المسلمون في سلوفينيا ينتظرون بناء أول جامع منذ أكثر من 40 عاما

المسلمون في سلوفينيا ينتظرون بناء أول جامع منذ أكثر من 40 عاما
غزة-دنيا الوطن
لا تزال السلطات السلوفينية تماطل في الترخيص لبناء أول مسجد في العاصمة لوبليانا، رغم مرور 40 عاما على اعلان المسلمين السلوفينيين (100 ألف نسمة من أصل مليوني ساكن) عن رغبتهم في بناء مسجد يقيمون فيه الصلاة، ويجتمعون فيه أثناء الأعياد. وطالبت الكنيسة الكاثوليكية بإجراء استفتاء عام على بناء المسجد، وفي مطلع هذا العام، تم تنظيم الاستفتاء، حيث صوت أغلبية المصوتين لصالح بناء المسجد، لكن السلطات لم تعط التراخيص الضرورية للشروع في بناء المسجد. وإلى جانب تشدد الكنيسة الكاثوليكية، يوجد متعصبون سلوفينيون، لم يتوانوا عن توجيه رسالة تهديد إلى مسؤولين سلوفينيين، يحذرونهم من مغبة السماح للمسلمين ببناء مسجد لهم. وقد وجهت الرسالة باسم منظمة غير معروفة، من قبل أطلقت على نفسها اسم «نسور سلوفينيا». ورغم مرور فترة طويلة على انتظار المسلمين تحقيق رغبتهم في بناء مسجد لهم، إلا أنهم لم يفقدوا الأمل بعد، لا سيما وأن الحوارات التي يجريها قادة مسلمون وكاثوليك وبروتستانت على المستوى الدولي تؤتي ثمارها، ويلمسها المسلمون في العالم، سواء في سلوفينيا، أو اليونان، أو هولندا، أو الدنمارك أو غيرها. ويتوزع المسلمون في عدة مدن سلوفينية من بينها العاصمة لوبليانا، وماريبور، وكوبار، وياسنيتسا، وغيرها. وقال مفتي سلوفينيا الشيخ نجاد غرابوفاتس لـ«الشرق الأوسط»: «لم نفقد الأمل، فلا نزال نطالب بحقوقنا الثقافية التي يكفلها دستور سلوفينيا، وحزمة القوانين الاوروبية، والميثاق العالمي لحقوق الانسان» وتابع «طالما لم يغلق الباب نهائيا، ولن يغلق بعون الله، فإننا سنواصل التذكير بمطالبنا، وأفضل للحكومة السلوفينية، وغيرها من الحكومات الاوروبية، أن تكون مؤسسات المسلمين الدينية والثقافية فوق الأرض وليس تحت الأرض»، ونوه مفتي سلوفينيا بالتعاطف الكبير الذي يلقاه المسلمون من قبل «أغلبية الشعب السلوفيني، وبعض الشخصيات السياسية والفكرية التي لم يعمها التعصب والاسلاموفوبيا»، وأشار إلى أن «الاستفتاء أثبت أن بقايا القرون الوسطى أقلية، رغم نفوذهم الكبير وسطوتهم». وعن أسباب رفض المتعصبين داخل الكنيسة وخارجها للمسجد، رغم وجود أكثر من 3 آلاف كنيسة في سلوفيني.

وأشار المفتي إلى أن «الأسباب واهية وتعبر عن الكراهية، وكما قلت فإن ممارسة المسلمين لشعائرهم في النور، أفضل لهم وللدول التي يمثلون جزءا من مواطنيها، من السراديب والأماكن غير المعلومة، وهذا ما تم اعتماده في فرنسا على سبيل المثال».

وأكد أن «المسلمين في سلوفينيا معتدلون، ولا يوجد بيننا متشددون، وهو ما تشهد به السلطات، ولكن من يريد حجب الحريات عن الآخرين، لا تعجزه التبريرات والمخاوف غير المبررة».وكان بعض المتعصبين قد أعربوا عن مخاوفهم، من تحول المسجد إلى مصدر لتهديد الأمن، وأنه غريب عن الطابع الحضاري لسلوفينيا على حد زعمهم. وقال المفتي «لا يوجد طابع معماري محدد للحضارة، بل ان الحضارة متنوعة الأشكال المعمارية، وساهمت فيها جميع الاجناس البشرية والثقافية، ونحن نشهد باستمرار ابداعا وجديدا على مستوى الاشكال المعمارية، وهو إثراء للحضارة التي لا يمكن إلا أن تكون متنوعة وانسانية، أي تحتضن كل مجالات التنوع الثقافي». ولم يستبعد المفتي اللجوء إلى المحكمة الاوروبية، وقبل ذلك مقر الاتحاد الاوروبي، للضغط على السلطات السلوفينية للاسراع بمنح التراخيص الضرورية لبناء المسجد والمركز الثقافي الاسلامي في سلوفينيا.

وكان عدد من الفعاليات الاسلامية في منطقة البلقان ولا سيما في البوسنة، قد طالبت بمقاطعة السلع السلوفينية إلى حين موافقة الحكومة على طلب المسلمين القانوني بإقامة مسجد لأداء عباداتهم فيه. وتنتشر المراكز التجارية السلوفينية الضخمة في دول البلقان ومن ذلك البوسنة، ومن شأن مقاطعتها أن تسبب خسائر مالية فادحة للاقتصاد السلوفيني. وليس بناء المسجد هو التحدي الوحيد الذي يواجه المسلمين، بل انهم يعيشون تضييقا متزايدا في مختلف المجالات، فأسماؤهم لا تزال تثير استفزاز من يفتخرون رياء بأن دينهم يطلب منهم حب الأعداء. وهو ما يكذبه تاريخهم الطويل من الامبراطور الروماني قسطنطين، وحتى قادتهم في الألفية الثالثة. ويشير المفتي إلى أن «ما قام به الصرب من جرائم في البوسنة وكوسوفو، يزيد على ما اقترفه ما يوصفون بالارهابيين المسلمين، خلال مائة عام». ويعلق المفتي آمالا على الضمائر الحية في سلوفينيا في تحقيق حلم بناء المسجد، التي تطالب بعض الجهات الرسمية بتقليص مساحته والتخلي عن بناء منارة للمسجد «أملنا في الله كبير، ثم في مواقف من تحرروا من الأفكار المسبقة ومن مرض الاسلاموفيا، التي وجد فيها البعض مادة للاثارة الاعلامية والسينمائية والميديا عموما». ومن المتوقع أن يتم بناء المركز الاسلامي، بالقرب من الطريق السريع، الرابط بين غرب وشرق اوروبا، ولهذا السبب يقول المفتي «سيكون المركز، بعون الله، بالغ الأهمية للمسلمين المارين من هذا الطريق سواء كانوا عمالا او تجارا أو رجال اعمال وغيرهم، حيث سيجدون في المركز المكان الملائم للصلاة والراحة والاستجمام والطعام وكل ما يحتاجونه في سفرهم قبل مواصلة الطريق، وهذا سيجعل ما لا يقل عن 3 ملايين نسمة، لهم علاقة مباشرة ومكررة مع المركز الاسلامي في حلهم وترحالهم» وواصل «بل إن غير المسلمين يمكن لهم الاستفادة من المرافق التابعة للمركز، كالمطعم والمقصف وغير ذلك». وعن المساحة المخصصة للجامع والمركز الثقافي قال «المساحة الاجمالية تبلغ 20 الف متر مربع، وهي كافية لإقامة جامع ومركز ثقافي، ينعم فيه المسلمون بالعبادة في جو روحاني وثقافي وحضاري يبعث على الارتياح والطمأنينة، والانتماء لعالم ارحب وافق اوسع».

التعليقات