شادية شاهين ..لبنانية من قيادات العمل النسوي في قطاع غزة

شادية شاهين ..لبنانية من قيادات العمل النسوي في قطاع غزة
غزة-دنيا الوطن
(حضرت لدينا في جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية ربة بيت تطلب منا مساعدتها في سكن حيث احضرت ملابسها تاركة بيتها ، وبعد الاطلاع على حالتها تبين ان احد ابنائها يقوم بمضايقتها بسبب ميولها لتيار فصائلي معين )

تعتبر قضية العنصرية ضد المرأة مشكلة عالمية تواجهها النساء في العالم أجمع ولو بدرجات متفاوتة، بغض النظر عن الثقافة أو الدين أو الموقع الجغرافي، ما يعني أن هذه المشكلة إنما هي ذات طابع عالمي أكثر من كونها محلية تستمد فلسفتها من عقم إجتماعي ذي جذور تاريخية ثقافية عالمية . وكمثال على ذلك، كل من أفلاطون وارسطو وهما من كبار الفلاسفة في عصر الإغريق, حيث اعتبرا العبودية ( الرق) كوضعُ طبيعيُ وعادل للرجل الذي لا يملك شيئاً، وإعتبرا سيطرة الرجل على المرأة شيئاً تتطلبه الطبيعة البشرية ، والأنكى من هذا, ما نص عليه القانون في العصر الروماني من تقسيم الموجودات في الحياة إلى أشخاص وأشياء ، الأشخاص هم الرجال من ذوي الأملاك ، والأشياء هم العبيد والحيوانات والنساء .

إلا أن هذا لا ينفي سمة الخصوصية التي تتميز بها المرأة الفلسطينية، إذ أنها تواجه تمييزاً منظماً ومبرمجاً من عدة جهات وعلى جميع المستويات، ناهيك عن توفر العنصرين الموضوعي والذاتي في البيئة التي تعيشها النساء الفلسطينيات، ما يجعل من قضية التمييز ضد المرأة وما يحمل في طياته من حرمان من أبسط حقوق الانسان التي كفلتها جميع المواثيق الدولية مسألة مقبولة ومتعارف عليها بأنها وضع طبيعي لكلا الجنسين .

ومع هذا ، يلاحظ المتتبع لتاريخ الحركة النسائية في فلسطين, يلاحظ بأنه منذ عام 1978، بدأت تظهر للعيان بعض التوجهات النسوية لهذه المنظمات وذلك من خلال التركيز على قضايا النوع الاجتماعي . وضمن هذا السياق، عزت " شادية شاهين " أحد قيادات العمل النسوي والمديرة في جمعية المراة الفلسطينية العاملة للتنمية بقطاع غزة بأن عام 1978 شكل مفصلاً نوعياً في توجهات وأسس عمل الحركة النسائية، بحيث تم التركيز على ضرورة تشكيل حركة نسائية قوية تربط بين السياسي والتحرر الاجتماعي مما أدى بالنهاية إلى تشكيل إتحادات اللجان النسوي. ، وترى شاهين بأن الانتفاضة الشعبية الأولى جعلت العديد من النساء الطليعيات في الحركات النسائية يدركن أهمية التنسيق والتعاون والتشبيك بين المنظمات النسائية لبناء أسس متينة لهذه الحركة، ففي صيف 1989 ، تشكل المجلس الأعلى للنساء، وتكون من الأطر الأربع السياسية الفلسطينية التي مثلت كافة الفصائل السياسية الفلسطينية في ذلك الوقت، بالاضافة إلى النساء المهنيات، وهذا رمز بدوره الى إزدياد الاهتمام بالمواضيع والشؤون النسوية.

إلا أن قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أرض الوطن، شكل نقلة نوعية في تاريخ الحركة النسائية الفلسطينية. ومن أبرز ما رافق هذه المرحلة من تطورات، بروز المؤسسات النسوية المهنية المتخصصة التي ركزت جلً إهتمامها على قضايا النوع الاجتماعي، الأمر الذي يمكن إعتباره تتويجاً للتوجه النسوي في الحركة النسائية الفلسطينية .

و يعتبر المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات التقليدية الشرقية، مجتمعاً أبوياً ذكوريا، تسير فيه العلاقات بناء على أسس هرمية تفتقر للعدل والمواءمة من حيث السلطة والمسؤولية، ويتحدد فيه حقوق وواجبات الأفراد بناء على جنسهم الاجتماعي، ما يؤدي إلى ضرب مبدأ المواطنة في العمق، ويسيطر فيه الموروث الثقافي الاجتماعي الذي يتماشى مع مصلحة الجنس الأكثر قوة في المجتمع وهم الرجال على جميع مناحي الحياة على حساب الجنس الأضعف وهم النساء .

وتؤكد " شادية شاهين " ان النساء الفلسطينيات وعلى الرغم من أهمية الدور الذي قمن به وما زلن في مسيرة النضال الشعبي الفلسطيني سواء كنَ أفرادا شاركن بطريقة عشوائية، أو مجموعات مؤطرة داخل جمعيات ومنظمات نسوية، إلا أن المتتبع لحال المرأة الفلسطينية يلمس الإجحاف الملحق بحقها على جميع المستويات : القانونية ، الاجتماعية ، الاقتصادية والثقافية, وفي كلا الاتجاهين العملي والنظري، و هذا ما يدحض الرأي القائل بأن التجربة النضالية للمرأة الفلسطينية جعلتها تتخلص في العوائق والقيود الاجمتاعية الثقافية التي تحول دون تقدمها في الحياة . إلا أن هذا لا يعني النفي الكامل لبعض الإنجازات التي حصلت عليها المرأة الفلسطينية من خلال مشاركتها في الحركة الوطنية ومن أهمها ظهور بعض القياديات الطليعيات من النساء .

وتشير " شاهين " الى ان النساء الفلسطينيات يعانين من عدة مشاكل تعود جذور بعضها لعوامل موضوعية تتلخص بالاحتلال وسياسة الاغلاق والحصار بالاضافة إلى حداثة نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من فقر وبطالة وأمية وغيرها من المشاكل . أما بعضها الآخر، فتعود جذوره لعوامل ذاتية تأخذ من العادات والتقاليد والثقافة وحتى الدين في بعض الأحيان روافدأ تعليلية تفسيرية لحالة الظلم واللامساواة التي تلحق بالاناث في المجتمع الفلسطيني. وفي هذا الاطار, تحاول المنظمات النسائية كغيرها من المنظمات الأهلية والحكومية، الاستجابة لمتطلبات المرحلة و تخفيف حدة المعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية، وذلك من خلال تقديم الخدمات المتنوعة والتي قد تكون ذات طبيعة إغاثية أو تنموية أو توعوية ثقافية وغيرها من الأشكال بهدف التقليل من حدة الفقر، الأمية، العنف وغيره من المشاكل التي تواجهها المرأة الفلسطينية .

ومن خلال الثقافة العالية والخبرة المميزة والنشاط المستمر في الدفاع عن حقوق المرأة والتي تتسلح به احد ابرز الناشطات في المجتمع الفلسطيني الاخت " شادية شاهين " والمديرة في جمعية المراة الفلسطينية العاملة للتنمية ، كان لنا معها هذا اللقاء الخاص بدنيا الوطن

س : ما هي القضايا التي تعالجونها في جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية ؟

تقول شاهين بان القضايا التي تخص المراة كثيرة ومتنوعة ، ولكن بشكل عام القضايا الخاصة التي يتم التركيز عليها هي محاولة التوعية والارشاد للمراة الفلسطينية وتثقيفها بقوانين العمل الفلسطيني .

س : كيف ترين دور المراة الان في ظل الحصار ؟

كما اسلفت سابقا بالنسبة لوضع المراءة الفلسطينية الوضع صعب جدا ، حيث ان المراة الفلسطينية تعاني على صعيد الاقتتال الداخلي ، فتعتبر المرأة هي الاخت والزوجة ، فهي تعاني الامرين حيث انها لم تستطع ان تمنع الاقتتال داخل منزلها في ظل وجود ابناء لها ينتمون الى هذا الفصيل او ذاك ، حيث ان الحزبية انتقلت الى داخل المنزل واصبح من الصعب السيطرة عليها وهذا انعكس على الاسرة داخل المنزل ، فاصبح الاخ لا يتحدث مع اخيه . وهذا انعكس سلبا على المراة والتي اصبح العمل لديها في المنزل غير مقبول ، وقد لاحظنا ذلك من خلال التوجه لنا في جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية من قبل طالبات جامعيات وربات بيوت بحاجة للعمل وذلك للهروب من الصراع داخل الاسرة ، وخصوصا في ظل وضع اقتصادي سيئ وزيادة البطالة في قطاع غزة وانقطاع الرواتب ، حيث تسعى الطالبة الجامعية لمساعدة الاسرة واكمال الدراسة في نفس الوقت .

والغريب ان بعض الاسر تدفع ببناتها للعمل من اجل اعالة الاسرة في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة ، ولكننا في جمعية المراة نحاول قدر المستطاع خدمة هذه الاسر من خلال تقديم مشاريع صغيرة مثل " مكن خياطة ، بسطات صغيرة ، تربية دواجن ... الخ " .

س : ما هو المطلوب من الاتحادات ومراكز وجمعيات رعاية المراة لمساندة الاسرة الفلسطينية ؟

يجب على الجمعيات والمراكز والاتحادات ان تقدم الدعم المادي والمعنوي للمراة الفلسطينية ، ففي البداية ياتي الدعم المادي ومن ثم يلية الدعم المعنوي وهو ضروري جدا ، كاعلاج النفسي ، لان معظم الذين نقابلهم بحاجة الى معالجة نفسية من شدة الضغوطات التي يواجهونها ، فمثلا حضرت لدينا في جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية ربة بيت تطلب منا مساعدتها في سكن حيث احضرت ملابسها تاركة بيتها ، وبعد الاطلاع على حالتها تبين ان احد ابنائها يقوم بضربها بسبب ميولها لتيار فصائلي معين ، وهذا يعود الى عدم الترابط الاجتماعي بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة والحالة السياسية المتردية في قطاع غزة .

س : هل ممكن ان تروي لنا بعض القضايا الاجتماعية التي تعالجها جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية، او التي واجهتك ضمن نشاطاتك في شئون المراة ؟

في الحقية انا عملي اداري ، وليس بالجمهور ، ولكن هناك بعض القضايا الهامة والمميزة والتي يتم مشاركي في حلها ، فمثلا هناك فتاة عرضناها على اخصائية نفسية ، وهي زوجة صغيرة في السن ، حضرت لنا بدون معرفة اسرتها ، تشكو من تحرش شقيق زوجها بها ، في البداية كانت خائفة جدا ولا تستطيع الحديث ، ولكننا عرضناها على الاخصائية النفسية والتي استطاعت حل مشكلتها دون معرفة احد ، وهنالك قضايا كثيرة نعالجها بدون معرفة اسرهم .

وفي الختام اقول انه يجب على المراة في المجتمع الفلسطيني ان تحاول النهوض ورفع صوتها ومواجهة مشاكل المجتمع من خلال ايمانها بانه يجب عليها ان تاخذ دورها لاسماع صوتها كباقي نساء العالم ، حيث انه لا يخلو أي مجتمع من الامراض .

التعليقات