استيلاء الزوج علي راتب زوجته طمع مشروع

استيلاء الزوج علي راتب زوجته طمع مشروع
أسماء أبوشال

يعطي الإسلام للمرأة حق التصرف الكامل في مالها ، ومع نزولها إلى العمل أصبح مفروض عليها المشاركة في مصاريف البيت سواء كان ذلك برضاها أو رغماً عنها كما حدث مع أحد قارئات باب أوتار القلوب بموقع لهنً التي أرسلت رسالة تشكو فيها من تحكم زوجها براتبها .

وقالت القارئة الضائعة . ر من الإمارات في الرسالة قائلة : "أنا امرأة متزوجة منذ خمسة عشر عاماً وعندي خمسة أولاد وموظفة ، مشكلتي أن زوجي لا يثق ني من الناحية المادية ويتحكم في راتبي ، مع العلم إنني قدمت له كشف راتبي ويسمع من الناس أن راتبي أكثر من ذلك ، وعلي ذلك فهو يسبب لي مشكلات جمة علاوة علي ذلك فهو يحاسبني على كل صغيرة أو كبيرة مما أنفقه من مالي للبيت و الأولاد ، والله يعلم إني ما بفرط بشي خارج بيتي و أولادي مع العلم فهو يمنعني من التصرف براتبي".

وأضافت : " وما زاد الأمر تعقيداً إنني أضع أولادي في بيت أهلي أثناء الدوام ، وعلي ذلك كنت أعطيهم جزء بسيط جدا لا يذكر من راتبي، وأصبح يعيرني به ويحكي عن أهلي أنهم شحاذين ومتسولين ، مع العلم أن والدي متوفى وليس لوالدتي أي دخل برغم أنها تنفق على عائلتي المكونة من خمسة أبناء، أرجو منكم النصح والإرشاد".

ويشير خبراء علم الاجتماع إلي أن بعض الرجال يبررون الطمع في راتب الزوجة بأنه ناتج عن قلة وعي المرأة ، لأنه من وجهة نظرهم أن المرأة لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية الأنفاق ولا تدبر أمور كثيرة هم الأعلم بها لذا فهم الأحق والأفضل في إنفاق راتبها ، وكثيراً ما يتسبب ذلك بأن تشعر بعض الزوجات بالإهانة والمذلة عندما يستولي الزوج على راتبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ويرون أن الزوجة تخرج للعمل وتعود للبيت مجهدة وتعمل أيضاً ، في كلا العملين وفي النهاية يكون الزوج هو المتحكم في الأموال ، وإذا ما رغبت المرأة في شراء شيء ما فأنها تأخذه من راتبها المستولي عليه من قبل الزوجة ، ويرى بعض الرجال أن سماحهم للزوجة بالخروج للعمل يعطيهم الحق في الاستفادة من راتبها للمساعدة في أعباء البيت، وإلا فإن الرجل لن يجني من عملها سوى الكآبة والتعاسة.

كما ربطت دراسة أمريكية لجامعة امهرست بولاية ماساشوستس بين زيادة راتب الزوجة وتقصيرها فى مهامها المنزلية ، فكلما ازداد ت رواتب النساء المتزوجات قل عملهن المنزلي.

وذكر سانجيف جوبتا كاتب الدراسة ، أنه لا علاقة لتضاؤل عمل المرأة بما يكسبه زوجها، بل بما تكسبه هي ، الأمر يتعلق فقط بمقدار ما تكسبه المرأة ، فإذا كان راتبها كبيراً ستمضي وقتاً أقل في العمل المنزلي.

وعلى هذا الأساس يؤكد البعض أن المرأة عليها تعويض ما يفقده المنزل أثناء عدم تواجدها بالمشاركة فى المصاريف بالرغم من أن الزوج هو له القوامة والمسئول الأول عن الإنفاق ، ولكن من ناحية أخرى لو نظرنا إلى العاملات لوجدنا أن الحياة الاقتصادية فرضت عليهن المشاركة بدون كلل أو ملل لحقيق الاستقرار المادي والأسري.

ولكن الإسلام لا يبيح استيلاء الزوج على راتبها بغير رضاها وطيب نفسها، وأخذ شي منه كرهًا سواء أكان هذا الإكراه مقنّعًا أو مكشوفًا فإنه يعتبر غصبًا ، والغصب حرام على المغتصب، ويجب عليه رد المغصوب لمن اغتصب منه ، وعقد الزوجية لا يبرر أي ضغط على الزوجة.

زوجة لقطة

وقد يكون راتب الزوجة أحد الأسباب التي تقي البنات من شبح العنوسة ؟حيث يفضل بعض الرجال الزواج من زوجة عاملة بمرتب مستقر وثابت لتساهم بشكل أساسي في مصروف البيت، ومن هنا ظهرت هناك حالات عديدة لا يكون فيها أمام الموظف الذي يتقاضى راتبا محدودا حل آخر سوى البحث عن رفيقة درب تكمل نصف دينه وتدعمه ماديا لبناء أسرة.

وعن بحث الرجال عن المرأة العامية أشارت الدكتورة دولت خنافر متخصصة علم الاجتماع إلى أن سر هذا البحث يرجع إلى الوضع الاقتصادي السيئ والمصاريف التي لم تعد تقتصر على الحاجيات الأساسية، بل أصبحت تشمل أمورا ثانوية لم يعد بالإمكان الاستغناء عنها ، مشيرة إلى عدم تقبل الرجل الشرقي، رغم تحضره وتطوره، فكرة التعاون في الأعمال المنزلية ومساعدة زوجته.

وأضافت د. دولت : " المرأة التي تتطلع إلى النجاح في حياتها العملية والعائلية، تجد نفسها مضطرة لاختيار العمل الذي لا يتعارض مع دورها الطبيعي في الحياة ، أما إذا كان طموحها لا يتوافق مع هذه المتطلبات، وقررت ممارسة وظيفة قد تؤثر سلبا على واجباتها الأسرية فهي بالتأكيد ستعاني وقد تفشل".

أمر مشروع

ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن راتب الزوجة أهم أسباب الخلافات الزوجية بسبب إصرارها أحياناً علي عدم إدماج مرتبها مع مرتب الزوج للمعاونة في المصروفات المنزلية أو بسبب إصرار الزوجة من وقت لآخر علي إلقاء الضوء علي أن لها دخلها الخاص‏,‏ أو التركيز علي أن دخلها يفوق دخله بما يجرح كرامته‏,‏ ولا يجد متنفسا لحالته النفسية السيئة غير اختلاق الخلافات والمشاكل‏,‏ مما يؤدي إلي كثير من حالات الطلاق والعنف الأسري كما يتسبب هذا الوضع في ضغوط نفسية ينتج عنها الإصابة بالأزمات القلبية‏.‏

ومن جهة أخري أنه إذا كانت الزوجة تعمل في مجال يوفر لها السلطة والدخل الذي يفوق دخل زوجها‏,‏ فإن بعض حالات الزواج وليس كلها تتأثر بهذا الوضع وإذا لم يكن هناك تعاون من الزوجة يختفي الحب وتسود المشاكل الزوجية‏.‏

وتقول الدكتورة عزة كريم - أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - بحسب جريدة "الأهرام" أن الحياة الزوجية مشاركة بين زوجين في الاهتمامات والمشكلات والأفراح ، ويوجد أدوار لابد أن نعترف بها مخصصة للمرأة وأدوار للرجل وهذه الأدوار وضحت في مختلف الأديان‏ ، وإذا تعاون الزوج مع الزوجة في مسئوليتها الأساسية من حيث أعمال المنزل واهتماماتها بأولادهما فيجب أيضا أن تتعاون الزوجة معه في دوره الرئيسي وهو الإنفاق علي المنزل‏ ، مضيفة : وفي حالة عمل المرأة يكون العائد من حق جميع أفراد الأسرة لأن عملها يستقطع وقتا كبيرا وهو الخاص بالمنزل ورعاية الأولاد لذلك يجب أن تسهم بقدر من المرتب في الالتزامات الأسرية وأن يتفق الزوجان علي ضرورة التعاون بينهما في المسئوليات المادية أو الخدمية أو المعنوية ليحسنا من مستوي معيشة الأسرة‏ ، وبالتالي فلا تخصيص منفرد لمرتب زوجة بمفردها ولا مرتب زوج بمفرده‏، فكما أن الزوج ملزم بالإنفاق علي الأسرة فالزوجة العاملة أيضا لابد أن تدفع جزءا من مرتبها في الإنفاق علي هذه الأسرة والأفضل أن يتم ذلك برضائها التام وتفهمها لأهمية هذه المشاركة في إسعاد أسرتها‏.‏

التعليقات