25مليار جنيه... ممتلكات وشركات امبراطور الحديد احمد عز

القاهرة-دنيا الوطن
25مليار جنيه حققها أحمد عز منذ بداية نشاطه في مجال الحديد عام 1989.. لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد سيطر عز علي 60% من سوق الحديد في مصر وأكثر من 50% من جملة الحديد المصري المطروح في الأسواق العالمية. وتمتعت شركاته بإعفاء ضريبي استمر 10 سنوات حقق خلالها أرباحا صافية وصلت إلي 15 مليار جنيه. إمبراطورية عز الحديدية لم تكتف بذلك. فشركات رجال الاعمال الجدد مثل عز ومحمد ابو العينين وفريد خميس تحصل علي مليون وحدة حرارية بأقل من دولار. أما عز فخلال نشاطه المتزايد حقق أرباحا بلغت 5 أضعاف الأصول المدفوعة لشركات الحديد الأربع التي يملكها.
هذا هو ملخص الدراسة التي كتبها الخبير الاقتصادي فاروق عبد الخالق معتمدا علي ميزانة شركات عز المنشورة. ويعتبر الخبير الاقتصادي أن خطوة نشر الميزانيات رغم أهميتها إلا أنها جاءت لتغطي علي عمليات تخسير لشركة الحديد والصلب الحكومية تمهيدا لخصخصتها لصالح إمبراطور الحديد أحمد عز.
يناقش عبد الخالق فاروق تطور شركات عز اقتصاديا ويوضح بالارقام وكيف استطاع عز في سنوات قليلة أن يصبح إمبراطور الحديد في مصر. وإلي نص الدراسة

مؤخرا نشر أحمد عز القوائم المالية المجمعة والمختصرة لأعمال 4 شركات يملكها عن الستة شهور الأولي من عام 2008، مقارنة بنتائج الفترة نفسها من عام 2007، وذلك في التزام جزئي بأحكام قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981.
تضم شركات عز شركة العز لصناعة حديد التسليح - تأسست عام 1994 بالمنوفية - برأس مال مصدر ومدفوع قدره (911.9 مليون جنيه)، مستفيدا من مزايا قانون الاستثمار رقم (43) لسنة 1974 وتعديلاته المثيرة للجدل، وكذلك قانون تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة رقم (159) لسنة 1979، وبحسب مواد القانونين أعفي عز من الضرائب 10 سنوات كاملة.
وبعد تأسيس هذه الشركة تأسست 3 شركات تابعة لها وهو:

1- مصانع عز للدرفلة (مصانع العز للصلب سابقا) التي تأسست عام 1986 مستفيدة من قانون الانفتاح، ثم عدلت أوضاعها بعد انتهاء فترة الإعفاءات الضريبية مستفيدا من قانون الاستثمار الجديد رقم (8) لسنة 1997، ويملك أحمد عز 90.73% من أسهمها
2- شركة العز لصناعة الصلب المسطح (العز للصناعات الثقيلة سابقا) التي تأسست عام 1998 بنظام المناطق الحرة مستفيدة كذلك من قانون الاستثمار الجديد ويمتلك فيها أحمد عز 75.15% من أسهمها.
3- شركة عز الدخيلة للصلب (الإسكندرية) التي كانت من سنوات قليلة من ممتلكات قطاع الأعمال العام وكانت قد تأسست عام 1982، وعبر عمليات غامضة استحوذ السيد أحمد عز عليها عام 1998 وامتلك الآن 50.28% من أسهمها، بعد أن كانت حصته فيها في ديسمبر من العام 2007 حوالي 53.52%.
وحتي نتعرف أكثر علي مركز وثقل شركات "أحمد عز" في هذه الصناعة الثقيلة، فربما يكون من المناسب عرض هيكل وأوزان الشركات العاملة في صناعة الحديد والصلب في مصر الآن.

إمبراطورية عز

تعمل في صناعة الحديد والصلب في مصر 19 شركة، منها واحدة فقط مملوكة للقطاع العام هي (شركة الحديد والصلب المصرية) التي بدأت منذ عام 1955، وبقية الشركات مملوكة للقطاع الرأسمالي الخاص.
وتستحوذ الشركات الخاصة علي نحو 90% من إجمالي إنتاج ومبيعات السوق، وتستأثر شركات أحمد عز بحوالي 60% من الطلب المحلي وأكثر من 50% من الطلب الخارجي، وبالمثل فإن إنتاج الحديد المسطح تكاد تنفرد به 3 شركات في مصر، إحداها هي شركة الحديد والصلب المصرية المملوكة للحكومة، والشركتان الأخريان خاصتان هما (شركة عز للصلب المسطح) و(شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب).

واللافت أن شركتي القطاع العام اللتين كانتا تعملان في هذه الصناعة الثقيلة تعثرت إحداهما في ظروف غامضة، حتي استحوذ عليها عز في منتصف التسعينيات وهي شركة (الدخيلة) والثانية تواجه حاليا ظروفاً مشابهة تدفع بها نحو الخصخصة.
ومازالت التساؤلات مطروحة - داخل وخارج البرلمان - عن ظروف استحواذ عز علي شركة الدخيلة وهي الاستجوابات التي يتجاهل المسئولون عن شركات قطاع الأعمال العام الرد عليها، بما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها، ومصير الشركة ومناجمها الضخمة في الواحات لا يزال مجهولا.

فهذه الشركة أحد رموز عصر النهضة الصناعية الجديدة في الخمسينيات والستينيات، حيث بدأت عام 1955 إنتاجها بحوالي 250 ألف طن سنويا، ثم تطورت خطوط إنتاجها في مطلع الستينيات بعد إدخال خط درفلة وخط حديد مسطح، فزاد إنتاجها عاما بعد آخر حتي قارب حاليا علي مليون طن سنويا موزعة علي أكثر من 50 منتجاً متنوعاً من الحديد والصلب.

ثم فجأة ومنذ عام 1998 - وهو تقريبا نفس العام الذي شهد مولد نجم أحمد عز في عالم الحديد والصلب في البلاد - أهدر دم الشركة، وتوقف ضخ الاستثمارات فيها، وسمعنا من يتحدث عن المديونية الكبيرة التي تثقل كاهل الشركة، وقدم خطوط إنتاجها، واختيار قيادات غير مؤهلة انتهي أغلبهم في السجون بتهم الاختلاس وإهدار المال العام، وهكذا بدا واضحا أن هناك مخططاً جهنمياً لنقل ملكية هذه الشركة الضخمة إلي ممتلكات الإمبراطور الجديد الذي يتولي الإنفاق علي الحزب وما هو أبعد من الحزب علي البيت الرئاسي وساكنيه أيضا.
كان صعود أحمد عز - الذي ورث نشاطا متواضعا في تجارة الحديد توجه في منتصف الثمانينيات - نتيجة مباشرة لبرنامج حكومي منظم ومعلن منذ سنوات يعلي من شأن القطاع الرأسمالي الخاص والأجنبي، ويهدر دم القطاع العام والملكية العامة. ويدفع بالشركات التي وضعت مصر علي طريق الدول الصناعية إلي التعثر والإفلاس ثم البيع في صفقات مريبة لصالح إمبراطورية عز.
وبغض النظر عما حدث في الماضي لنتأمل بيانات الميزانية المختصرة التي نشرها المحاسب المالي لشركات عز في الصحف المصرية صباح يوم 18 أغسطس 2008. فالنظرة العابرة لهذه الميزانيات المختصرة تثير تساؤلات أكثر مما تقدمه من إجابات انتظرها المصريون ليعرفوا وبدقة حجم وحدود امبراطورية عز الحديدي.

من التأميم إلي احتكار القلة

الاحتكار في علم الاقتصاد كما هو معروف يتخذ صوراً وأشكالاً، لعل أبرزها ما يسمي احتكار القلة monopoly أو احتكار الفرد، ولكنها تتفق جميعا علي حقيقة أن المحتكر، سواء كان فردا أو مجموعة محدودة العدد من الأفراد أو الشركات يملكون القدرة وحدهم في التحكم في الأسواق سواء عبر فرض كميات الإنتاج المعروضة في الأسواق أو خط السعر أو كليهما معا، بما يؤدي إلي أضرار ضخمة علي المتعاملين مع السوق الذي يخضع للاحتكار وعلي الاقتصاد الوطني للدولة، ومن ناحية أخري يؤدي الاحتكار - أيا كان نوعه - إلي تحقيق معدلات أرباح تؤثر سلبا علي بقية قطاعات الإنتاج أو الاستهلاك. ولعل هذا يفسر حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي من هي بالنسبة للاقتصاد الرأسمالي العالمي كانت هي الدولة الأولي التي أصدرت قوانين تمنع الاحتكار وتضمن المنافسة الحرة منذ نهاية القرن التاسع عشر.
وتكشف قراءة البيانات المختصرة المنشورة عن ميزانية شركات الرجل عن تأثير ذلك الوضع الاحتكاري علي معدلات أرباحه وعلي موقفه الضريبي المثير للجدل. فخلال الاشهر الست الأولي من عام 2008 بلغت مبيعات شركات "أحمد عز" حوالي 11.1 مليار جنيه - والملاحظ أن مبيعات شركة الحديد والصلب لم تزد في العام 2006/2007 عن 2.7 مليار جنيه - مقابل 7.8 مليار جنيه خلال الستة شهور المماثلة من عام 2007، بمعدل زيادة في قيمة المبيعات بلغ 42.4%.

وبالمثل فإن تكلفة المبيعات تلك بلغت في النصف الأول من عام 2008 حوالي 8.3 مليار جنيه مقابل 5.9 مليار جنيه في الستة شهور الأولي من عام 2007، وبالتالي فإن الأرباح الإجمالية لفترة الستة شهور قد زادت من 1897.6 مليون جنيه إلي 2731.0 مليون جنيه في نصف العام 2008، وبهذا حقق معدل زيادة في أرباح الستة شهور فقط بلغت 43.9%.

فإذا قدرنا أن مبيعات النصف الثاني من عام 2008 سوف تسير بنفس مستوي النصف الأول من العام - وهو الاحتمال الأرجح - فإن مبيعات شركات عز سوف تبلغ في العام 2008 كله حوالي 22.2 مليار جنيه مقابل 15.6 مليار جنيه في العام السابق (2007)، وبالتالي فإن أرباح الشركات سوف تتجاوز عام 2008 حوالي 5.6 مليار جنيه، مقابل 3.7 مليار جنيه في العام السابق وبنسبة زيادة تجاوزت 51.4%. وهذا يعني باختصار أنه مع كل زيادة في الأسعار أو حتي تكاليف الإنتاج تزداد أرباح الرجل ويكتوي المستهلكون والفقراء الراغبون في بناء منزل يؤويهم.

وفإذا خصمنا من إجمالي أرباح عز المصروفات الأخري مثل نفقات البيع والتسويق والمصروفات الإدارية وغيرها، وأضفنا إليها ناتج أرباحه من الفوائد والمتحصلات الأخري بما فيها فروق أسعار العملة، فإن صافي أرباح شركاته في عام 2008 سوف تتجاوز 4.5 مليار جنيه، بينما كانت في العام السابق 2.9 مليار جنيه فقط، وبمعدل زيادة في الأرباح الصافية في ذلك العام 55.2%.
وإذا عرفنا أن رأس مال شركات عز المدفوع لا يتجاوز 911.9 مليار جنيه، سيكون من الواضح أن الرجل يحقق أرباحاً تكاد تتجاوز 5 أضعاف رأس مال شركاته المدفوع، وإذا قارنا الأرباح التي يجنيها بتكاليف التشغيل فإن الرجل يحقق أرباحاً تزيد علي 27.2% عام 2008، وهو معدل مرتفع للأرباح في صناعة ثقيلة كصناعة الحديد والصلب، ويكفي أن نشير إلي أن سياسات خنق شركة الحديد والصلب الحكومية منذ تولت جماعة الخصخصة والبيع مقاليد الحكم في مصر منذ مطلع التسعينيات، قد أدت بهذه الصناعة إلي وضع تكون فيه معدل أرباحها أقل كثيرا جدا من معدل الأرباح التي يحققها أحمد عز وشركاته الاحتكارية.

في شركات عز.. الضرائب خارج نطاق الخدمة

تفاخر السيد أحمد عز في لقائه التليفزيوني النادر مع الإعلامية القديرة مني الشاذلي في برنامج العاشرة مساء في شهر يونيه الماضي، بأنه وشركاته من أكبر دافعي الضرائب في مصر ، والسؤال الجوهري هنا هل هذا الادعاء حقيقي أم مجرد وهم؟
ويمكن لأي متابع أن يدقق قليلا في ما قاله عز ويقارنه بميزانيات شركاته ليجد أن الرجل الحديدي أراد أن يمجد نفسه أمام المشاهدين الذين اكتوي أغلبهم بنار أسعاره. فقد منحت الحكومة أحمد عز وشركاته إعفاء ضريبيا لمدة 10 سنوات من تاريخ بداية نشاطه الاستثماري عام 1989 حتي عام 1999 طبقا للمزايا الممنوحة لرجال المال والأعمال بالقانون رقم (43) لسنة 1974 وتعديلاته التي بلغت حوالي 8 تعديلات منذ ذلك التاريخ حتي صدور القانون رقم (8) لسنة 1997، ولم تعرف مصلحة الضرائب طريقا إلي مصانع عز إلا بعد عام 2000.
وطوال فترة الإعفاء الضريبي قدرت الأرباح الصافية للرجل بحوالي 15 مليار جنيه لم يسدد عنها أي ضرائب للخزانة العامة للدولة، مقابل استفادته بكل المزايا الجمركية، والتسهيلات الائتمانية والتسعير المتدني لمصادر الطاقة مثل الغاز الطبيعي والسولار وغيرها.

كما قدم عز قائمة ميزانياته المجمعة والتفصيلية لمصلحة الضرائب عن عامي 2001 و2002، وسدد عنها ضرائب بقيمة 200 مليون جنيه للسنة الأولي و21 ملايين جنيه في السنة الثانية، ثم جري فحص دفاتر الشركة ضريبيا عن عامي 2003 و2004، ومازال هناك خلاف ونزاع بين المصلحة وعز تناقشها لجان الطعن الداخلية التي يتحكم فيها صديقه وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي، ومن ثم فلم يجر تسديد المستحقات الضريبية عن هذين العامين، أما أعوام 2005 و2006 و2007 فمازالت في طور تقديم الميزانيات والفحص ولم يسدد عنها الضرائب المستحقة وفقا لما ورد في القوائم المالية التي نشرها المحاسب القانوني للشركة.
ومن هنا فإن الرجل الذي حقق أرباحا منذ بداية نشاطه عام 1989 وحتي النصف الأول من عام 2008 نقدرها بحوالي 25 مليار جنيه لم يسدد سوي 410 ملايين جنيه عن عامين فحسب من نشاطه وهيمنته علي صناعة الحديد والصلب في مصر، فعن أي ضرائب يتحدث إمبراطور الحديد؟

كواليس الرجل الحديدي

من أكثر القضايا تعقيدا وحساسية في التحليل المالي والمحاسبي لأداء الشركات عموما، وشركات رجال المال والأعمال خاصة يمكن إجمالها في سؤالين الأول : كيفية احتساب بنود تكاليف الإنتاج أو التشغيل، والثاني: كيفية ضبط واحتساب بند "الإهلاك والاستهلاكات".
فتحت بند الإجابة عن هذين السؤالين هناك الكثير من أساليب التلاعب المالي والاقتصادي، أحيانا بهدف إظهار الأرباح بأقل من قيمتها الحقيقية، وبالتالي التهرب من الضرائب المستحقة علي النشاط، وأحيانا بدوافع وظيفية وسياسية خاصة لدي شركات القطاع العام السابق.
ولكن كقاعدة عامة فإنه في أنشطة وشركات رجال المال والأعمال والقطاع الخاص، عادة ما يلجأ المحاسب القانوني ومسئولو القطاع المالي في هذه الشركات، إلي المبالغة في أرقام بنود التكاليف وبنود الإهلاك والاستهلاك بهدف إظهار الأرباح بأقل من قيمتها الحقيقية، وبرغم أن قانون ضرائب الدخل الجديد رقم (91) لسنة 2005 يضفي مشروعية علي هذه العملية حيث وضع القانون نظاما جديدا لحساب الإهلاك يسهل علي رجال المال والأعمال هذه الممارسة المحرمة في كل النظم الضريبية المحترمة.
من ناحية أخري فإننا لا نستطيع أن نحدد بدقة ما جري في حالة شركات عز، وذلك لأن الجداول المنشورة عن الميزانية المجمعة مجرد جداول مختصرة وليست تفصيلية بما لا يكفي لتحليل بنود التكاليف بدقة، ولا بنود الإهلاك والاستهلاك، ومن ثم فإننا نطالب إمعانا في الشفافية بنشر البيانات التفصيلية للتعرف مثلا علي العناصر التالية : تكاليف الوقود، وتكاليف المواد الخام المستوردة أو المنتجة محليا، وتكاليف عمليات الصيانة والإحلال. وتكاليف الأجور والمرتبات الحقيقية. وذكذلك تكاليف بنود التبرعات وإلي اين وجهت.
علي أي حال فإن تكاليف المبيعات (التشغيل) في شركات أحمد عز في الستة شهور الأولي من عام 2008 بلغت 8.3 مليار جنيه مقابل 5.9 مليار جنيه في الفترة المماثلة من العام السابق، ونحن نميل إلي الاعتقاد بأن هناك مبالغة في قيمة هذه التكاليف، خاصة ما يتعلق منها باستيراد مادة "البليت" الذي أرجع إليه السيد أحمد عز ومعاونوه في الشركة سبب ارتفاع أسعار بيع منتجاته بصورة فلكية خلال العام الماضي تحديدا.

الغاز الطبيعي وتصدير الحديد.. ملفات عز المسكوت عنها

من الحكايات المسكوت عنها في أنشطة السيد أحمد عز علي الصعيد الاقتصادي ملفان: الأول حجم الدعم الضخم الذي حصل عليه الرجل سنويا من خلال تقديم الوقود له ولشركاته بأسعار تقل كثيرا جدا عن الأسعار المعقولة والمتوافقة مع الأسعار الدولية، وهل هذا كان يمثل إهدارا للمال العام لصالح هذا الرجل وأمثاله من رجال المال والأعمال؟
والثاني هو السماح له - وغيره من رجال الأعمال - بالتصدير الواسع لمنتجاته إلي الأسواق العالمية مستفيدا من فروق الأسعار في مدخلات الإنتاج من الطاقة والغاز مقارنة بالأسعار الدولية لتلك المدخلات، ويضاف صافي الربح من تلك العملية إلي حساب تلك المشروعات وربما في حسابات خارجية.

علي أي حال، لقد ظلت شركات السيد "أحمد عز" ونظرائه من رجال أعمال الدولة (محمد أبوالعينين - فريد خميس وغيرهما) يحصلون علي المتر المكعب من الغاز الطبيعي والكهرباء والسولار والمازوت وغيرها من مصادر الطاقة بأسعار مخفضة جدا حتي 30/8/2007 حينما أعلن وزير الصناعة والتجارة (رشيد محمد رشيد) بداية تحريك الأسعار بقروش قليلة لا تغني ولا تسمن من جوع، فلنتأمل معا تلك الأسعار والتعديلات المقترحة عليها والتي جري تطبيقها منذ ذلك التاريخ في الجدول المنشور.
وهو الجدول الذي يوضح أن شركات السيد أحمد عز وغيره من كبار رجال المال والأعمال ظلوا لسنوات طويلة يحصلون علي المليون وحدة حرارية وهي وحدة القياس الدولية (تساوي 28.6 متر مكعب) بأقل من دولار واحد، في حين كان متوسط سعره في السوق العالمية (حينما كان سعر برميل النفط أقل من 30 دولاراً) يتراوح بين 3.5 دولار إلي 6 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وهو نفس الأمر الذي تكرر في مصادر أخري للطاقة بما يعني أن الخزانة العامة التي تمول التعليم وصحة الفقراء ورصف الطرق وغيرها من الخدمات الحيوية قد خسرت حوالي ثلاثة مليارات جنيه سنويا خلال السنوات العشر الماضية ذهبت لصالح هؤلاء، وإذا أردنا مزيداً من الدقة العلمية إلي حوالي 40 مصنعا في مصر تستخدم الطاقة بكثافة وتحصل علي 55% من الطاقة المخصصة للقطاع الصناعي، وحوالي 75% من دعم الغاز الطبيعي، وحوالي 61% من دعم الكهرباء، وقد زادت قيمة هذا الإهدار والنهب للخزانة العامة بعد ارتفاع أسعار برميل النفط من 30 دولاراً عام 2003 إلي 100 دولار في المتوسط خلال العامين الأخيرين.
وقد ترتب علي ذلك أن زادت شهية رجال مثل أحمد عز إلي التصدير للخارج والاستفادة بتلك الميزة التنافسية، وهو ما تظهره بيانات مركز معلومات مجلس الوزراء حينما أشار إلي أن صادرات مصر من الحديد والصلب قد زادت من 134.4 مليون دولار عام 2000 إلي أن بلغت 747.1 مليون دولار عام 2007، أي بخمسة أضعاف تقريبا، كان نصيب السيد أحمد عز هو الأكبر حيث تجاوز الثلثين تقريبا.
و السؤال هنا - ونترك إجابته للجميع - أليس ما يحدث نهباً منظماً لثروات الشعب لصالح أحمد عز وشركاه.

التعليقات