عاجل

  • محدث: أربعة شهداء على الأقل و30 جريحاً إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً لعائلة"الجد" بمخيم 2 بالنصيرات وسط القطاع

  • (الجزيرة): نائب رئيس جامعة نورث إيسترن في بوستن يقول إن الإدارة ستفض اعتصام الطلاب والجامعة ستغلق أبوابها

حكايات تخفي الملك عبد الله الثاني يتناقلها الشارع الاردني

حكايات تخفي الملك عبد الله الثاني يتناقلها الشارع الاردني
حكايات تخفي الملك عبد الله الثاني يتناقلها الشارع الاردني

بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الإستراتيجية

بعد تتويج الملك عبد الله الثاني ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية اخذ على عاتقه استكمال الإصلاحات الكبيرة التي بدأ بها المغفور له الملك الحسين بن طلال في كافة المجالات ولكن عهد الملك الشاب تميز بتجربة فريدة في الحكم لم تعرفها أي دولة في العالم وهي التخفي للاطلاع على أوضاع المواطنين عن قرب وجها لوجه بعيدا عن التقارير الحكومية ووسائل الإعلام .
ويتناقل الشارع الأردني منذ سنوات قصص وحكايات لعمليات التخفي التي يقوم بها الملك عبد الله الثاني في مختلف أرجاء المملكة حتى اختلط الواقع بالخيال ولكن الروايات الصحيحة تؤكد على النجاح الباهر لهذه التجربة الديمقراطية الفريدة .
والحديث في هذا المجال ذو شجون ، فقد عرف عن الملك الراحل الحسين انه كان يتخفى ويقود سيارته بنفسه بدون حراس للاطلاع على أوضاع المواطنين ويذكر الناس باعتزاز وحب كبير الملك الراحل الحسين مواقفه الإنسانية الرائعة والمكرمات الملكية التي أسرت قلوب الأردنيين . ويذكر الناس كيف كان الملك الراحل الحسين يستمع للبرنامج الإذاعي الصباحي " البث المباشر " حيث كان هذا البرنامج مخصصاً لاتصالات هاتفية للمواطنين الذين لديهم مشاكل ما. وذات مرة اتصل مواطن في البرنامج وناشد وزير الصحة الأردني بان لديه طفل مريض ولا يستطيع تناول إلا نوع معين من الحليب غير موجود في الصيدليات الأردنية وفوجئ الناس بالملك الحسين يتصل بالبرنامج ويقول قررت أن أرسل طائرة خاصة إلى باريس كي تجلب الحليب لهذا الطفل .
لم يكن الملك الراحل الحسين يهتم بمناشدات المواطنين إلى من توجه ، فقد كان يتدخل ويتصل في برنامج البث المباشر هاتفياً يلبي مناشدات المواطنين .
وفي الحقيقة حول الملك الحسين صباح الأردنيين من خلال مكارمه الإنسانية إلى صباح سعيد . ونذكر بعد حرب الخليج أن موظفاً لحق به ضرر وظيفي فنشر مناشدة في إحدى الصحف المحلية ولم يتركه الملك الراحل أن ينشر مناشدة أخرى فلبى المناشدة وأعاد الحق إلى أصحابة . وذات مرة توجه الملك الراحل إلى مدرسة للأيتام وجد بها تقصير وحالة مزرية يعيشها الأيتام فانتفض الملك الراحل وأمر للأيتام بدار جديدة تابعة للقصور الملكية وأقال رئيس الوزراء فوراً وأعلن سبب الإقالة . وفي عام 1988عندما عصفت الأزمة الاقتصادية بكافة دول العالم ما عدا اليابان فقط التي لم تتأثر حينها بالأزمة الاقتصادية العالمية وتأثر الأردن كغيره من الدول فوقعت أحداث شغب في مدينة معان ليومين أو ثلاثة تعرضت خلالها مراكز الشرطة للرشق بالحجارة وأشعلت الإطارات المطاطية وسيطرت قوات الأمن الأردنية على الأحداث بسرعة مثل أي أحداث تحصل في أي مكان في العالم ، ولكن الملك الراحل بحكمته توقف عند هذا الحدث وأقال رئيس الوزراء والوزراء جميعاً وبقيت الأردن عشرة أيام بدون حكومة وخلال الأيام العشرة اتصل الملك الراحل كما يروى في الأوساط السياسية شخصياً بكافة أقطاب المعارضة واجتمع معهم ووجه لهم سؤال واحد ما الذي جرى ؟ ولماذا ؟ .
تحدث أقطاب المعارضة عن الوضع الاقتصادي وحاجة البلد إلى الديمقراطية وعودة البرلمان وصحافة مستقلة ومعارضة وأحزاب سياسية .. استمع إليهم واتخذ القرار بإعادة الحياة البرلمانية وسمح بترخيص الصحافة المستقلة والحزبية وسمح بترخيص أحزاب المعارضة .
وما زالت الأردن تنعم بالتجربة الديمقراطية الرائدة التي اختارها الملك الراحل حتى الآن . وكان سبب التحول حدث يعتبر بسيطاً لما تتعرض له دول أخرى ، فقد كان الشغل الشاغل للملك الراحل والمواطن الأردن وكرامته .
على هذا النهج سار الملك عبد الله الثاني فأكمل مسيرة الانجازات والإصلاحات حتى حول الأردن إلى بلد رائد في المنطقة العربية في كافة المجالات ، ولكن تجربة التخفي كانت إحدى سياساته في رعاية حقوق المواطنين وإنصافهم والتي كان أخرها عندما تخفى يقود دراجة نارية بمفرده يتجول في بلدة أردنية وصلته أنباء عن تذمر المواطنين من سجن يتم بناءه في تلك البلدة .
دخل إلى المستشفيات متخفياً بهيئة رجل عجوز ودخل وزارات ومؤسسات ورأى بأم عينه كيف تدار مؤسسات الدولة واتخذ قرارات بتجديد المستشفيات بما فيه المستشفى الحكومي " البشير " وأنصف المواطنين ، فأصبح قريبا من قلوب الأردنيين كما كان الملك الراحل الحسين . لم يتهاون في أي قضية فساد مهما طالت من أسماء كثيرة ، فالقانون فوق الجميع ومن اخطأ حاسبه الملك عبد الله الثاني بالقانون .
وهنا اذكر مثالين لتخفي الملك عبد الله الثاني نشرتهما صحيفة دنيا الوطن:

- المثال الأول : الملك عبد الله هيئة رجل عجوز يرتدي دشداشة بيضاء وعباءة عربية سوداء مغطياً رأسه بالكوفية الأردنية الحمراء .

وحدة شؤون المرضى غير المؤمنين صحياً المعنية بإصدار إعفاءات من تكلفة العمليات والعلاج كانت على موعد مع الملك على هيئة رجل عجوز يرتدي دشداشة بيضاء وعباءة عربية سوداء مغطياً رأسه بالكوفية الأردنية الحمراء، وأخفى جزءاً كبيراً من وجهه بشاربٍ كث ولحية، دخل من باب الدائرة متوكئاً على عصاه الخشبية، ووقف كأي مواطن عادي بالدور مع المراجعين...

وخلال زيارته متخفياً اكتشف الملك الأداء العام للموظفين، واستمع لشكاوي المواطنين وانطباعاتهم الإيجابية والسلبية بصورة مباشرة دون وسيط، وقيل أنه بفضل طبيعته المتواضعة وحبه لرعاياه لم يستطع كشفه أحد حيث غادر الدائرة ثم ودع المواطنين الذين عرفوه متأخرين من خلال سيارته الملكية الحكومية الخاصة وحراسه في الخارج أما في الداخل فلم يعرفوه حيث لم يرافقه سوى سائقه المتنكر هو الآخر وحارس تابعه من مسافة بعيدة، والزيارة الأخيرة كما أكد بعض المواطنين تنم عن شجاعة حقيقية كبيرة ومخاطرة عالية لتخليه عن حراسته المشددة، كما تكشف مدى ثقته بأن محبة شعبه له ستحميه عند الحاجة.

- المثال الثاني : الملك عبد الله الثاني يزور بلدة أردنية متخفيا على دراجته النارية ويشتري المرطبات من بقاله .

قام الملك عبد الله الثاني متخفيا بزيارة إلى بلدة الرميمين لمشاهدة موقع السجن المرفوض من قبل أهالي البلدة الوادعة والجميلة ومن المهتمين بالقطاع السياحي بالأردن.حيث قام الملك متخفياً بشراء بعض من المرطبات من (دكانة الحصيني) في بلدة الرميمين الواقعة على طرف الشارع الصغير الذي يفصل الجامع عن الكنيسة. وحسب الشهود كان يقود دراجته النارية . والجدير بالذكر أن الملك عبد الله الثاني بن الحسين بزياراته هذه حقق نقلة نوعية في جعل المؤسسات أكثر خدمة للمواطن والوطن على حد سواء .ومن المعروف أن مديرية الأمن العام تقوم ببناء سجن في منطقة سياحية ويرفض سكان المنطقة أقامة هذا السجن في بلدتهم حيث بعثوا إلى الملك للإيعاز لوقف هذا المشروع وتحويله إلى أي مركز خدمة للمجتمع المحلي أو كلية تهتم بالسياحة والفندقة".
[email protected]