الجابري في محاضرة بابوظبي :التجديد أصبح صعبا لأن العقل العربي يعيد انتاج الثقافة العربية نفسها

الجابري في محاضرة بابوظبي :التجديد أصبح صعبا لأن العقل العربي يعيد انتاج الثقافة العربية نفسها
ابوظبي – دنيا الوطن-جمال المجايدة

قال الدكتور محمد عابد الجابري استاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس في المغرب ان العقل العربي بحاجة الي تحديث لمواكبة العصر وادراك المخاطر الكامنة التي تهدد القيم والهوية العربية .
واوضح في محاضرة شهدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة أمس ان الدول العربية غير قادرة علي احياء المشروع النهضوي العربي .
وذكر الجابري أن التجديد أصبح صعبا لأن العقل العربي يعيد انتاح الثقافة العربية نفسها وعليه لابد من النقد الداخلي لهذه الثقافة " العلوم العربية " وليس للثقافة الخارجية لكي يتم التجديد والتطوير والا فسيظل النقد ايديولوجيا .
واشار في محاضرته وهي بعنوان " من أجل تجديد العقل العربي " الى الحاجة الماسة الى عقول اخرى ليس من خلال الاغتراب وانما من خلال التأسيس عبر العمل السياسي غير الفردي .

واشار المحاضر في البداية الى أن قضية التجديد تناولها العلماء والمفكرون منذ منتصف القرن التاسع عشر أمثال جمال الذين الافغاني والشيخ محمد عبده وابن باديس وغيرهم وذلك للبحث عن جواب للسؤال الذي أثير حول سر تأخر العرب والمسلمين وتقدم الامم الأخرى .

وأوضح أن هذه القضية مستمرة في الاسلام حيث جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " ان الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها "وفي رواية آخرى من يجدد أمر دينها .. مؤكدا أن التجديد كان يعني ازالة البدع التي طرأت منذ العصر الاسلامي الاول وذلك لاعادة بناء الواقع الا أن معنى التجديد الان اصبح مرتبطا بالتقدم العلمي لدى الاخرين الذي أفرزه التيار الابستيمولوجي " المعرفي " في أوروبا.

وأشار في هذا الصدد الى أن الحديث عن الفكر العربي خلال خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي كان مذهبيا وايديولوجيا ومعبرا عن ثلاثة توجهات تمثل العودة الى التراث أو الاخذ بما أحرزه الغرب من تقدم أو التوفيق بين التراث والحداثة الغربية وبذلك ظلت الاسئلة قائمة ولم يتحقق التقدم كما ظل الصراع الايديولوجي محتدما.

وقال انه لدى بحثه عن سرهذا الانقسام الفكري وجد أن سببه النقص المعرفي عن الاخر لدى كل طرف من هذه الاطراف الثلاثة رغم أن التراث الفكري الاسلامي يشيرعلى سبيل المثال الى ضرورة التعرف على الاخر من خلال " رد ابن رشد على الغزالي بضرورة التعرف على توجهات وقناعات وادلة المعتزلة " ومقولة الامام الشافعي " رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب " .

وأضاف ان العقل العربي عرف منهجية التحكم في الانتاج المعرفي منذ نشأة علم الحديث وعلوم النحو والبلاغة حيث كانت الآلية الذهنية لهذا العقل تقوم على قياس الفرع على الاصل والجزء على الكل .. مشيرا الى أن هذا المبدأ الذي أصله علماء أصول الفقه يقوم على الاستقراء والتجريب.

وقال ان هذا المبدأ المنهجي تطور مع عصور الجمود والتخلف وشكل عائقا معرفيا إذ اصبح يقيس الشىء على ما سبق من دون فحص نقدي وبذلك خرج عن اطاره العلمي وفرض نفسه على الثقافة العربية كما فرض اللفظ نفسه على المعنى فظهرت له سلطة واسبقية واصبح يحمل معنى معينا.

وأضاف ان العلماء انشغلوا في حديثهم بالمعجزة القرآنية التي فهمت على أنها الغاء للسببية وفرض على الارادة البشرية يلغي الاختيار لدى الانسان المسئول عن عمله وهكذا ظهر التجويز و كل ما هو ممكن خاصة لدى المتصوفة وظهر أيضا من يقول بامكانية السيطرة على العالم كما ان الدولة تدخلت فعرقلت نمو الثقافة التي تحتاج الى حرية وليس الى اسلوب مقارعة الحجة بالحجة.

التعليقات