اللواء كامل أبو عيسى يتوقع تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى المناطق التي سينجح حزب الله في اجتياحها شمال إسرائيل

اللواء كامل أبو عيسى يتوقع تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى المناطق التي سينجح حزب الله في اجتياحها شمال إسرائيل
غزة- دنيا الوطن
تزايدت فى الأيام الأخيرة التقارير الأمنية والعسكرية التي تتحدث عن الاحتمالات الوشيكة لاندلاع نيران الحرب بين إسرائيل وقوات حزب الله في جنوب لبنان إلَا أن الملفت للنظر وبشكل واضح في هذه التقارير هو حديثها عن الاستعدادات الخاصة من قبل قوات حزب الله لإجتياح مناطق واسعة فى الشمال ومنها مدينة نهاريا ومستوطنات كريات شمونة والخالصة بالإضافة إلي قرى اصبع الجليل وقد جاءت التقارير الأمريكية والتي تحدثت عن جاهزية خمسة ألوية عسكرية خاصة تابعة لحزب الله وعالية التأهيل والتدريب واستعدادها لتنفيذ مهام الاجتياح المنتظر عند نشوب نيران المعركة وتأكيد موقع المخابرات الإسرائيلية " دبيكا " لهذه المعلومات وتأكيدات بعض المتحدثين المشاركين في الندوة الاستراتيجية على قناة الجزيرة الفضائية لهذا الاحتمال ، هذا بالإضافة إلي تقرير مراسل صحيفة " الإندبندنت " في الشرق الأوسط "روبرت فيسك" لتؤكد على المصداقية والمهنية العالية لصحيفة دنيا الوطن والتي انفردت وحدها بنشر هذه المعلومات قبل عامين وتحديداًَ في أواخر شهر أغسطس آب من عام 2008م ومن خلال المقابلة الشاملة والاستراتيجية مع اللواء الدكتور كامل أبو عيسي وفي معرض تعليقه على تقرير "لجنة فينوغراد" المكلفة ببحث الأسباب والنتائج التي أدت إلى إخفاق وهزيمة الجيش الإسرائيلي في حربه على الجنوب اللبناني صيف عام 2006م ، وبالمناسبة فقد كان لنا لقاء آخر مع اللواء الدكتور كامل أبو عيسي بتاريخ 19/1/2010م والذي أكد لنا فيه على أن مفاجأة الشيخ حسن نصر الله التي يتحدث فيها عن تغيير وجه المنطقة تكمن في الاستعدادات الخاصة لقوات حزب الله المتهيأة تماماَ لإجتياح مناطق واسعة في الشمال وبما فيها مدينة نهاريا ومنطقة اصبع الجليل بالاضافة إلى مناطق أخرى ، وعلى ضوء هذه المعطيات وحديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" وأثناء زيارته إلي ألمانيا ولقائه بالمستشارة "أنجيلا ميركل" عن نذر حرب وشيكة ستقع في المنطقة وسيمتد تأثيرها إلي عموم منطقة الشرق الأوسط وإلى النطاقين الاقليمي والدولي ، توجهت دنيا الوطن من جديد إلى اللواء الدكتور كامل أبو عيسي في محاولة منها لمعرفة المزيد من أسرار ومفاجئآت هذه الحرب المنتظرة والمتوقعة فأجابنا بالقول وبالآتي :-
أولاًَ :- بأن تآكل قوة الردع الإسرائيلية هو العنصر الأهم في اختلال موازين القوى العسكرية بين الخصوم وهو العامل الذي تتوقف عليه العديد من الأمور والمعطيات وعملياًَ فإن هذا التآكل فى قوة الردع الإسرائيلية لم يكن بسبب النقص في العتاد والتسليح والتفوق التكنولوجي الكبير على الصعيد العسكري وإنما بسبب إمتلاك الخصم أي الطرف الآخر في المعادلة أي قوات حزب الله للعديد من منظومات الصواريخ المتطورة والقادرة على قصف العمق الإسرائيلي بكثافة وشراسة غير معهودة.
ثانياًَ :- إن الاستخدام المتوقع للقدرات التدميرية الهائلة من قبل الجيش الإسرائيلي سيكون استخدام أعمى بالنسبة لمواقع حزب الله الحصينة على الصعيدين الأمني والعسكري وعليه فإنه سيظل استعراضي في تأثيراته الميدانية وعلى أرض المعركة ولن يكو ن له الأثر البالغ في حسم النتائج الميدانية للمعارك .
ثالثاًَ : - سيكون للقدرة الميدانية على تنفيذ عمليات الاجتياح والتوغل والسيطرة والتمركز القول الفصل في سير هذه المعارك وهى قدرة كانت عالية المستوي منذ عقود عند الجيش الإسرائيلي إلا أنها ضعفت وهبط مستواها إلى حدوده الدنيا بسبب التطور النوعي للأسلحة الخفيفة والصاروخية المضادرة للدبابات والدروع من جهة وبسبب التآكل المستمر في جيل المحاربين الإسرائيليين الأشداء من مؤسسي الدولة والكيان وأحفادهم وحتى عام 1973م حيث بدأت نقطة التحول الكبرى فى المسيرة التراجعية للجيش الإسرائيلي وبسبب هزائمه المتعددة فى المواجهات مع الجيوش العربية والجيش المصرى على وجه التحديد وفى معارك حرب أكتوبر الخالدة على الجبهتين المصرية والسورية وصمود قوات منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية في معارك عام 1982م وأثناء حصار بيروت الشهير.
رابعاًَ :- امتلاك حزب الله لجيل من المحاربين الأشداء المعبأين بعقيدة الجهاد والاستشهاد وهو الجيل الذي شارك في معارك تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي وفى كسر عنفوان وعنجهية قوة الجيش الإسرائيلي فى حرب صيف عام 2006م ولهذا فإن الحديث عن وجود خمسة ألوية عالية التأهيل والتدريب ومستعدة لتنفيذ عمليات الاجتياح الميداني باتجاه المناطق الشمالية ومنطقة اصبع الجليل هو حديث واقعي وصحيح من جهة إلا أنه لم يلامس كبد الحقيقة المتوقعة من جهة أخرى وحيث أن عمليات الاجتياح الناجحة لهذه الألوية لن تكون بمعزل عن عمقها الشعبي والجماهيري والمتوقع هو أن يترافق ذلك وبعد الإعلان عن نجاح عمليات الاجتياح بزحف شعبي وجماهيري هادر وحيث سيزحف عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين باتجاه المناطق الشمالية وفور اعلان سيطرة حزب الله عليها وربما تجد هذه الخطوة في حال حدوثها اجماع لبناني تام وعام بتشجيع اللاجئيين الفلسطينيين على العودة لأجزاء من أراضيهم التي تم تحريرها.
خامساًَ :- يخطيء من يظن بأن الحرب المتوقعه ستبدأ بضرب وقصف إيران وبغرض وهدف تدمير منشآتها النووية وقواعدها العسكرية والصاروخية ، فالمعركة بأخطارها الاستراتيجية ستحسم بالدرجة الأولى في جنوب لبنان ومع قوات حزب الله أي مع القوة القادرة على ضرب إسرائيل في حال الاعتداء على إيران ، وعملياًَ فإن التهديدات الإيرانية تعتمد استراتيجياًَ على قوة وإمكانيات حزب الله وليس على قدراتها الذاتية وهي قدرات لا يستهان بها على كل حال إلا أنها وحدها غير كافية وغير قادرة على التصدي الأكيد للهجمات الجوية والصاروخية المعادية .
سادساًَ :- وبحسب المؤشرات الأمنية والعسكرية عن التحضيرات الجارية على صعيد البنية العسكرية للجيش الإسرائيلي والتحضيرات الخاصة بقوات حزب الله فإن هذه الحرب المتوقعة بين الجانبين لن تنتهي بالتعادل ولن تتوقف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وإنما ستأخذ في طريقها وفي محتواها كل أسباب وأشكال الحسم التام والشامل علماًَ بأن المهزوم فيها سيخرج نهائياًَ من الترتيبات المتعلقة بمصير المنطقة وربما يعوز الطرف المنتصر أيضاًَ القدرة الكافية على فرض شروطه في إطار هذه الترتيبات بسبب حالة الإنهاك والضعضعة التي ستترك آثارها عليه ولعهد مديد من السنوات.
سابعاًَ:- ليس من مصلحة إسرائيل بتاتاًَ وفي هذه المرحلة بالذات توريط سوريا في هذه الحرب لأن دخول الجيش السوري وبشكل شامل في هذه المعارك والعمليات العسكرية سيؤدى موضوعياًَ ولأسباب تتعلق بالمشاعر القومية إلى تسخين عوامل الصراع العربي الإسرائيلي وهو الأمر الذي سيقود بالضرورة إلى دخول عديد الأطراف العربية في هذا النزاع لمساعدة ودعم القوات السورية في حين أن بقاء المعركة محصورة فى إطار المواجهة مع التشكيلات العسكرية لحزب الله لن يصل بعوامل الصراع العربي الإسرائيلي إلى ذروة التسخين والتوتير المحتمل.
وفي الختام فإن إسرائيل ولحسابات استراتيجية خاصة بها لن تقدم على إشعال نيران الحرب مع إيران وسوريا وفي جنوب لبنان وقطاع غزة فى وقت واحد إلا إذا فقدت صوابها وقدرتها على ضبط موازيين التفكير الإستراتيجي عند قادتها من أصحاب القرار على الصعيدين السياسي والعسكري وهي أي اسرائيل ولنفس الحسابات ربما تعمل وفقط في المرحلة الأولى على حسم مشاكلها عسكرياًَ مع حزب الله واستعراض عضلاتها على جبهة قطاع غزة المحاصر.