرة دولارات أو عشرين دولارا مع الضربة الأولى.'
لكن ذلك هو الأمر الوحيد المؤكد.
وقالت متسا رحيمي محللة الاستخبارات في مؤسسة جانويان للاستشارات ومقرها لندن 'المشكلة هي أن رد الفعل لا يمكن التنبؤ به على وجه التحديد ... لا يمكن ببساطة القول على وجه اليقين ماذا سيحدث بعد ذلك.'
ويتوقع السيناريو الأسوأ أن يسود الذعر. وكانت آخر عمليات البيع بسبب الذعر عبر الأسواق في سبتمبر أيلول 2008 عندما تسبب الانهيار المفاجئ لبنك ليمان براذرز في انتشار اعادة تقييم المخاطر مما أدى لانهيار الأسواق وأضر بالتجارة الدولية وتسبب في ركود عالمي.
واذا نفذت إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز أمام الحركة الملاحية لتمنع تدفق نحو 17 مليون برميل يوميا من النفط تمثل حوالى 40 في المئة من إجمالي تجارة النفط'المحمولة بحرا لكن ذلك يستدعي ردا سريعا من القوات الأمريكية.
وقال مايكل ويتنر رئيس أبحاث الطاقة في سوسيتيه جنرال 'مجرد صدور تهديد له مصداقية أو حدوث شبه خطأ سيرفع اسعار الشحن. عندئذ لن ينقل أحد نفطا من هناك لمدة أسبوعين إلى أن تعيد بحرية أي طرف السيطرة'.
ويقدر محللون أن ذلك يمكن أن يرفع أسعار النفط باتجاه 150 دولارا للبرميل.
وستعاني الأسواق المالية الأخرى وتتراجع بشكل حاد إذا اعتقدت أن التعطيل سيكون طويل الأجل.
ويضع المتعاملون خاصة في مجال النفط في اعتبارهم دوما بعض التهديد للإمدادات بعد سنوات من تبادل العبارات الغاضبة بين طهران واسرائيل. لكن بخلاف ذلك يواجه المستثمرون لغزا عميقا.
ويصعب الحكم على احتمال او توقيت اي صراع فضلا عن نطاقه الجغرافي ومدته ونتيجته.
والأسئلة المهمة بالنسبة للمستثمرين هي : هل ستشن اسرائيل هجوما؟ هل ستفعل هذا بمفردها؟ متى؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟
والإجابات الأرجح ربما تكون: من المحتمل جدا. محتمل الى حد بعيد. ربما خلال عام والله أعلم. غير أن حتى نتنياهو نفسه لا يستطيع أن يعرف كل الإجابات.

التعليقات