مطار غزة .. أطلال لأطفال يلهون .. وغربان تبيت

مطار غزة .. أطلال لأطفال يلهون .. وغربان تبيت
غزة-دنيا الوطن

كان الحدث جللاً .. لم نكن نتصور هذا الدمار الهائل الذي سيلحق بواحد من أبرز ملامح السيادة الفلسطينية المفقودة في غزة .. وهو مطار غزة الدولي " .. بهذه الكلمات بدأت هالة التي كانت تلحظ بعيناها حجم الدمار الهائل الذي وقع على مطار غزة الدولي.ومطار غزة هو الأكثر إثارة في غزة، فهو رمز لدولة لا زالت في حالة مخاض طويلة ، شُيد في عهد الرئيس الراحل أبو عمار عام 1998م، بعد مفاوضات طويلة مع إسرائيل.. لكنه الآن عبارة عن ساحة واسعة ومدرجات ممزقة وكومة من الحجارة تعيش وسطها الغربان والفئران.

وتقول هالة وهي إحدى الناشطات الفلسطينيات التي تقطن بجوار المطار لـ"إيلاف" إن مطار غزة كان بمثابة الرئة الجوية الوحيدة لقطاع غزة، حيث كان مليء بالحدائق والأزهار الجميلة والمبني الرائع لإستقبال القادمين أو المغادرين أرض غزة، وهو يعني سياسياً شرعية دولة فلسطينية مرتقبة، بيد أن البلدوزرات وطائرات الـ 16F الإسرائيلية سرعان ما حولته إلى مكبٍ لنفايات السكان الجيران له، وجعلته حطاماً أثراً بعد عين.

قبل العام 2001م كان هناك ما يعرف بمحطة الرادار وأيضاً صالة المسافرين.. لكنها الآن مجرد حجارة تصطف فوق بعضها، حيث تملأ جدرانها ثغرات قصف إسرائيلي وحشي لها.. لقد أصبحت بيوت آمنة للطيور المختلفة ومنها الغربان التي تعشق الأماكن المهجورة، هجرته الطائرات والمسافرون، ومع ذلك بقي كل شيء في الداخل على حاله، فالأرض الرخامية في الصالة لم تفقد لمعانها، ومناضد مراجعة المسافرين جاهزة لممارسة نشاطها، بينما تتدلى الشاشات التي تعلن مواعيد إقلاع ووصول المسافرين فوق المناضد، وظهرت التعليمات على شاشات الكمبيوتر الأخير قبل توقف العمل ورحلات الطيران فيه "رحلة 272 إلى الدار البيضاء ستقلع في موعدها، ورحلة الخطوط الفلسطينية رقم 141 إلى القاهرة تستعد للإقلاع".

مطار ياسر عرفات، أو ما كان يعرف بمطار غزة الدولي، هو رمز لسيادة الدولة، كما يقول خالد العايدي، واحد من 400 شخصا لا زالوا على لائحة موظفي المطار العاملين في المطار، ويضيف: "تعلمي أن الإسرائيليين يسيطرون على حدودنا، أما المطار فكان حالة خاصة. كان السفر عبره أكثر سهولة".

ويتابع العايدي "كان النشاط لا يتوقف في المطار، وكانت الطائرات تحط وتقلع بشكل مستمر، وعدد الركاب مكتمل في الرحلات. كنا نُصدّر الورود والفواكه كالفراولة من غزة إلى العالم الخارجي".

فهؤلاء الموظفين يأتون المطار يوميا ويجلسون هناك بدون عمل، مع أنهم يدركون أن لا طائرات ستحط على أرض المطار، ولا حركة للمسافرين ستملأ المكان.. هم يعتبرون ذلك موقفا مبدئيا يعبرون فيه عن رفض الإذعان للضغط الإسرائيلي وإغلاق المطار، ويعتقدون أن إستمرار إغلاق المطار هو جزء من سياسة إسرائيلية للضغط على الاقتصاد الفلسطيني.

يقع المطار في قطاع غزة في رفح بالقرب من الحدود المصرية، وتعود ملكية وإدارة المطار إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، تديره المطار سلطة الطيران المدني الفلسطينية، لكنه يخضع أيضاً للقيادة الإسرائيلية الجنوبية.

ويقول أحمد الأغا، احد ضباط المطار " لقد كان المطار عندما بدأ العمل، قادراً على نقل 700,000 مسافر سنوياً وكان يعمل على مدار الساعة، وهو المطار الوحيد في الأراضي التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. يبلغ طول مدرجه 3,076 متراً، ويوجد به 19 مبنى، أهمها "المبنى الرئيس في المطار مساحته 4000 متر مربع"، ومصمم وفق العمارة الإسلامية ومزخرف بالقرميد المغربي.

ويضيف الأغا، "أنشئ المطار بتمويل من اليابان ومصر والسعودية وإسبانيا وألمانيا وتم تصميمه على يد معماريين من المملكة المغربية ليكون على شاكلة مطار الدار البيضاء. وقد تم تمويل المهندسين على نفقة العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، حيث بلغت كلفة تجهيزه 86 مليون دولار. وبعد بنائه بعام تم افتتاحه في 24 نوفمبر 1998 في احتفال حضره الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون".ط

مطار غزة "ياسر عرفات" الدولي بالنسبة للفلسطينيين، أحد أهم رموز ومعاني الدولة التي كانوا يأملون ببنائها حين جلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي عن الضفة الغربية وقطاع غزة.. ورغم جلاء الإحتلال الإسرائيلي عن غزة، فلا زال الوقت مبكرا لانتظار من وجهة النظر الإسرائيلية، على الأقل، لعودة الركاب والطائرات إلى مطار ياسر عرفات الدولي من جديد.

*ايلاف

التعليقات