طموحات مواطن وموظف ووزير

طموحات مواطن وموظف ووزير
طموحات مواطن وموظف ووزير..!

أنس أبوسعده – هولندا

ظِلُ سقف يحتمي تحته هو وعائلته.. قِرشٌ حلال من عمل بسيط مهما كان نوعه.. في الزراعة، في التجارة، أو في أي شيء يستطيع العمل به.. لقمة عيش حتى ولو كانت مغموسة بعرق جبينه..! لو تشققت قدماه بحثاً عن هذا العمل أو مشياً في الطرقات الوعرة لتفادي حواجز الاحتلال التي تقطع الشوارع الرئيسية والفرعية باكثر من ستمائة حاجز ثابت ومتحرك..! ليتجاوز جدار الفصل العنصري الممتد كالافعى على طول حدود الضفة الغربية المحتلة من شمالها الى جنوبها..! لقمة العيش هذه أصبحت صعبة المنال خاصة إذا كان هذا المواطن من سكان قطاع غزة الصامد.. فالحصار المقيت جعل الحصول على حياة كريمة هناك قريباً من المستحيل..! هذه الحياة الكريمة المتواضعة للمواطن الفلسطيني أصبحت في الوقت الحاضر هي قمة طموحاته وأساس حياته وأجمل أحلامه..!! حاصره الاحتلال ولاحقه حتى في لقمة عيشه.. أجبره الانقسام والشقاق بين الاخوة على الابتعاد عن دوره في العمل على الساحة الفلسطينية ولاجل قضيته الوطنية بل حيدته ظروفه القاسية عن واجبه الوطني.. ركز جهده وساعده ودمه – وهو كل ما يملك بحثاً عن هذه الحياة المتواضعة، طموحه الوحيد الذي تبقى له...!
هناك وفي المجتمع الفلسطيني بالذات مواطنون كان لهم حظ أوفر من هذا المواطن البسيط.. وجدوا لهم مكان عمل مناسب لقدراتهم ومؤهلاتهم العلمية أو تجاربهم العملية، فاصبحوا موظفين فى دوائر حكومية أو منظمات غير حكومية والمنتشرة بكثرة في الاراضي المحتله.. أعطتهم هذه الوظيفة فرصة أفضل لحياة أفضل ودخل معقول وثابت رفعت به سقف طموحاتهم وأحلامهم.. قد تصل طموحاتهم الى حد السعي لاستملاك بيت خاص وسيارة ولو بقرض ميسر بدفعات شهرية.. هؤلاء وهم كثر في مجتمعنا الفلسطيني الاّ أن طموحاتهم لا تتعدى الحياة المستقرة ماديا لهم ولأسرهم.. لا بأس إن حصلوا على فرصة للسفر لورشة عمل أو دورة تدريبية قصيرة يكون لها مردود مادي يزيد على الدخل الشهري العادي..! هم يبتعدون بقدر الامكان عن المناكفات بين الفصائل وعن اختلافاتهم بل أن أكثريتهم إبتعدت عن الانتمائات الحزبية كي لا تؤثر على موقعهم أو وظيفتهم التي هي مصدر استقرار حياتهم وسبيلهم لتحقيق طموحاتهم.. طموحاتهم وأحلامهم بالتالي منصّبة على الحفاظ على كونهم موظفين وعلى وضعهم الداخلي والاسري ولم تعد تعنيهم التطورات السياسية الا بقدر ما تؤثر على إنتظامهم في عملهم ووظائفهم...! ينظرون الى قيادات العمل السياسي نظرة لا سلبية ولا إيجابية ويحاولون تفادي أي تبادل للنقاش معهم..!
هناك أيضاً مواطنون تدفعهم طموحاتهم واحلامهم الكبيرة كي يكونوا في مستوى مختلف عن هذا المواطن العادي البسيط أو عن ذاك الموظف.. تصل هذه الطموحات في مداها ليحلم أن يكون وزيرا أو وكيل وزارة على أقل تقدير حتى لو لم يملك من القدرات والمؤهلات ما يؤهله لهكذا منصب.. طموحاته هذه لا تنبع من حبه لخدمة هذا المواطن البسيط أو ذاك الموظف العادي وانما للامتيازات الخاصة التي يكسبها منصب الوزير، والسلطة التي يمتلكها حين يصل الى هكذا منصب..! آخر همه أن يفكر في طموحات شعبه أو مواطنيه.. المشكله في من يفكر بهذه الطريقة ويحلم بتحقيق هذا الحلم أنه لا حدود لطموحاته هذه ولا فائدة من الوصول اليها ترجى لصالح قضيتنا الوطنية وانما هي فقط طموحات شخصية لا أكثر..! هذه النوعية من المواطنين هي عقبة أمام التطور.. طموحاتهم وأحلامهم هي حمل يزيد على كاهل المواطن البسيط وحتى الموظف متوسط الحال وعقبة كبيره تقف أمام طموحات الجميع وهو عبئ يزيد على أعباء الاحتلال والحصار والازمات المالية التي تعصف بالعالم وفلسطين المحتله بالتأكيد جزء من هذا العالم.. المواطن الفلسطيني لم ينظر في حياته سابقاً وقبل أن يتردى الحال الى هكذا وضع الا نظرة احترام وتقدير لمن يتبوأ منصباً قيادياً ولمن يتحمل مسؤولية هذه المناصب..!
هناك بين هؤلاء الانواع الثلاثة: المواطن والموظف والوزير فئة أخرى تجمع ما بين المواطن البسيط والموظف متوسط الحال والوزير وضعت نصب أعينها مهما ثقل الحمل واشتدت المحن والازمات، وضعت طموحات وأحلام شعبنا الفلسطيني في ازاحة الاحتلال والتحرر والاستقلال الوطني في مقدمة اولوياتها.. بقيت تحمل طموحات شعبها وطموحاتها الشخصية على كفيها وأمام أعينها وروحها على كتفها أينما إرتحلت وأينما حطت نحلم أن تكون هذه الفئة هي الاغلبية....

التعليقات