ليلة العمر في غزة فرحة لم تكتمل

ليلة العمر في غزة فرحة لم تكتمل
غزة-دنيا الوطن-ابتسام مهدي
الذهب ذلك المعدن الذي عندما تنظر إليه تبتسم له وكأنه يبتسم إليك وتملا عينيك لمعة رغبة جامحة للحصول علية ,ما أجمله كخاتم يلبس بالأصبع أو كالاسورة في الساعد أو حتى كسنسال بالرقبة ولو قرطا في أذن .

نشتري ذلك المعدن لنتجمل به أو حتى نفتخر لأننا نمتلكه أو لنحتفظ به ليساعدنا في وقت الأزمات ,هذا المعدن الذي لا يتنازل عن سعره بل كل يوم يرتفع أكثر فهو علي عرش المعادن حيث تعدي سعر الأوقية 1200 دولار أمريكي وهو سعر لم يصل إليه منذ عقود .

إن ارتفاع أسعار الذهب شيء عالمي لا يمكن أن نجادل فيه ولكن لم اسمع إلا في فلسطين شي أسمة "المصنعية "وهو عبارة عن مبلغ من المال يضاف إلي سعر الذهب ليفرق بين تكلفة صناعة الأساور عن تكلفة صناعة الخاتم وغيرة كما يضاف سعر نوع الذهب هل هو بحريني أو ضفاوي أو لازوردي أو غزاوي, كل هذا زاد من ارتفاع أسعار الذهب في قطاع غزة .

من المتعارف علية أن الفتاه التي تقبل علي الزواج تقوم بشراء الذهب من المهر الذي تحصل علية من عريسها وهذا يتفاوت علي حسب قيمة المهر المقبوض نقدا .

العديد من الأشخاص في قطاع غزة والمقبلين علي الزواج يقررون عدم شراء الذهب بسبب غلاء أسعاره لذا يتجهون لاستعارته من أي قريب يوم الزفاف والحفاظ علي باقي المهر المحدد لشراء الذهب في البنك باسم أهل الفتاه أو حتى الفتاه نفسها إلي أن ينخفض سعر الذهب ومن ثم شرائه وطبعا حتى اليوم لم ينخفض الذهب .

غلاء فاحش

حدثتنا أم فاتن وهي تشتري الذهب من احد المحلات لتجهيز ابنتها من الذهب " والله الذهب غالي كثير مش عارفة شو اشتري لها ذهبت إلي كل محلات الذهب حتى استفسر عن سعره لاشتري لابنتي من اقل المحلات سعرا والله كل شي في هذه البلد غالي الملابس غالية والذهب اغلي بكثير بدي أحاول إني اشتري لبنتي شي يبين قدام الناس وبقدر المهر إلي دفعوه أهل العريس وبعدين إذا ربي أعطاهم بتشتري ذهب أفضل وأثقل "

أما هناء خاطبة من ابن عمها فتحدثت ولمرراه في قلبها قابلتها وهي تجهز ملابس لها في السوق "لن استطيع أن اشتري ذهبا فمهري لا يكفي لشراء الذهب وباقي احتياج العروسة من ملابس وأحذية وشنط ومكياج فقط سوف اشتري قطعة ذهب بقيمة 400 دينار ولن يكون في فرحي تلبيسه فقد ألغيناها أنا وخطيبي وقد وعدني أن يشتري لي إذا تحسنت الأحوال "

انتظار بلا أمل

أم محمد متزوجة ولقد مر علي زواجها العام أضافت قائلة " لم اشتري ذهبا واستعرت ذهبا وألبسني إياه زوجي يوم زفافي ومن ثم أعدته, حيث إنني لم اشتري ذهبا لان زوجي اقترح أن احتفظ بالمبلغ المخصص لشراء الذهب في البنك وعندما تنخفض أسعاره نشتري الذهب" .
استدركت حديثها لتقول: " كل يوم ترتفع أسعار الذهب وما بخفي عليكي إني بعد زواجي وجدت انه يوجد علي زوجي ديون بسبب تكلفة الزواج فاضطررت سحب المبلغ و سداد فيه ديون زوجي ووكلي أمل أن يتحسن الوضع لاستطيع أن اشتري ذهبا كباقي الفتيات المتزوجات "

مهور لا تكفي ....

رائدة فتاة خاطبة وهي تعمل مدرسة حدثتنا قائلة "أنا اعمل قبل خطوبتي مدرسة منذ 3سنوات فخلال فترة عملي كنت احصل علي كل راتبي حيث إن أهلي وضعهم المادي جدا ممتاز وهم ليس بحاجة إلي راتبي فكنت اشتري ملابس وماكياج أي كنت أجهز لنفسي كما أنني اشتريت بعضا من قطع الذهب هذا ساعدني عندما خطبت فقد اشتريت بكل مهري ذهبا لكي افتخر به بين الناس أما باقي احتياجات العروسة فاشتريتها من راتبي ومن المشتريات التي كنت اشتريها قبل الزواج"

وقالت لنا فاطمة والتي كانت تتجول بين محلات الذهب لشراء شبكتها "أنا راح اشتري ذهب بما يتناسب مع مهري بس لأن مهري قليل لن يكون هناك ذهب كثير أو حتى ثقيل بس أفضل من لا شيء ولقد اتفقت أنا وخطيبي علي أنه سوف الغي التلبيسه في العرس حتى ما حدا يعلق علي ذهبي " .

فرحة لم تكتمل....

أضافت وفاء وهي متزوجة منذ ست شهور قابلنها في محل الذهب وهي تعرض ذهبها للبيع "اشتريت ذهبي يوم زواجي وكان بقيمة 2000 دينار أردني ولكن لم افرح مثل باقي الفتيات فقد ضاق علينا الحال كثير فزوجي عامل في احد المصانع فهو عاطل عن العمل ولقد كثرت الديون والكل يطالبون زوجي بمالهم لذلك اضطررت أن أبيع ذهبي من اجل أن يسد الديون وان يشتري له سيارة يعمل عليها حتى يتحسن الحال "

هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم ولكن يبقي السؤال هنا إلي متي ستعود الحياة إلي طبيعتها في قطاع غزة وقبل النهاية يجب أن نتذكر المثل الياباني القائل " يختبر الذهب بالنار وتختبر المرأة بالذهب .

التعليقات