رحيل الملياردير الفلسطيني حسيب الصباغ

رحيل الملياردير الفلسطيني حسيب الصباغ
فارس الجليل يترجل

د. مصطفى أبوصلاح – أثينا

ترجل فارس الجليل حسيب الصباغ عن حصانه يوم أول أمس مودعا هذا العالم الذي لم يودعه بحال أحسن مما استقبله فيه. فقد ولد حسيب الصباغ في طبريا في العام 1920 حيث ما فتئت فلسطين ان احتلت من قبل الانجليز بعد انهيار الدوله العثمانيه. رغم ما عاناه الفلسطينيون أثناء الانتداب البريطاني و الهجره اليهوديه الى فلسطين، ووضع الفلسطينيين الاقتصادي الصعب بعد انهيار الخلافه العثمانيه، الا ان هذه الظروف لم تمنع من استمرار النهضه و التعليم في فلسطين حيث كان حسيب الصباغ أحد هؤلاء الشباب الفلسطينيين الذين استطاعوا ان يشكلوا بنية مجتمع متعلم مكافح. درس حسيب الصباغ في مدارس صفد الابتدائية و الاعداديه و انتقل الى القدس عاصمة الثقافة و مصدر العلم في فلسطين حيث أنهى دراسته الثانويه بتفوق مما أهله دخول كلية الهندسه في الجامعه الأمريكيه في بيروت حيث تخرج مهندسا مدنيا في العام 1941.

بعد عودة حسيب صباغ الى فلسطين لم يستطع الحصول على عمل في شركات المقاولات حيث كانت ادارة هذه الشركات تفضل تعيين الانجليز و اليهود المهاجرين، و لهذا قرر حسيب صباغ مع أصدقاء له تأسيس شركة اتحاد المقاولين في حيفا، و رغم ما عاناه في الحصول على مقاولات بسبب عنصرية الشركات العامله في فلسطين في ذلك الوقت الا انه استطاع النهوض و الثبات حتى سقوط حيفا بيد عصابات الهجانا في العام 1948. انتقل حسيب الصباغ و عائلته بعدها الى حياة اللجوء في لبنان، و لكن ذلك الشاب الطموح لم تهزمه هزيمة العرب في حرب فلسطين و لم يلق السلاح بل أسس في العام 1952 مع رفيق دربه سعيد خوري و لاحقا كامل عبد الرحمن شركة اتحاد المقاولين سي سي سي في بيروت.

استطاع حسيب الصباغ و في فتره زمنيه قصيره القيام بمشاريع ناجحه في مجال المقاولات و النفط رفعت الشركه لتصبح خلال العقود الخمسه الماضيه متربعة على عرش أكبر و أهم شركات المقاولات في الشرق الأوسط و العالم. حيث امتدت مشاريع السي سي سي من الوطن العربي الى أمريكا الجنوبيه و الكاريبي و معظم دول أفريقيا و دول القوقاز . لقد ساهمت مشاريع السي سي سي في نهوض العديد من المجتمعات و تطويرها فلم تكن رسالة السي سي سي مادية بقدر ما كانت انسانيه.

لقد وظفت السي سي سي مئات بل آلاف من المهندسيين و الفنيين الفلسطينيين و اللبنانيين و العرب ليقودوا مشاريعها.

حسيب صباغ لم ينسى فلسطين و لم تغب عن ذاكرته، فقد كان فارسا بكل ما تحمل الكلمه من معنى، فهو أحد مؤسسي المجلس الوطني الفلسطيني و عضو في المجلس المركزي الفلسطيني. قام حسيب الصباغ بتوفير مئات المنح الدراسيه للفلسطينيين و اللبنانيين و قد قام ببناء و تأسيس مؤسسات خيريه كثيره و منها على سبيل الذكر لا الحصر مركز حسيب الصباغ للتميز في تكنولوجيا المعلومات في الجامعه العربيه الأمريكيه في جنين، سكن حسيب الصباغ لطالبات جامعة فلسطين التقنيه خضوري في طولكرم ، ميدان حسيب الصباغ وسط مدينة طولكرم، مدرسة حسيب الصباغ في نابلس، مستشفى حسيب الصباغ قيد الانشاء في رام الله، قاعة حسيب الصباغ في الجامعه الأمريكيه في بيروت، حديقة حسيب الصباغ في بيروت، مقعد حسيب الصباغ في جورج تاون.

حسيب الصباغ كان رمزا لرجل الأعمال الفلسطيني و العربي، كان رفيقا لياسر عرفات في بيروت و قد آمن بالسلام الشامل و العادل الذي يضمن الحق الكامل للفلسطينيين بالعوده الى وطنهم و العيش بكرامه.

ودعنا حسيب الصباغ في نيويورك و سيوارى الثرا في بيروت بعيدا عن أرضه و وطنه و بيته في صفد.

كان حين يقول له رفاقه لماذا لا تشتري لك بيتا لتعيش فيه، فكان دائما يجيب بالقول بيتي في صفد و يوما ما سأعود اليه.

رسالة حسيب الصباغ لنا كفلسطينيين و عرب هي الثبات و عدم التنازل عن حقوقنا الوطنيه و القوميه المشروعه.
لك الرحمه و لنا من بعدك الصبر.

التعليقات