اللاجئون العرب في السويد..جرائم وبطالة

اللاجئون العرب في السويد..جرائم وبطالة
غزة-دنيا الوطن
يتذكر العالم هذا الأسبوع آلاف اللاجئين المنتشرين في بقاع الأرض الذين شردهم العنف والحروب والفقر والجوع من بلدانهم. ويحل اليوم العالمي للاجئين كل عام ليسلط الضوء على معاناة آلاف البشر وصراعهم اليومي. وعلى الرغم من المآسي الكثيرة في العالم، التي تدفع السكان في عدد كبير من البلدان الى الهجرة، وخصوصا في دارفور، الا ان العراق الذي يشهد نزوح نحو 50 ألف عراقي في الداخل والخارج شهريا، لا يزال يعتبر من أحد أكثر البلدان التي تصدر لاجئين الى العالم. ومن بين هؤلاء اللاجئين، يحلم عدد كبير منهم بالعيش في اوروبا، وخصوصا في السويد التي ينظر اليها على انها من أكثر البلدان انفتاحا على اللاجئين. «الشرق الأوسط» زارت مدينة غوتنبرغ السويدية التي تستقبل آلاف اللاجئين العراقيين سنويا، وعادت بهذا التحقيق. الحرارة كانت مرتفعة في انغرد، احدى ضواحي مدينة غوتنبرغ السويدية. الشمس التي لا تغيب أكثر من ثلاث ساعات يوميا عن المدينة، رفعت من حرارة مياه نهر غوتا وجعلتها دافئة، ومغرية للسباحة. على إحدى ضفاف النهر الذي يقسم غوتنبرغ الى نصفين، توزعت عائلات لا تشبه بعضها، على العشب الأخضر، تستمتع بأشعة الشمس وبيوم جميل. على مسافة قريبة من المياه، جلست عائلة سويدية بلباس البحر. الأم والأب منشغلان بالقراءة، والأولاد يسبحون في النهر. بالقرب منهم، تمددت عائلة سويدية أخرى تشبهها بهدوئها وتصرفاتها. خلفهم، على بعد بضعة أمتار، تربعت عائلات عراقية كردية، حافية القدمين، على حصيرة كبيرة افترشتها على العشب. دقائق وبدأت النسوة اللواتي ارتدين سراويل وقمصانا فاتحة اللون، يفرغن الأكياس التي نقلها الرجال من السيارات، ويخرجن منها طناجر وصحونا وأكوابا وأواني مختلفة. لم يتطلب تحضير المائدة أكثر من خمس دقائق. الرجال والشبان كانوا ينتظرون بفارغ الصبر بدء الوليمة، ويتسامرون بصوت مرتفع ويتبادلون النكات والقهقهات. أما النساء فمنشغلات بتوزيع «الدلمة»، نوع من المأكولات الكردية، اضافة الى اللبن الذي حضرنه في المنزل...

أبعد بقليل، تجمع بضعة شبان أكراد، يستمعون الى موسيقى كردية على آلة تسجيل بحوزتهم. تارة يتحدثون وطوراً يضحكون. ثم ما لبثوا أن بدأوا بتبادل النكات مع العائلة التي تتناول «الدلمة»، فامتزجت الكلمات بالضحك والموسيقى..

في الجهة المقابلة، تربعت ثلاث نساء محجبات وفتاة مراهقة على حصيرة صغيرة، تشوين الدجاج على «المنقل»، ويأكلن التبولة ومقبلات لبنانية أخرى. كن يتبادلن أحياناً كلمات مختصرة. على مقربة منهن، جلس رب العائلة، رجل ضخم ذو لحية بيضاء، على كرسي. ينفخ في نرجيلته، ويتناول الطعام، ويتحدث الى رجل جالس على كرسي بجانبه. هذه الصورة المسالمة لعائلات مجتمعة في مكان واحد تستمتع بيوم جميل، تخفي في باطنها قصصاً كثيرة تختلف عن الهدوء الظاهر والمغلف بجمال المشهد العادي.

صحيح أن العرب أصبحوا جزءاً من الحياة اليومية في السويد، كما في العديد من البلدان الاوروبية، ولكن وجودهم في هذا البلد الذي طالما حلموا بالعيش فيه لمثاليته واحترامه حقوق الانسان، لا يعني بالضرورة ان حلمهم تحقق وأن المجتمع السويدي تقبلهم بعاداتهم واختلافاتهم، أو أنهم يعيشون فيه بهدوء وسلام.

قصة السويد مع اللاجئين ليست بجديدة، ولم تبدأ مع العراقيين. فبعد الثورة الايرانية، والتي اعقبتها حرب ايران ـ العراق، استقبلت السويد عددا كبيرا من اللاجئين الايرانيين. وبعد حرب البلقان بين الصرب والكروات والبوشناق، أوت الكثير من اللاجئين من هذه المنطقة. وخلال الحرب الأهلية في لبنان، شهدت السويد أيضا موجة لاجئين لبنانيين. ومنذ عام 2003 وحتى اللحظة، يصل الى السويد آلاف العراقيين من طالبي اللجوء. معظم هؤلاء يدخلون البلاد سرا، وبطرق غير مشروعة.

مقارنة مع سائر البلدان الأوروبية، تستقبل السويد أكبر عدد من اللاجئين العراقيين. ووفقاً لاحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، فإن 41920 عراقياً تقدموا منذ عام 2006 بطلبات لجوء الى البلدان الاوروبية، نصفهم تقريباً في السويد.

وفي العام الفائت وحده، سجلت دائرة الهجرة في السويد 36207 طلبات لجوء، 18559 منها مقدمة من لاجئين عراقيين. وبحسب وزير الهجرة توباس بلستروم، فإن بلاده تأوي بين 80 ألفا و120 ألف لاجئ عراقي، وتعتبر الجالية العراقية ثاني جالية أجنبية في السويد بعد الجالية الفنلندية. «لطالما حلمت بالعيش في السويد بسبب صيتها الذائع عن معاملتها للاجئين، وتأمين المسكن والمأكل والمشرب لهم. ولكن الآن وقد وصلت الى هنا بعد عناء طويل ورحلة أشهر في البر والبحر، لا أدري بماذا أفكر. لدي كل شيء يؤمن لي الراحة من دون أن أعمل، ولكنني أشعر أنني معزول والملل يقتلني..»، كلمات وسام العراقي الذي وصل الى غوتنبرغ من سنتين ومنح حق اللجوء، هي صدى لكلمات الآلاف من اللاجئين أمثاله. حلموا بالسويد البلد المثالي ووصلوا اليه ليصطدموا بحائط يعزلهم عن السويد الحقيقية، السويد التي يعيش فيها السويديون.

في غوتنبرغ، ثاني أكبر مدن السويد بعد العاصمة استوكهولم، يشكل اللاجئون نحو 20 في المائة من السكان الذين يبلغ عددهم نحو 500 ألف نسمة، والعراقيون يشكلون الاكثر عددا. ويتمركز اللاجئون وحملة الجنسية السويدية من المولودين في الخارج، في الضواحي الشمالية الشرقية للمدينة، وتحديدا في انغرد. يلبو، الواقعة في مقاطعة انغرد، هي منطقة سويدية بالاسم فقط. هنا يعيش أكثر من سبعة آلاف نسمة، 90 في المائة منهم من اللاجئين، جزء كبير من هؤلاء من العرب، وخصوصا العراقيين الذين تتكاثر أعدادهم يوما بعد يوما.

في ساحة يلبو الرئيسية، تتنقل النساء بين محلات الخضار و«السمانة»، ويحاججن الباعة بالعربية. البضائع والمأكولات التي اعتدن شراءها في بلدانهن، كلها موجودة هنا. واللغة ليست عائقا، فأكثرية البضائع مكتوب عليها بالعربية. فصاحب أكبر محل «سمانة» في الساحة، الحاج زهير القادم من بيروت، يستورد الكثير من بضاعته من سورية ولبنان. ترك الحاج زهير لبنان منذ 18 عاما قادما الى السويد، وانتقل الى يلبو منذ نحو خمسة اعوام، لأنه اراد العيش بين الجاليات العربية. داخل مكتب صغير متواضع، جلس الحاج زهير سنو ينظر الى صورة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري رفعها على احدى الخزانات أمامه. ويقول: «لا يمكنني التذمر من وضعي هنا، فلدي عملي الحمد لله، ومنزلي وعائلتي التي لا ينقصها شيء. ولكنني أحب ان اعود الى لبنان واعيش بين أصدقائي». مثل زهير، كثيرون في يلبو. ويشرح ان «سكان هذه المنطقة يعيشون في دولة مستقلة عن السويد لا تختلط بالسكان السويديين». ورغم انه تعلم اللغة السويدية عند وصوله الى البلاد منذ 18 عاما، الا انه نسيها بعد أن انتقل الى يلبو، حيث لا حاجة للتكلم بالسويدية مع سكان أغلبيتهم من العرب. يلبو هي جزء من «مشروع المليون» الذي نفذته الحكومة السويدية في منتصف الستينات لبناء مليون وحدة سكنية في انحاء البلاد بأسعار غير مرتفعة. وتحولت هذه المنطقة شيئا فشيئا عبر السنوات الى قطعة معزولة لا تشبه الا نفسها. السويديون انتقلوا منها تدريجياً مع ازدياد أعداد اللاجئين الذين وفدوا اليها، الى درجة بات السويديون في يلبو اليوم يشعرون بأنهم هم الأجانب، والأجانب هم المواطنون.

الا ان وجود اللاجئين وحده هو السبب الذي يدفع السويديين الى الابتعاد عن يلبو. منذ بناء المجمعات السكنية فيها والتي انتهى العمل فيها في منتصف السبعينات، لم تجذب المنطقة الكثير من السويديين الذين يعتبرون هندستها بشعة ومحبطة، مثلها مثل المناطق الأخرى التي شكلت جزءا من مشروع المليون الذي لاقى انتقادات واسعة. فالمجمعات أشبه بكتل اسمنتية بشعة مصفوفة الى جانب بعضها البعض، لتكون شققا سكنية. وعلى الرغم من وجود مساحات خضراء في هذه المجمعات، الا انها لا تظلل بشاعة العمران.

مازن صالح، عراقي تجاوز العقد الرابع من العمر. وصل الى يلبو منذ تسعة أشهر، بعد رحلة استمرت لعشرة ايام قضاها مختبئاً تحت غطاء في شاحنة كبيرة، يتناول البسكويت والماء. يروي مازن قائلا: «لي أصدقاء هنا، اتفقت معهم على ان آتي وأسكن معهم مؤقتا، في الوقت الذي أنتظر فيه الجواب على تقدمي بطلب للجوء. عندما وصلت سلمت نفسي للشرطة. استجوبتني الشرطة طوال يوم كامل، وقلت لهم انني اريد التقدم بطلب لجوء. والآن انا انتظر. اعيش على معونة اتلقاها من الدولة وامضي يومي من دون ان افعل الكثير».

حالة مازن ليست فريدة من نوعها. غالبية العراقيين الذين يصلون البلاد، يدخلونها سرا عن طريق المهربين، اما برا بالانتقال من بلد الى آخر عبر تركيا والمغرب، وصولاً لأوروبا، وإما في الطائرة عبر جواز سفر مزور.

وفي الإجمال، فإن غالبية الذين يدخلون البلاد سرا، يأتون للاقامة مع أقارب او أصدقاء. وهذا ما يفسر تكاثر سكان يلبو بصورة كبيرة يوماً بعد يوم، مع الوصول المتزايد لأشخاص ينتظرون الموافقة او الرفض على طلب اللجوء. وفي هذه الأثناء، تجدهم يتسكعون طوال اليوم من دون أن يفعلوا الكثير. بعضهم، يحضر صفوف تعلم اللغة السويدية التي تقدمها لهم المؤسسات الرسمية والخيرية مجانا. والبعض الآخر يفضل الجلوس والمشي طوال اليوم. يقول علي، القادم من العراق حيث كان يعمل حدادا: «أنا لا أعمل الان. هنا، الكل عاطلون عن العمل. نقضي وقتنا بالتسكع. بعضنا يشارك في صفوف تعلم اللغة كي تصرف لنا تذكرة القطار. فاذا سجلنا حضورنا في المدرسة، نحصل على تذكرة القطار مجانا لشهر كامل، وهكذا يمكننا التوجه الى وسط المدينة والتنزه هناك قليلا».

أن يجد اللاجئون عملا في السويد، ليس بالأمر السهل، حتى ولو كانوا يحملون أوراق الاقامة الشرعية وحق العمل. اللغة تشكل عائقا اساسيا لدى شريحة كبرى منهم، ولدى البعض الآخر مجرد جنسيتهم قد تكون العائق. «أوبن سوسايتي انستيتوت»، وهي منظمة غير حكومية يمولها رجل الاعمال المليونير جورج سورس وتصدر تقارير دورية عن قضايا مختلفة داخل بلدان الاتحاد الاوروبي، أصدرت تقريرا العام الماضي عن أحوال المسلمين في السويد، علما بان المسلمين يشكلون العدد الاكبر من اللاجئين القادمين من بلدان من خارج الاتحاد الاوروبي. وتقول المنظمة في تقريرها استنادا الى احصاءات جمعتها من أطراف مختلفة، ان «الاشخاص الذين لديهم خلفية أجنبية، وخصوصا أولئك الذين يعيشون في أماكن أكثر فقرا، يواجهون امكانية البقاء عاطلين عن العمل أكثر من بقية السكان». وتضيف: «بما ان الاحتمال الأكبر هو ان يبقى الاجانب عاطلين عن العمل، او انهم سيعملون في مجالات لا تتناسب مع مستوى علمهم، فانه من الواضح ان الاشخاص غير المولودين في السويد ليسوا مندمجين في المجتمع». علي، الذي كان يعمل حدادا في العراق ويحمل الجنسية السويدية، مرّ على وجوده في البلاد اكثر من سبع سنوات، ويقول انه لا يجد عملا في غوتنبرغ حتى كسائق لسيارة اجرة. يريد الذهاب الى انكلترا ليجرب حظه هناك. قيل له انه «من الاسهل ايجاد عمل في لندن». وزير الاندماج والمساواة بين الجنسين السويدي نيامكو سابوني، يقول: «عدد غير مقبول من المهاجرين، مستبعدون في مجتمعنا. البطالة والدخل المنخفض والاعتماد على الرعاية الاجتماعية، كلها تؤدي الى العزلة. العمالة هي جزء مهم من الاندماج». ورغم ان الحكومة بدأت بتنفيذ خطة لدمج اللاجئين في المجتمع، الا انها تبدو بعيدة عن تحقيق هذا الهدف حتى الان. وبانتظار ذلك، يقضي عدد كبير من سكانها وقتهم بـ«الاندماج» مع بعضهم البعض. الا ان هذا الاندماج الداخلي، يؤدي أحيانا كثيرة الى نتائج سلبية وغالبا ما يترجم الاختلاف الثقافي بينهم الى مشاكل وحتى جرائم. في يلبو، يعيش وافدون يحملون جنسيات مختلفة. الى جانب العراقيين والاكراد واللبنانيين، تقطن شريحة كبيرة من الاتراك والايرانيين والصوماليين. وهنا، في هذه الدولة المستقلة، العزلة ليست المشكلة الوحيدة. فنسبة الجريمة المرتفعة نسبيا تشكل عازلا اضافيا لهذه المجموعات.

لينجا، فتاة في السادسة عشرة من العمر، وهي عراقية كردية قدمت الى السويد منذ حوالي خمس سنوات، تقول ان اخبار الجرائم أصبحت يومية في انغرد. وأنه كل يوم أو يومين على الاكثر هناك خبر عن اعتداء او اشكال او جريمة قتل او محاولة قتل. الحاج زهير سنو، صاحب محل السمانة اللبناني في يلبو، يقول ان كل يومين على الاكثر يسمع السكان بخبر اعتداء او جريمة تقع اما بين أفراد الجالية نفسها، أو بين أفراد من جاليات مختلفة. ويروي عن حادث وقع قبل يومين بين لبنانيين وصوماليين، استعملت فيه السكاكين وطعن نحو أربعة أشخاص، قتل أحد الصوماليين على أثرها. ويقول ان حوادث كثيرة تقع بين عصابات من جنسيات مختلفة، عراقيين واتراك وصوماليين... وانه في أغلب الاحيان تكون المشاكل بين الذين هم في سن الشباب او المراهقة. ويروي ان الشرطة التي تحقق دائما في الجرائم والحوادث تفشل في احيان كثيرة بالقبض على مرتكبيها، وإذا ما قبضت عليهم، تأتي الأحكام مخففة جدا. «الجريمة هنا سهلة جدا، والشرطة لا تستطيع ضبطها. فاذا تمكنت من القبض على المجرم الذي يختبئ أحيانا كثيرة، لا تتعدى بضعة أشهر، يخرج بعدها الشبان من السجن بحيل جديدة، ويعيدون الكرة. أما اذا كانوا دون السن القانونية، ففي كثير من الحالات ينفذون بفعلتهم».

فيليبي استرادا، من وحدة مكافحة الجرائم التابعة للحكومة السويدية، يوضح أن نسبة الجرائم مرتفعة بين اللاجئين، وأن بعض الجرائم تحصل بسبب اختلاف الثقافات، مثل جرائم الشرف بين اللاجئين القادمين من مجتمعات قبلية. ويعتبر استرادا، الذي وصل هو نفسه الى السويد كلاجئ من تشيلي، ان «العيش بين مجموعات مماثلة من اللاجئين لا يساعد على الاندماج في المجتمع، وان البقاء مع أشخاص عاطلين عن العمل يشجع على البطالة»، مشيرا الى ان هذا الامر يؤدي الى مشاكل كثيرة. ويقول: «ان اندماج اللاجئين في السويد لم يكن ناجحا حتى. فالشعب السويدي لا يتقبلهم والتمييز يلعب دورا أساسيا في عدم اندماجهم بالمجتمع». ويؤكد استرادا ان السلطات تشجع اللاجئين على السكن في اماكن لا تضم الكثير من اللاجئين مثلهم، لكن التجاوب مع هذا الطلب ليس كبيرا.

كثيرة هي الجمعيات التي تساعد اللاجئين على الاندماج في المجتمع، وخصوصا الكنيسة اللوثرية في السويد، من خلال تأمين دروس مجانية في اللغة، وتعريفهم على المجتمع السويدي ومساعدتهم على الدخول الى سوق العمل. ويشير الكاهن هنريك فريغبيرغ، الذي يخدم في كنيسة في هاماركولن، وهي منطقة قريبة الى يلبو وتضم أيضا نسبة مرتفعة من اللاجئين، الى أن الكنيسة بدأت منذ ثلاث سنوات تطبيق برنامج يساعد اللاجئين على الاندماج في المجتمع. ويقول ان المساعدات تشمل جميع الطوائف وليس فقط المسيحيين. ويتحدث عن صعوبات تواجهها الكنيسة في التعاطي مع بعض الفئات، وخصوصا غير المتعلمين. يرفض غالبية السكان السويديين الاجابة على ما اذا كانوا يتقبلون وجود اللاجئين في بلادهم. ورغم كونهم أشخاصا ودودين، الا ان مجرد ذكر اللاجئين يجعلهم أناساً آخرين، غاضبين ومستائين. على الفور يبادرون الى القول بأنهم لا يريدون التحدث في الموضوع، ويقطبون وجوههم. بعضهم يعبّر عن كرهه لهذا الواقع الذي فرض عليهم، ويمقت وجود «هؤلاء الغرباء» عن بيئتهم ومجتمعهم فيما بينهم. وحدها اوسا ايريكسون، سيدة شقراء كانت تتجول في هاماركولن، برفقة ولدها المصاب بالتوحد، كان ردها مختلفا، مع علمها بأن رأيها حول اللاجئين مختلف عن باقي مواطنيها. قالت: «أنا مسيحية مؤمنة ولذلك لا يزعجني وجودهم هنا. اعرف أنهم بحاجة الى مساعدتي وانا كنت أعمل في منظمة تساعدهم على الاندماج قبل أن أنجب ولدي. اضطررت على ترك عملي للاهتمام به». تعي أوسا حاجة اللاجئين في أن يكونوا مع بعضهم. هي نفسها انتقلت الى هاماركولن لتكون بالقرب من اشخاص يشبهونها، من مسيحيين متدينين، في بلد أغلبية سكانه علمانيين. الا ان الشريحة الكبرى من السويديين يبدون غير مستعدين لتقبل الغرباء الذين فصلوا أنفسهم عنهم ويعيشون في مجتمعهم الخاص ودولتهم الخاصة، كما قال الحاج زهير. قرب البحيرة في انغرد، كانت العائلات السويدية المفترشة الأرض قرب المياه، تلتفت الى الخلف بين الحين والاخر. ترمق «الغرباء» الذين يملأون المكان ضجيجا وموسيقى بنظرات تساؤل... ثم تعود الى عالمها وتتركهم في عالمهم.
*الشرق الاوسط

التعليقات