كوندوليزا رايس تعقد لقاء تاريخيا مع القذافي

كوندوليزا رايس تعقد لقاء تاريخيا مع القذافي
غزة-دنيا الوطن
التقت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي كان حتى الامس القريب العدو اللدود للولايات المتحدة.
وبهذه الزيارة الاولى لوزير خارجية امريكي الى ليبيا منذ 55 عاما، تأمل رايس في ان تحقق نجاحا دبلوماسيا نادرا لادارة بوش وان تظهر لكوريا الشمالية وايران الفوائد التي يمكن ان تحصلا عليها بتخليهما عن اسلحتهما للدمار الشامل.
واستقبلت رايس التي حطت طائرتها مساء الجمعة في مطار معيتيقه العسكري قرب طرابلس من قبل الامين الليبي لشؤون الاميركيتين في الخارجية الليبية احمد الفيتوري. وبدأت على الفور مباحثات مع نظيرها الليبي عبد الرحمن شلقم. وشاركت لاحقا الزعيم الليبي معمر القذافي مأدبة افطار رمضانية.
وكان القذافي قد عبر في الماضي عن اعجابه برايس. وقال في مقابلة مع قناة 'الجزيرة' التلفزيونية 'أنا نؤيد حبيبتي السمرة الإفريقية ... ونفخر بها أن بتضع لها رجل وتوجه الأوامر للحكام العرب وتؤشر بإصبعها لوزراء خارجية العرب يجيئوها ظرفات ووحدان وتنادي كذلك إلى أمناء. أنا يعني بحبها وبأقدرها ونفخر بها لأنها امرأة إفريقية في الأصل وسوداء.'
وبحثت رايس مع نظيرها الليبي عددا من القضايا الدولية من بينها الأوضاع في العراق وفلسطين ولبنان بالإضافة الى الملف النووي الإيراني، والعلاقات الثنائية.
وذكرت وكالة الأنباء الليبية ان الجانبين ناقشا عددا من القضايا الدولية المهمة من بينها العراق وفلسطين والعلاقات الأمريكية السورية، والوضع في لبنان والتطورات الإقليمية والعلاقات الأمريكية الإيرانية والتوتر في العلاقات بينهما وأهمية وجود مخرج لهذا التوتر .
وأضافت إن رايس شددت على أهمية زيارتها لليبيا، مشيرة إلى أنها 'كانت تتمنى زيارتها منذ سنوات نظرا لما تمثله (ليبيا) من قيم تاريخية ومن إسهام في التاريخ والحضارة الإنسانية '.
بدوره عبر شلقم عن ارتياح الجانبين لما وصلت إليه العلاقات بينهما في المجالات السياسية.
ولفت شلقم إلى إن رايس عبرت 'عن حرصها وحماسها لتطوير العلاقات الثنائية، وأن تكون هناك آليات ثنائية مشتركة لتطوير هذه العلاقات في كل المجالات، وأن يكون هناك تواصل وحوار سياسي معمق'بين الطرفين'.
وأشار إلى أن 'البلدين في حوار مستمر الآن حول كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك المتعلقة بالاستقرار والتنمية والمصالحة في افريقيا إلى جانب جهود الزعيم الليبي معمر القذافي الخاصة بالعلاقة بين تشاد والسودان وترسيخ السلام في تجمع دول الساحل والصحراء '.
يشار إلى أن التجمع المذكور والذي يعرف اختصارا بـ' س . ص' يضم في عضويته 28 دولة عربية وإفريقية من بينهما تشاد والسودان.
وقال شلقم إن الاجتماع تناول أيضا التطور الذي وصل إليه حجم التعاون الاقتصادي بين الجانبين في مختلف المجالات خاصة في مجال النفط ، وكذلك التطور الكبير في التعاون في مجال التعليم بوجود آلاف الطلبة الليبيين الآن للدراسة في الولايات المتحدة .
ووفقا لمصادر ليبية فإن الاجتماع تناول كذلك العمل الدولي المشترك لمقاومة الإرهاب باعتبار الاستقرار والأمن جزء أساسي للتنمية والتطور والتعاون بين الشعوب.
وكانت رايس وصلت مساء الجمعة إلى العاصمة الليبية طرابلس في زيارة هي الأولى لمسؤول أمريكي على هذا المستوى منذ العام 1953 .
وقالت رايس في لشبونة حيث توقفت قبل التوجه الى العاصمة الليبية 'انها لحظة تاريخية'.
واضافت للصحافيين الذين رافقوها في الطائرة 'بكل صراحة لم اكن اعتقد أبداً اني سازور ليبيا، انه لامر مهم'.
وتابعت 'انها بداية و(مؤشر) انفتاح، وليست نهاية المطاف'.
وقالت 'امامنا درب طويل لنعبره. غير اني اعتقد ان (هذه الزيارة) اظهرت ان الولايات المتحدة ليس لديها اعداء دائمون وانه حين تكون دول على استعداد لاجراء تغييرات جوهرية في توجهاتها، فان الولايات المتحدة على استعداد للتفاعل معها'.
واشارت رايس الى 'الدور المهم الذي يمكن لليبيا ان تقوم به -وتقوم به بالفعل- في المغرب العربي وفي الاتحاد الافريقي'، مؤكدة على رغبتها في ان تبحث مع الزعيم الليبي الوضع في السودان 'حيث تقوم ليبيا بدور هام'.
وقالت ايضا ان زيارتها تهدف الى التوصل الى اتفاقات تبادل في مجالات التعليم والثقافة وربما التعاون العسكري.
ولاحظت ان 'ليبيا تتغير' مضيفة 'اريد ان ابحث الطريقة التي تتغير فيها، لان ليبيا اكثر انفتاحا وليبيا تتغير، وستشكل امرا جيدا لليبيا كما للمجتمع الدولي'.
وخلال لقائها القذافي من المقرر ان تكون رايس بحثت ايضا مسألة حقوق الانسان ولا سيما قضية المعارض الليبي فتحي الجهمي (66 عاما) الذي يعيش اخوه في المنفى في بوسطن.
وترى ليبيا ان زيارة رايس تكرس عودتها الى المسرح الدولي وتشكل نجاحا مدويا لدبلوماسيتها الجديدة التصالحية بدفع من سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي.
لكن بعد عشرات السنين من العلاقات المتوترة، ما زال القذافي حذرا. وقال الاثنين ان 'ملف الخلاف بين الولايات المتحدة الامريكية وليبيا اقفل نهائيا ونحن لا نطمع في صداقة امريكا ولا في عداوتها، فقط يتركوننا في حالنا والمهم ان العلاقات لن تكون فيها حروب ولا غارات ولا ارهاب'.
واشاد البيت الابيض الجمعة بـ'الفصل الجديد' في العلاقات الامريكية مع ليبيا. وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض ان 'زيارة رايس الى ليبيا تمثل فصلا جديدا في العلاقات الثنائية' بين البلدين.
واضافت ان العلاقات 'تغيرت في اعقاب قرار البلد (ليبيا) التخلي عن اسلحة الدمار الشامل وقدراتها على انتاجها. وهذه تغيرات كبيرة ومهمة'.
واضافت 'اننا بتحسين علاقاتنا مع ليبيا سنتمكن من توسيع التعاون الثنائي في العديد من المجالات ومن بينها التعليم والثقافة والتجارة والعلوم والتكنولوجيا وبالتاكيد الامن وحقوق الانسان'.
و قالت وزيرة الخارجية الأمريكية إن تقارب واشنطن مع ليبيا العضو في أوبك له دوافع أكثر من مجرد حاجة الولايات المتحدة للنفط.
وقالت رايس للصحفيين مشيرة للأثر المحتمل لهذه الزيارة على العلاقات الثنائية ' انها مفيدة لكن هذه علاقة أوسع نطاقا بكثير.' واضاف 'تنطوي على احتمالات أوسع بكثير من مجرد الطاقة.'
لكن رايس أضافت أن ليبيا التي تملك أكبر احتياطيات نفطية في افريقيا يمكنها أن تساعد فيما يتعلق بامدادات الوقود العالمية وان من المهم ان تكون هناك مصادر متعددة يعتد بها لامدادات الطاقة.
من جانبه قال شكري غانم رئيس الشركة الوطنية للنفط في ليبيا ان زيارة رايس 'هي ترسيم واعلان لتطبيع كامل للعلاقات بين امريكا وليبيا'.
واشار الى اهمية دور النفط في نسج علاقات اقتصادية بين البلدين.
واوضح 'ان دور النفط كان هاما منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث كان السوق الاهم والاول للنفط الليبي هو السوق الامريكي لان النفط الليبي من النوع الخفيف والان بعد رفع الحظر بدأت كميات متزايدة تأخذ طريقها الى امريكا وسوف تزداد هذه الكميات'.
وتابع 'لقد عاد الكثير من الشركات الامريكية للعمل في ليبيا (..) وسيكون النفط العنصر الهام في العلاقات الليبية الامريكية في عالم يزداد فيه الاحتياج الى الطاقة ما سيؤدي الى مزيد من انتاج للنفط الليبي لدخول الاسواق العالمية وخصوصا السوق الامريكي'.
وقطعت العلاقات الليبية الامريكية في العام 1981 بسبب دعم ليبيا المفترض للارهاب ولم تستأنف الا في 2004 بعد اعلان الزعيم الليبي تخليه عن السعي الى حيازة اسلحة دمار شامل.
يشار الى ان ما ساهم ايضا في تحقق زيارة رايس لليبيا التوقيع الشهر الماضي على اتفاق بشأن تعويضات للضحايا الليبيين والامريكيين للنزاع بين البلدين في ثمانينات القرن الماضي.
وازدادت العلاقات سوءا مع الولايات المتحدة عندما شن الطيران الحربي الامريكي في الرابع من نيسان (ابريل) 1986 غارات على ليبيا قصف خلالها منزله في طرابلس ما ادى الى مقتل ابنته بالتبني، بعد اتهام ليبيا بالقيام باعتداء مناهض للولايات المتحدة في برلين الغربية.
وتحول القذافي الى 'اكبر عدو' للغرب بعد اعتداءين وجهت اصابع الاتهام فيهما لليبيا، الاول على طائرة امريكية لشركة بانام فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية والذي اسفر عن سقوط 270 قتيلا في 21 كانون الاول (ديسمبر) 1988 والثاني على طائرة يو.تي.اي الفرنسية فوق صحراء تينيري في النيجر في التاسع عشر من تموز(يوليو) 1989 (170 قتيلا).
وبعد مؤتمر صحافي مشترك عقدته مع شلقم، من المقرر ان تكون رايس غادرت طرابلس ليلا متوجهة الى تونس محطتها التالية في جولة تقودها ايضا الى الجزائر والمغرب.
وأشاد مسؤولون في وزارة الخارجية بمحاربة ليبيا لعمليات تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا وإعاقة جهود تجنيد المقاتلين في صفوف التنظيم 'الإرهابي' للمشاركة في الحرب في العراق.
وقال ديل دايلي منسق عمليات مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية 'كانوا أعضاء جيدين ضمن الفريق وشركاء في هذا العمل'.
وقال دايلي لموقع 'ميد باسين نيوز' إن ليبيا كانت تساعد الولايات المتحدة عسكرياً على مراقبة تدفق عناصر من تنظيم القاعدة من شمال أفريقيا إلى سورية الطريق الرئيسية للمتطوعين في القاعدة للمشاركة في الحرب ضد قوات التحالف في العراق.
وكان دايلي أوجز أمام الصحافيين في وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء الماضي عن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى ليبيا التي تبدأ اليوم، وهي أول وزيرة للخارجية الأميركية تقوم بزيارة الدولة العربية الشمال أفريقية منذ العام 1953.
وكانت الولايات المتحدة رفعت اسم ليبيا عن لائحة الدول الراعية للإرهاب في العام 2006، وقال دايلي إنه منذ ذلك الحين تطورت العلاقات بينهما حتى أصبحت ليبيا شريكاً أمنياً حيوياً للولايات المتحدة.

التعليقات